الحزب الشيوعي الصيني يستعين بوسائل التواصل الاجتماعي

تعلمت بكين  كيفية  توظيف التواصل الاجتماعي لجذب الجمهور
تعلمت بكين كيفية توظيف التواصل الاجتماعي لجذب الجمهور
TT

الحزب الشيوعي الصيني يستعين بوسائل التواصل الاجتماعي

تعلمت بكين  كيفية  توظيف التواصل الاجتماعي لجذب الجمهور
تعلمت بكين كيفية توظيف التواصل الاجتماعي لجذب الجمهور

باستفادته من المشاهير ومن خلال درايته الفنية بشركات التكنولوجيا والصور المصممة لوسائل التواصل الاجتماعي، استطاع الحزب الشيوعي في الصين تحريك الروح الوطنية بين الشباب.
راح يونغين يردد أغنية «أهلي، بلادي» طيلة الأسبوع الماضي، وهي أغنية وطنية دعائية صينية انتشرت منذ عام 1985. الأغنية ليست بحجم أغاني مشاهير الغرب، وليست من أغاني «البوب» الحديثة التي يهوى الشباب سماعها.
وبدورها، شاهدت «لو» وزميلاتها فيلمًا صينياً يحمل نفس الاسم ويصور الأحداث الكبرى في التاريخ الصيني الحديث، ويصور أول اختبار للقنبلة النووية، وكذلك استعادة هونغ كونغ من بريطانيا، وافتتاح أولمبياد بكين وغيرها من الأحداث من خلال عيون الناس العاديين.
وحسب «لو»، فإن أغنية الفيلم الرئيسية هي نسخة معدلة من أغنية عام 1985 التي غنّتها المطربة الصينية الرائعة فاي ونغ. وقالت «لو» إنها جعلتها تبكي وجعلت عينيها وصديقاتها تغرورق بالدموع.
انهالت دموعهن مرة أخرى في أثناء مشاهدة موكب اخترق شوارع بكين الأسبوع الماضي احتفالاً بالذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وهو موكب غني بصور التقدم والتضحية والفداء.
من السهل نفي المنطق القائل إن هذا التدفق الوطني دليل على نجاح الحزب الشيوعي في غسل عقول الشعب الصيني أو إنه نتاج للمراقبة المكثفة والتكتيكات القاسية ضد المنشقين.
لكن الحقيقة أكثر تعقيداً من هذا في الواقع، حيث لا يتردد الحزب الشيوعي في استخدام سلطة الدولة لإجبار الشعب الصيني على التفكير بأسلوب معين. لكنّ العروض الوطنية، خصوصاً عروض الشباب، أظهرت أيضاً أن آلة الدعاية للحزب قد أتقنت استخدام قوة الرمز في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية.
لهذا السبب لم تتمكن «لو» من التوقف عن غناء أغنية تعلمتها لأول مرة في فصل دراسي بمدرستها الابتدائية. تقول: «كانت الأغنية جميلة. لكنها كانت جزءاً من التعليم الوطني، لذلك شعرت بالإكراه»، لكنها استطردت: «لكن بعد أن شاهدت الفيلم والعرض العسكري، رددت الأغنية من أعماق قلبي».
ربما لا تزال بكين تكافح للتأثير على العالم الخارجي بشكل أكثر فاعلية، لكنها تعلمت في الداخل كيفية التنافس مع مقاطع الفيديو القصيرة وأفلام هوليوود وألعاب الهواتف المحمولة من أجل جذب انتباه الجمهور. وتعلم الحزب الشيوعي أيضاً، من خلال فرضه رقابة مشددة، الاعتماد على أشهر الفنانين وشركات الإنترنت الأكثر خبرة لمساعدته في غرس الحماسة الوطنية في أعماق الصينيين.
سيكون سماح الصين باستخدام تطبيق «إنستغرام» على أرضها أكبر دعاية للتطبيق. فقد سارع الكثير من الناس لإضافة العَلَم الوطني لصور ملفهم الشخصي على منصة التواصل الاجتماعي «وي تشات». وعلى منصة «دوين»، وهي النسخة الصينية من منصة «تيك توك» لمقاطع الفيديو القصيرة. ويقوم أكبر نجوم الترفيه في الصين والأشخاص العاديين على حد سواء، ببث مقاطع فيديو تُظهرهم يضعون أيديهم في شكل قلب على صدورهم. اللافت أنه جرى تشغيل مقطع وطني مصور لأغنية «أهلي... بلادي» أكثر من 73 مليون مرة عبر تطبيق الفيديو «تينسنت» الذي يعد أحد مواقع الفيديو الكبيرة الثلاثة.
من جانبه، قال دالي يانغ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو: «حتى لو استبعدنا بعض الناس الذين يُخفون آراءهم السلبية عن النظام، فإن مستوى الدعم للدولة الحزبية لا يزال مرتفعاً للغاية مقارنةً بالدول الأخرى».
هناك عدد من العوامل الأخرى، بما في ذلك الاضطرابات في هونغ كونغ، حيث تسبب المتظاهرون الغاضبون الذين أبدوا كرههم للحكومة الصينية في أن يعبر الكثير من الصينيين عن فخرهم ودفاعهم عن إنجازات بلادهم.
وبشكل عام، فإن الشعب الصيني لديه أسبابه للتباهي بإنجازاته. ففي خلال 40 عاماً، أخرج الصينيون بلادهم من الفقر وجنّبوها ويلات الحرب والاضطرابات التي ابتُلي بها معظم بلدان العالم النامي. تواجه الصين الحديثة مشكلاتها الذاتية، لكنّ معظم الصينيين يعتقدون أنها لا تزال نابضة بالحياة ومليئة بالفرص.
لقد استفاد الحزب الشيوعي من هذا الشعور ونجح في إزالة الخط الفاصل بين حب البلد وحب الحزب. ولأول مرة ظهرت أعلام الحزب الشيوعي وجيش التحرير الشعبي في العرض العسكري إلى جانب العَلَم الوطني، لكنّ عَلَم الحزب تقدم في المسيرة على العَلَم الوطني.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

يوميات الشرق الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

تُحاور «الشرق الأوسط» الفنان الأميركي أندرو سكوت الشهيرة حساباته في مواقع التواصل، والمعروضة أعماله حول العالم؛ من إيطاليا وألمانيا إلى نيويورك.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

انحسار الصحف المحلية والإقليمية يؤدي إلى «صحارٍ إخبارية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.