مقتل فلسطيني وإصابة العشرات خلال قمع «مسيرات العودة»

26 ألف حالة اعتقال منذ اندلاع انتفاضة القدس في 2015

أقرباء القتيل الفلسطيني يبكونه في مستشفى بغزة أمس (رويترز)
أقرباء القتيل الفلسطيني يبكونه في مستشفى بغزة أمس (رويترز)
TT

مقتل فلسطيني وإصابة العشرات خلال قمع «مسيرات العودة»

أقرباء القتيل الفلسطيني يبكونه في مستشفى بغزة أمس (رويترز)
أقرباء القتيل الفلسطيني يبكونه في مستشفى بغزة أمس (رويترز)

قتل شاب فلسطيني وجرح العشرات، خلال عمليات القمع التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد مسيرات سلمية على الحدود مع قطاع غزة ونقاط التماس في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، أمس (الجمعة). وتعرض العشرات إلى الاعتقال، بحيث وصل عدد المعتقلين في الأسبوعين الأخيرين وحدهما إلى 167 معتقلاً.
وقالت مصادر اللجنة الشعبية لمسيرات العودة في قطاع غزة إن آلاف الفلسطينيين تدفقوا، عصر أمس (الجمعة)، إلى 5 نقاط على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة للمشاركة في الجمعة 77 لمسيرات العودة السلمية، التي تمت أمس تحت عنوان «المصالحة خيار شعبنا». ووصل الشباب إلى مخيمات العودة في رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة والبريج وسط القطاع، إضافة إلى مدينة غزة وشرق مخيم جباليا شمال القطاع، مرددين شعارات تدعو للوحدة الوطنية. وانتشرت بالمقابل قوات الاحتلال المؤلفة من ألوف الجنود وعشرات القناصة، وكثير من الآليات العسكرية. ومع أن المسيرات توقفت على بعد عشرات الأمتار، فقد أطلق الجنود رصاصهم وقنابل الغاز، فاستشهد مواطن وأصيب آخرون بجراح. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن الشهيد هو المواطن علاء حمدان (28 عاماً)، الذي أصيب بعيار ناري في الصدر شرق جباليا، أطلقها عليه قناص إسرائيلي. وأصيب معه فقط في هذه النقطة 11 شخصاً.
وفي الضفة الغربية أصيب 3 متظاهرين، بينهم ناشط إسرائيلي يهودي جاء متضامناً، وذلك على أثر قمع قوات الاحتلال مسيرة قرية كفر قدوم الأسبوعية السلمية المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق لصالح مستوطني «قدوميم» منذ 16 عاماً. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت القرية ما أدى إلى اندلاع مواجهات أطلق جنود الاحتلال خلالها الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة متظاهرين بالرصاص «المطاطي».
وذكرت المصادر أنه وللمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة يقتحم جنود الاحتلال القرية في ساعات الليل والنهار ويطلقون طائرات مسيرة لمراقبة تحركات الشبان ورصدهم، خصوصاً في وقت المواجهات خلال المسيرة الأسبوعية. وكانت المسيرة قد انطلقت عقب صلاة الجمعة بمشاركة المئات من أبناء القرية وممثلين عن شبيبة الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعدد من المتضامنين الأجانب. وفي بلدة سلوان جنوب القدس الشرقية المحتلة، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس (الجمعة)، طفلين من بلدة سلوان. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال داهمت حي عين اللوزة في البلدة، واعتقلت الطفلين: نصر إياد الأعور (10 سنوات)، وطه عويضة (10سنوات)، أثناء وجودهما في الشارع.
كما داهمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الجمعة، بلدة بيت كاحل شمال غربي الخليل وفتشت عدداً من المنازل فيها. وذكرت مصادر محلية أن عمليات المداهمة والتفتيش شملت عدة منازل. وفي قرية كوبر شمال مدينة رام الله، عثر شبابها على كاميرا تجسس زرعها جيش الاحتلال الإسرائيلي داخل حجر خرساني مموه وضع في مقبرة القرية، لمراقبة المواطنين وتحركاتهم وملاحقة الشبان بهدف اعتقالهم. وقد أحرق الشبان هذه الكاميرا وجهاز إرسال كان مربوطاً بها، وبطارية وعيناً مزروعة داخل حجر مموه، بعد أن قاموا بفحصها والتأكد من صلاحيتها في البث. وتشهد هذه القرية مواجهات شبه يومية مع قوات الاحتلال.
وكان المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان قد نشر تقريراً في شهر أغسطس (آب) الماضي، أشار فيه إلى «أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عززت من نصب أجهزة وكاميرات المراقبة بالضفة». وأوضح التقرير أن «أجهزة أمن الاحتلال تحاول تحقيق الفائدة القصوى من أجهزة الرصد والمراقبة التي نصبتها خلال السنوات الأخيرة في مختلف أرجاء الضفة الغربية المحتلة، التي تزود الاحتلال بمعلومات ذات قيمة كبيرة في التحقيق وتعقب الفلسطينيين».
وأوضح أن «الحديث يدور حول كاميرات مكشوفة وأخرى مخفية على محاور الطرق الرئيسية والفرعية، بالإضافة إلى مناطق أخرى، التي تجمع المعلومات وتسجل على مدار الـ24 ساعة يومياً، ويتم إرسال المعلومات والصور والمواد الموصولة بشبكة واحدة إلى غرفة عمليات مشتركة تضم عناصر من الجيش والشاباك، لتحليلها وإعادة معالجتها». ولفت التقرير إلى أن «جيش الاحتلال عزز من أجهزة الرقابة التي ينشرها في الشوارع الالتفافية بالضفة، بما في ذلك الشوارع الفرعية التي يستخدمها المستوطنون والجيش في تنقلاتهم بين المستوطنات والمعسكرات التي أقاموها في الضفة».
من جهته، رصد مركز أسرى فلسطين للدراسات 26 ألف حالة اعتقال لفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة القدس في 1 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، في ذكرى مرور 4 سنوات على انطلاق شرارتها. وقال الباحث رياض الأشقر مدير المركز، أمس، إن الاعتقالات أضحت ظاهرة يومية يستخدمها الاحتلال أداة من أدوات القمع، والعقاب الجماعي لمحاربة الشعب الفلسطيني، حيث لا يمر يوم إلا وتسجل فيه حالات اعتقال في عملية استنزاف بَشري متعمد.
وأوضح الأشقر أن ما يقارب مليون فلسطيني ذاقوا مرارة الأسر منذ عام 1967، وبلغت حالات الاعتقال منذ سبتمبر (أيلول) 2000 حتى اليوم 119 ألف حالة، بينما منذ اندلاع انتفاضة القدس رصدت 26 ألف حالة اعتقال طالت كل شرائح المجتمع الفلسطيني بما فيها الأطفال والنساء والمحررون، والمرضى، والمعاقون، وكبار السن، والناشطون، والإعلاميون، والصيادون، ونواب المجلس التشريعي وقادة الفصائل وغيرهم. ومن بين حالات الاعتقال خلال انتفاضة القدس 5 آلاف حالة اعتقال لأطفال قاصرين، و755 حالة اعتقال لنساء وفتيات بعضهن جريحات وقاصرات، و800 حالة اعتقال على خلفية التحريض على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).
وأوضح الأشقر أن جميع المعتقلين تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، أو الإيذاء المعنوي والإهانة والحط بالكرامة أمام المواطنين، أو أفراد الأسرة خصوصاً الأطفال، الأمر الذي يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبعضهم تعرض لإطلاق نار بشكل متعمد ومن مسافات قريبة قبل الاعتقال دون أن يشكل خطراً على الاحتلال. ورغم تراجع حدة اعتقال نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، فقد شهدت انتفاضة القدس اعتقال 27 نائباً، أطلق سراح معظمهم، بينما 5 نواب منهم ما زالوا خلف القضبان، إضافة إلى نائبين مختطفين قبل انتفاضة القدس.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.