انقسام سياسي حول «خصخصة» القطاع العام في لبنان

جنبلاط يحذر من استيلاء «مال مشبوه» على قطاعات عامة

TT

انقسام سياسي حول «خصخصة» القطاع العام في لبنان

عاد الخلاف بين القوى السياسية اللبنانية حول مقاربتها لموضوع الخصخصة، لا سيما في القطاعات التي تكبّد خزينة الدولة خسائر فادحة مثل الكهرباء والمياه، وقد حذّر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، من «استيلاء رأس المال المشبوه على القطاعات العامة بحجّة الخصخصة، خصوصاً في ظلّ الفوضى السياسية القائمة في لبنان»، في وقت دعا فيه البعض إلى «ضرورة بيع قطاعات محددة لتأمين إيرادات أعلى وخدمة أفضل، وإدخال القطاع الخاص شريكاً في قطاعات أخرى».
وقال جنبلاط في تغريدة على موقع «تويتر»: «قد يتساءل البعض: لماذا يجب التدقيق بحديثي النعمة، لأنه من المعيب أن يسيطر على القطاع العام تحت حجة الخصخصة تجّار السلاح، أو ما شابه من وصوليين، في ظلّ الفوضى السياسية الحالية». ورأى أن «مأساة الكهرباء ابتدأت عندما استبعد جورج قرداحي (وزير الطاقة عام 1996)، وأتى تاجر سلاح وكيلاً للمعامل وغيّب تدريجياً مجلس الإدارة». ودعا جنبلاط إلى «إقرار الهيئة الناظمة في الكهرباء لتجري المناقصات بشكل سليم وشفاف، ولمنع رأس المال المشبوه من الاستيلاء على هذا القطاع».
ويستند جنبلاط في رفضه إلى أسباب موجبة، في رفضه للخصخصة، لأن معالجة الأزمة في مكان آخر، وفق تعبير أمين السر العام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» ظافر ناصر، الذي رأى أن «معالجة الأزمة الاقتصادية في لبنان، تبدأ باتخاذ قرار جريء، وإجراء إصلاحات في بنية الدولة». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «جنبلاط يعرف أن مشكلة الكهرباء سبب أساسي في العجز، فضلاً عن الهدر والفساد في قطاعات أخرى»، وقال: «نحن نشتمّ رائحة صفقات واتفاقات سرية تجري من تحت الطاولة تحت عنوان الإصلاح»، معتبراً أن «بيع القطاع العام للقطاع الخاص يعني أن مصالح اللبنانيين باتت بأيدي أشخاص، وهذا يعقّد المشكلة ولا يحلّها».
ولا يخفي الخبير المالي والاقتصادي الدكتور غازي وزنة، وجود مخاوف حقيقية من الخصخصة، خصوصاً في الكهرباء والمياه والاتصالات. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الخصخصة الكاملة تعني انتقال ملكية القطاع من الدولة إلى شركة خاصة، تصبح متحكمة بنوعية الخدمة وبالأسعار، كما أن «صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي» يطالبان لبنان بعدم التسرّع، لأنه لا يملك خبرة في الخصخصة، التي أظهرت فشلها في بعض الدول.
ولا يزال «الحزب الاشتراكي» يعترض على خصخصة القطاعات العام منذ حكومات الرئيس رفيق الحريري في تسعينات القرن الماضي، وعبّر ظافر ناصر عن تخوّف الحزب من الخصخصة، لأنها «تجعل القطاعات الحيوية أسيرة حيتان المال، في دولة متفلّت فيها كلّ شيء»، معتبراً أن «مشكلة الخصخصة تكمن في الصفقات».
ويبدو أن التحفّظ ينسحب أيضاً على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ورأى الخبير الاقتصادي غازي وزنة، أن «الأهمية تكمن في التشريك، بحيث يجري الاكتتاب بأسهم من قطاع الاتصالات والكهرباء للمواطنين، بحيث يشتري كلّ مواطن سهماً واحداً، ولا تتعدى الحصّة المبيعة الـ35 في المائة من قيمة الشركة، وعندها لا يصبح أي شخص هو صاحب القرار، وهذا الطرح موجود في الورقة التي قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري».
من جهته، دعا الدكتور شربل قرداحي المستشار الاقتصادي لـ«التيّار الوطني الحرّ»، الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، إلى «التمييز بين الخصخصة التي تعني بيع نشاط اقتصادي من الحكومة إلى القطاع الخاص بالكامل، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، أي أن يصبح القطاع الخاص شريكاً للقطاع العام، ومساهماً برأس المال وشريكاً في الأرباح».
وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «تكتل (لبنان القوي) يتعامل مع الأمر على القطعة، فيما يتعلّق بالقطاعات العامة غير الأساسية، مثل شركة ميدل إيست (طيران الشرق الأوسط - الخطوط الجوية اللبنانية)، وبنك (أنترا)، ليس لدينا مانع أن تُخصص وتُباع بالكامل، لأنها عبارة عن نشاط تجاري عادي». وقال: «في القطاعات الحيوية الاستراتيجية، مثل المياه والكهرباء وشركة النقل والقطارات، نسعى إلى شراكة مع القطاع الخاص، الذي يساهم في رأس المال، ويبقى جزء أساسي وكبير منه للدولة». ورأى قرداحي أنه «لا يوجد رفض بالمطلق وقبول بالمطلق للخصخصة، فعندما تكون هناك مصلحة للدولة ببيع قطاع، ويأتي بعائد مالي أعلى وخدمة أفضل واستثمارات ويدخل رأس المال، عندها نوافق إذا كانت هناك شفافية». وكشف قرداحي أن «تكتل لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل «تقدّم باقتراح قانون لإنشاء شبكة قطارات وإنشاءات كبرى وحيوية غير موجودة حالياً، يسمح بموجبه بإعطاء امتيازات لشركات عالمية يكون للدولة جزء من الملكية، مثل امتلاك الأرض وحقّ العبور، بينما تستثمر الشركات بالبنى التحتية والتوظيف، وتكون العائدات مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص».



ضربة جوية جديدة على صنعاء... و«الحوثي» تتهم أميركا وبريطانيا

صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

ضربة جوية جديدة على صنعاء... و«الحوثي» تتهم أميركا وبريطانيا

صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

ضربت غارة جوية جديدة العاصمة اليمنية صنعاء، الجمعة، بعد يوم على غارات إسرائيلية مميتة، وفق جماعة «الحوثي».

وقالت «الحوثي»، في بيان: «شنّ العدوان الأميركي البريطاني، مساء اليوم، غارة على العاصمة صنعاء»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ولم يصدر تعليق فوري من إسرائيل ولا الولايات المتحدة ولا بريطانيا.

وأكد أحد سكان العاصمة صنعاء، التي يُسيطر عليها الحوثيون، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»: «سمعت الانفجار واهتز منزلي».

وتأتي الغارة بعد يوم على شنّ إسرائيل ضربات استهدفت مواقع عدّة الخميس، ما أدّى إلى مقتل 6 أشخاص، 4 منهم في المطار. ويطلق الحوثيون صواريخ ومسيّرات على إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، في هجمات يقولون إنها لدعم الفلسطينيين. ويشنّ الحوثيون المنضوون في «محور المقاومة» الإيراني ضد إسرائيل والولايات المتحدة، منذ أشهر هجمات ضد سفن عابرة للبحر الأحمر وخليج عدن. واستدعت عشرات الهجمات، بواسطة مسيّرات وصواريخ على سفن شحن، ضربات انتقامية من جانب القوات الأميركية، وكذلك البريطانية.

وتشنّ الولايات المتحدة وبريطانيا غارات على أهداف تابعة لجماعة «الحوثي» في اليمن؛ ردّاً على استهداف الجماعة سفناً تجارية وعسكرية أمام سواحل اليمن، تقول إنها في طريقها إلى إسرائيل.

وبشكل منفصل، تشنّ إسرائيل غارات على أهداف تابعة لجماعة «الحوثي».

ونفّذت إسرائيل أعنف ضربات لها ضد الحوثيين، الخميس، بالتزامن مع الخطبة الأسبوعية المُتَلفزة لزعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، مستهدفة مطار صنعاء ومنشآت طاقة في صنعاء، وفي محافظة الحديدة الساحلية.

وتقول إسرائيل إن الحوثيين أطلقوا، منذ أكتوبر من عام 2023، المئات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة والصواريخ على أراضيها، مستهدفين مدناً ومدارس، كما شنّوا اعتداءات على نحو 100 سفينة كانت تبحر في مضيق باب المندب.