الأمن يطلق النار على المتظاهرين ببغداد... والضحايا يرتفعون إلى 31

جانب من مظاهرات العراق (أ.ب)
جانب من مظاهرات العراق (أ.ب)
TT

الأمن يطلق النار على المتظاهرين ببغداد... والضحايا يرتفعون إلى 31

جانب من مظاهرات العراق (أ.ب)
جانب من مظاهرات العراق (أ.ب)

أطلقت قوات الأمن العراقية، اليوم (الجمعة)، النار على عشرات المتظاهرين في وسط بغداد، باليوم الرابع من حركة احتجاجية قُتِل خلالها 31 شخصاً في البلاد، كما ذكر صحافيون من «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأطلقت قوات الأمن النار على المحتجين الذين يرفعون عدة مطالب، منها رحيل المسؤولين «الفاسدين» ووظائف للشباب.
وشهد العراق، أمس (الخميس)، اليوم الأكثر دمويّة منذ انطلاق الاحتجاجات المطلبيّة، الثلاثاء، التي راح ضحيّتها 31 شخصاً خلال مواجهات عنيفة غير مسبوقة بين المحتجّين والقوّات الأمنيّة.
وانطلاقاً من بغداد، ثاني العواصم المكتظّة بالسكّان في العالم العربي، امتدّت المظاهرات لتطال معظم المدن الجنوبيّة.
وأمس (الخميس)، تدخّلت مدرّعات القوّات الخاصّة في بغداد لصَدّ الحشود، فيما أطلقت القوّات الأمنيّة على الأرض الرصاص الحي الذي ارتدّ على متظاهرين نقلهم رفاقهم بـ«التوك توك»، بحسب مصوّر من «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم (الجمعة)، توجّه رئيس الوزراء العراقي، للمرّة الأولى منذ بدء الاحتجاجات، إلى الشّعب في خطاب متلفز بُثّ على وقع أصوات الطلقات الناريّة التي يُسمع دويّها في كلّ أنحاء بغداد.
لكنّ الخطاب لم يكُن على مستوى التوقّعات، إذ لم يُخاطب عبد المهدي المتظاهرين مباشرة، بل دافع عن إنجازات حكومته وإدارته للأزمة الحاليّة، مطالباً بمنحه فترة زمنيّة لتنفيذ برنامجه، خصوصاً أنه لم يُكمل عامه الأوّل في السلطة.
وقال عبد المهدي إنّ ما يجري الآن هو «تدمير الدولة، كلّ الدولة... التصعيد في التظاهر بات يؤدّي إلى إصابات وخسائر في الأرواح».
ودعا رئيس الوزراء إلى «إعادة الحياة إلى طبيعتها في كلّ المحافظات»، معلناً في الوقت نفسه عن تقديم مشروع إلى مجلس الوزراء يقرّ بموجبه «راتباً شهرياً» للعائلات التي لا تمتلك دخلاً.
ويبدو هذا الحراك حتّى الساعة عفويّاً، إذ لم يُعلن أي حزب أو زعيم سياسي أو ديني دعمه له، فيما يُعتبر سابقة في العراق.
وينتظر العراقيون اليوم خطبة آية الله علي السيستاني المرجع الأعلى للشيعة في العراق الذي يُعدّ رأيه حاسماً في عدد كبير من القضايا السياسيّة.
ويُعاني العراق الذي أنهكته الحروب، انقطاعاً مزمناً للتيّار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات.
وتشير تقارير رسميّة إلى أنه منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003. اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلّي الإجمالي للعراق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.