الصناعات الأميركية تتعثّر... والبيت الأبيض يصر على متانة الاقتصاد

في 30 سبتمبر حمّل حاكم لويزيانا الديمقراطي حروب ترمب التجارية مسؤولية إفلاس «بايو ستيل» لصناعة الصلب (أ.ب)
في 30 سبتمبر حمّل حاكم لويزيانا الديمقراطي حروب ترمب التجارية مسؤولية إفلاس «بايو ستيل» لصناعة الصلب (أ.ب)
TT

الصناعات الأميركية تتعثّر... والبيت الأبيض يصر على متانة الاقتصاد

في 30 سبتمبر حمّل حاكم لويزيانا الديمقراطي حروب ترمب التجارية مسؤولية إفلاس «بايو ستيل» لصناعة الصلب (أ.ب)
في 30 سبتمبر حمّل حاكم لويزيانا الديمقراطي حروب ترمب التجارية مسؤولية إفلاس «بايو ستيل» لصناعة الصلب (أ.ب)

بدأ الانتعاش الذي شهدته الصناعات الأميركية يتداعى في عهد الرئيس دونالد ترمب، بعد التحسن الذي شهده القطاع لفترة وجيزة خلال سنواته الأولى في السلطة.
وبدأت مصانع السيّارات والصلب تغلق أبوابها في وقت تعلن الشركات تسريح موظفين ومنحهم إجازات من دون راتب. ووصل إنتاج المصانع إلى مرحلة الخطر.
وتبدو التوقعات لنهاية العام غير مطمئنة، مع تزايد المخاوف من احتمال دفع حروب ترمب التجارية مع الصين وأوروبا عبر فرض رسوم جمركية على منتجات بقيمة مليارات الدولارات أكبر قوة اقتصادية في العالم باتّجاه الركود على وقع تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وتشكّل سوداوية المشهد في مناطق البلاد التي أهدت ترمب الفوز بفارق ضئيل العام 2016 مصدر القلق الأبرز بالنسبة للرئيس في وقت يسعى إلى الفوز بولاية ثانية العام المقبل. لكن يبدو أن البيت الأبيض غير مستعد للإقرار بذلك. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، مع تباطؤ خلق فرص عمل جديدة وتراجع ثقة المستهلكين والمؤشرات الرئيسية وتباطؤ نشاط المعامل، هاجم ترمب الديمقراطيين والاحتياطي الفيدرالي وكل شيء عدا سياسته التجارية متّهماً وسائل الإعلام بـ«استجداء» حدوث ركود.
وقال ترمب في مؤتمر صحافي بتاريخ 25 سبتمبر: «ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي بشكل ملموس. بلدنا أقوى اقتصاديا من أي وقت مضى».
لكن في الواقع، تراجع مؤشر معهد إدارة التوريد الصناعي، الذي يعد مقياس صحة المصانع الأميركية الأكثر متابعة، إلى مستوى الخطر في أغسطس (آب) لأول مرّة منذ ثلاث سنوات. وبعد أسبوع من تصريحات ترمب، تراجع إلى أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية.
وقال رئيس لجنة المسح التجاري في معهد إدارة التوريد الصناعي تيم فيور لوكالة الصحافة الفرنسية إن التراجع هذا العام كان الأشد خلال القرن برمته. مضيفا أنه «أشبه بهبوط»، محذّراً من تزايد مخاطر حدوث ركود. «أعتقد أنه إذا بقينا تحت 50 (في المائة) لعدة أشهر إضافية، فلن يكون الأمر جيداً كثيراً».
واعتباراً من أغسطس، انخفض عدد العاملين في قطاع الصناعة في كل من ويسكنسن وبنسلفانيا وكارولاينا الشمالية وميشيغان مقارنة بأواخر العام 2018، بحسب بيانات وزارة العمل. وحقق ترمب في بنسلفانيا وويسكنسن وميشيغان، الولايات التي تعد غاية في الأهمية خلال الانتخابات، هامش فوز في 2016 بلغ أقل من 78 ألفا من نحو 14 مليون صوت.
وفي 30 سبتمبر، حمّل حاكم لويزيانا الديمقراطي جون بيل إدواردز حروب ترمب التجارية مسؤولية إفلاس مجموعة «بايو ستيل» لصناعة الصلب والذي تسبب بإلغاء نحو 400 وظيفة.
وفي مقاطعة أوسينا في ميشيغان، حيث ازداد الدعم للجمهوريين في انتخابات 2016 أعلن معمل لصهر الفولاذ تديره شركة «وابتيك» لصناعة القطارات الشهر الماضي أنه سيغلق أبوابه بحلول نهاية العام وسيسرّح 61 عاملاً بسبب «تراجع الظروف بالنسبة للأعمال التجارية».
وفي وقت سابق خلال الصيف، سرّح معمل «إن إل إم كي - يو إس إيه» الروسي للفولاذ نحو مائة موظّف في مقاطعة ميرسر الرائدة في هذا المجال في بنسلفانيا، عازيا الخطوة إلى الرسوم التي فرضها ترمب على ألواح الصلب المستوردة التي يعالجها المصنع.
وفي مقاطعات ويسكنسن وميشيغان التي فاز فيها ترمب، تشكّل الصناعة ما يقارب وظيفة من كل خمس. أما في مناطق الديمقراطيين، فلا تشكّل إلا نحو وظيفة من كل عشر وظائف.
ويشير مارك مورو من معهد «بروكينغز» إلى أنه مع الأخذ في الاعتبار «مدى قدرة الاقتصاد على تشكيل السلوك السياسي، وهو أمر قد لا يحدث في هذه المرحلة (...) قد يكون هذا التباطؤ غير مناسب» بالنسبة لترمب.
وقالت أوليف ماكيثان رئيسة بلدية فاريل في بنسلفانيا حيث معمل «إن إل إم كي» للفولاذ لوكالة الصحافة الفرنسية، إن عمليات تسريح الموظفين شكّلت ضربة كبرى للناخبين في مدينتها. وحمّلت ترمب ورسومه الجمركية المسؤولية.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.