تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة

حالات نادرة تشير إلى حدوث خلل في القلب نتيجة الإثارة الشديدة

تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة
TT

تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة

تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة

لا شك في أن ألعاب الفيديو (video games) تحتل شعبية كبيرة جداً بين الأطفال والشباب، تختلف عن التعلق بأي ألعاب أخرى، وتصل إلى حد الإدمان الفعلي؛ نظراً لتقنياتها التكنولوجية المتطورة التي تحاكي الواقع بشكل كبير. وهذا ما يقود إلى أن يشعر من يمارس هذه الألعاب بنشوة حقيقية، كما لو كان يتعرض لهذه المغامرات بالفعل؛ خصوصاً أن الأنواع الحديثة من هذه الألعاب تكون مجهزة بمؤثرات معينة تضاعف من هذه الأحاسيس.
مخاطر الألعاب
على الرغم من جاذبية هذه الألعاب فإنها لا تخلو من مخاطر طبية. وأحدث حالات تم تشخيصها بخلل في ضربات القلب، أشارت إلى احتمالية حدوث هذا الخلل في الأطفال المهيئين لذلك، عند التعرض للإثارة الشديدة جراء هذه المغامرات الموجودة بشكل مكثف في ألعاب الفيديو، ويمكن أن يصل الأمر إلى حدوث إغماء كامل.
وقد توصل إلى هذه النتائج أطباء من أستراليا ونيوزيلندا، وتم نشرها في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الجاري، في «دورية نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) بعد أن أصيب 3 أطفال متفرقين، تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة، بإغماء أثناء ممارستهم ألعاب فيديو كانت تتضمن حرباً إلكترونية عنيفة، ما أدى إلى تعرضهم لعدم انتظام في ضربات القلب (arrhythmia) وحدوث الإغماء، وهو الأمر الذي سبب دهشة وقلقاً للآباء والأطفال؛ حيث إنهم كانوا أصحاء تماماً بشكل ظاهري، ومن دون تاريخ مرضي لأمراض القلب. وحدوث الإغماء كان العلامة الأولى التي لفتت الأنظار لوجود مشكلة في القلب.
وتفسير ذلك أن هذا الخلل في ضربات القلب موجود بالفعل، ولكن في الأحوال العادية يمكن ألا يشعر به الطفل، ولكن عند التعرض لجرعات متزايدة من الإثارة وقيام الجسم بإفراز الأدرينالين بكميات كبيرة، يظهر هذا الخلل بشكل واضح. وعندما قام الأطباء بعمل تسجيل لضربات القلب، تبين أن الأطفال لديهم حالة من تسارع ضربات القلب البطينية (ventricular tachycardia) وهو عرض خطير يمكن أن يهدد الحياة؛ خصوصاً إذا تم وضع الجسم في حالة أشبه ما تكون بمعركة، أو قلق متزايد وتوتر، وهو الأمر الذي حدث أثناء ممارسة اللعبة.
وأوضح أطباء القلب في أستراليا أن هذه الظاهرة تحدث في الأشخاص المهيئين جينياً، أو الذين يعانون من عيوب خلقية في القلب، وتظهر بشكل نادر في الملاعب الرياضية؛ حيث يفقد اللاعب الوعي بشكل مفاجئ، ويمكن أن يؤدي إلى توقف القلب بشكل كامل.
وهذه العيوب الجينية أو الخلقية في الأغلب لا تظهر بشكل واضح إلا عند تعرض الجسم لمحنة كبيرة (stress)؛ سواء على المستوى البدني أو على المستوى النفسي. وفي الحالتين يتم إفراز الهرمونات المحفزة لزيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وضيق الشرايين، وهو الأمر الذي يمثل مجهوداً كبيراً على القلب المعتل بالأساس. وأشار العلماء إلى أن ما حدث مع هؤلاء الأطفال، وعلى الرغم من أن نسبة حدوثه لا تزال نادرة، وتقريباً هي طفل إلى كل 10 آلاف، فإنه يؤكد حقيقة أن ألعاب الفيديو لها التأثير نفسه على القلب، والذي يمكن أن يؤدي إلى الموت المفاجئ.
عبء نفسي وجسدي
حذر أطباء القلب من خطورة وضع الأطفال في مواقف تمثل عبئاً نفسياً وجسدياً عليهم، وأكدوا أنه حتى البالغين في كثير من الأحيان لا يستطيعون التعامل مع المشاعر التي تؤدي إلى تدفق الأدرينالين في الجسم، مثل الإثارة المفرطة أو الفزع الشديد، وهو الأمر الذي يفسر الوفاة في حالة حدوث كوارث لكثير من الأشخاص من مجرد الصدمة النفسية والعصبية (neurogenic shock)، من دون أن يتعرضوا لخطر مادي محسوس. وأوضحوا أنه من الضروري عدم الاستهانة بالخلل الذي يحدث في ضربات القلب، حتى لو كانت أعراضه بسيطة، مثل مجرد الإحساس بضربات القلب، ويجب أن يخضع الطفل للفحص الطبي.
كان الأطفال الثلاثة قد تعرضوا للإغماء بعد فوزهم في ألعاب الفيديو، وأحدهم وهو الأكبر في العمر (15 عاماً) كان يعاني بالفعل من عيب خلقي منذ الطفولة، وخضع لإجراء جراحة في القلب، وعند ذهابه إلى المستشفى قام الأطباء بتركيب جهاز أشبه ما يكون بمنظم للضربات غير المنتظمة (defibrillator) ما أنقذ الطفل من تعرضه لنوبة أخرى داهمته حينما كان يمارس اللعبة نفسها مجدداً بعدها بأسبوعين فقط. ومن المعروف أن الأطفال الذين يعانون من مثل هذه العيوب الخلقية يكونون ممنوعين من ممارسة الرياضات التنافسية التي تتطلب بذل مجهود بدني كبير، والأمر نفسه يجب أن ينطبق على مثل هذه الألعاب التي تعرضهم للتأثير نفسه.
وأشار الأطباء إلى أنه من الضروري أن يبقى الأطفال في حالة نشاط، ويتجنبوا الخمول، ولكن يجب الكشف الدوري على جميع الأطفال الذين يشتركون في رياضات تنافسية. والأمر نفسه ينطبق على ألعاب الفيديو؛ حيث إنها يمكن أن تنمي الإدراك وتحفز سرعة ردود الفعل، وأنه لا داعي لقلق الآباء من ممارسة الأبناء لها بالقدر المعقول، ولكن يجب أيضاً أن تتم مراقبة انفعالات هؤلاء الأطفال أثناء لعبهم، وفي حالة حدوث إغماء يتم نقل الطفل فوراً إلى المستشفى.
ويفضل عدم لعب الألعاب العنيفة التي تحتوي على معارك دموية، أو مشاهد مفزعة، وكلما كانت الألعاب أقرب للألعاب الرياضية العادية مثل كرة القدم وغيرها، كلما كان أفضل، حتى يتم تجنيب الأطفال الآثار العضوية الناتجة عن إفراز الهرمونات الدفاعية للجسم في مواجهة الخطر، والتي يمكن أن تنعكس بالسلب على الطفل في المستقبل، حتى لو لم تترك أثراً لحظياً.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

دواء للسمنة والسكري يحمي الكلى من التلف

مرض الكلى المزمن يؤثر في واحد من كل 10 أشخاص حول العالم (جامعة مينيسوتا)
مرض الكلى المزمن يؤثر في واحد من كل 10 أشخاص حول العالم (جامعة مينيسوتا)
TT

دواء للسمنة والسكري يحمي الكلى من التلف

مرض الكلى المزمن يؤثر في واحد من كل 10 أشخاص حول العالم (جامعة مينيسوتا)
مرض الكلى المزمن يؤثر في واحد من كل 10 أشخاص حول العالم (جامعة مينيسوتا)

كشفت دراسة دولية عن أن فئة من الأدوية المستخدمة لعلاج السمنة والسكري يمكن أن تقلّل من خطر الإصابة بالفشل الكلوي وتوقف تدهور وظائف الكلى لدى مرضى الكلى المزمن.

وأفاد الباحثون في معهد جورج للصحة العالمية في أستراليا بأن هذه النتائج تمثل تطوراً مهماً في علاج هذه الحالات المزمنة، وفق النتائج المنشورة، الاثنين، في دورية (The Lancet Diabetes & Endocrinology).

ومرض الكلى المزمن حالة تؤدي إلى تدهور تدريجي في وظائف الكلى، مما يعوق تصفية الفضلات والسوائل من الدم، وغالباً ما ينتج عن السكري أو ارتفاع ضغط الدم.

ويُقدَّر أن المرض يؤثر في واحد من كل 10 أشخاص حول العالم، أي نحو 850 مليون شخص، وهو السبب العاشر للوفاة عالمياً، ومن المتوقع أن يحتل المرتبة الخامسة بحلول عام 2050.

وركزت الدراسة على «ناهضات الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1» (GLP-1)، وهي أدوية طُورت في الأصل لعلاج السكري من النوع الثاني، وتعمل على محاكاة هرمون طبيعي يُفرَز بعد تناول الطعام لتحفيز إنتاج الإنسولين في البنكرياس، مما يساعد على خفض مستويات السكر في الدم. كما أنها تُبطئ الهضم، وتزيد من الشعور بالشبع، وتقلل الشهية، مما يجعلها فعّالة في علاج السمنة.

وأجرى الفريق تحليلاً لنتائج 11 تجربة سريرية شملت أكثر من 85 ألف شخص، منهم 67 ألف مصاب بالسكري من النوع الثاني، و18 ألفاً يعانون من السمنة أو أمراض القلب. وتضمّنت التجارب أدوية «ناهضات الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1» مثل «سيماغلوتايد» و«دولاغلوتايد».

وأظهرت النتائج أن هذه الأدوية تقلّل خطر الفشل الكلوي بنسبة 16 في المائة وتحدُّ من تدهور وظائف الكلى بنسبة 22 في المائة. كما انخفض الخطر المشترك للفشل الكلوي، وتدهور الوظائف الكلوية، والوفاة بسبب أمراض الكلى بنسبة 19 في المائة. وأثبتت الدراسة فوائد تلك الأدوية أيضاً لصحة القلب، مع انخفاض خطر الوفاة بالأمراض القلبية والأزمات القلبية والسكتات الدماغية بنسبة 14 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت معدلات الوفاة لأي سبب بنسبة 13 في المائة بين المرضى الذين تلقوا العلاج.

وأكد الباحثون أن هذه النتائج ستُحدِث نقلة نوعية في الإرشادات الطبية لعلاج أمراض الكلى، والقلب، والسكري، مشدّدين على أهمية توسيع نطاق استخدام هذه الأدوية لمعالجة مجموعة واسعة من الحالات المزمنة.