تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة

حالات نادرة تشير إلى حدوث خلل في القلب نتيجة الإثارة الشديدة

تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة
TT
20

تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة

تحذيرات من الآثار العضوية لألعاب الفيديو العنيفة

لا شك في أن ألعاب الفيديو (video games) تحتل شعبية كبيرة جداً بين الأطفال والشباب، تختلف عن التعلق بأي ألعاب أخرى، وتصل إلى حد الإدمان الفعلي؛ نظراً لتقنياتها التكنولوجية المتطورة التي تحاكي الواقع بشكل كبير. وهذا ما يقود إلى أن يشعر من يمارس هذه الألعاب بنشوة حقيقية، كما لو كان يتعرض لهذه المغامرات بالفعل؛ خصوصاً أن الأنواع الحديثة من هذه الألعاب تكون مجهزة بمؤثرات معينة تضاعف من هذه الأحاسيس.
مخاطر الألعاب
على الرغم من جاذبية هذه الألعاب فإنها لا تخلو من مخاطر طبية. وأحدث حالات تم تشخيصها بخلل في ضربات القلب، أشارت إلى احتمالية حدوث هذا الخلل في الأطفال المهيئين لذلك، عند التعرض للإثارة الشديدة جراء هذه المغامرات الموجودة بشكل مكثف في ألعاب الفيديو، ويمكن أن يصل الأمر إلى حدوث إغماء كامل.
وقد توصل إلى هذه النتائج أطباء من أستراليا ونيوزيلندا، وتم نشرها في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الجاري، في «دورية نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) بعد أن أصيب 3 أطفال متفرقين، تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة، بإغماء أثناء ممارستهم ألعاب فيديو كانت تتضمن حرباً إلكترونية عنيفة، ما أدى إلى تعرضهم لعدم انتظام في ضربات القلب (arrhythmia) وحدوث الإغماء، وهو الأمر الذي سبب دهشة وقلقاً للآباء والأطفال؛ حيث إنهم كانوا أصحاء تماماً بشكل ظاهري، ومن دون تاريخ مرضي لأمراض القلب. وحدوث الإغماء كان العلامة الأولى التي لفتت الأنظار لوجود مشكلة في القلب.
وتفسير ذلك أن هذا الخلل في ضربات القلب موجود بالفعل، ولكن في الأحوال العادية يمكن ألا يشعر به الطفل، ولكن عند التعرض لجرعات متزايدة من الإثارة وقيام الجسم بإفراز الأدرينالين بكميات كبيرة، يظهر هذا الخلل بشكل واضح. وعندما قام الأطباء بعمل تسجيل لضربات القلب، تبين أن الأطفال لديهم حالة من تسارع ضربات القلب البطينية (ventricular tachycardia) وهو عرض خطير يمكن أن يهدد الحياة؛ خصوصاً إذا تم وضع الجسم في حالة أشبه ما تكون بمعركة، أو قلق متزايد وتوتر، وهو الأمر الذي حدث أثناء ممارسة اللعبة.
وأوضح أطباء القلب في أستراليا أن هذه الظاهرة تحدث في الأشخاص المهيئين جينياً، أو الذين يعانون من عيوب خلقية في القلب، وتظهر بشكل نادر في الملاعب الرياضية؛ حيث يفقد اللاعب الوعي بشكل مفاجئ، ويمكن أن يؤدي إلى توقف القلب بشكل كامل.
وهذه العيوب الجينية أو الخلقية في الأغلب لا تظهر بشكل واضح إلا عند تعرض الجسم لمحنة كبيرة (stress)؛ سواء على المستوى البدني أو على المستوى النفسي. وفي الحالتين يتم إفراز الهرمونات المحفزة لزيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وضيق الشرايين، وهو الأمر الذي يمثل مجهوداً كبيراً على القلب المعتل بالأساس. وأشار العلماء إلى أن ما حدث مع هؤلاء الأطفال، وعلى الرغم من أن نسبة حدوثه لا تزال نادرة، وتقريباً هي طفل إلى كل 10 آلاف، فإنه يؤكد حقيقة أن ألعاب الفيديو لها التأثير نفسه على القلب، والذي يمكن أن يؤدي إلى الموت المفاجئ.
عبء نفسي وجسدي
حذر أطباء القلب من خطورة وضع الأطفال في مواقف تمثل عبئاً نفسياً وجسدياً عليهم، وأكدوا أنه حتى البالغين في كثير من الأحيان لا يستطيعون التعامل مع المشاعر التي تؤدي إلى تدفق الأدرينالين في الجسم، مثل الإثارة المفرطة أو الفزع الشديد، وهو الأمر الذي يفسر الوفاة في حالة حدوث كوارث لكثير من الأشخاص من مجرد الصدمة النفسية والعصبية (neurogenic shock)، من دون أن يتعرضوا لخطر مادي محسوس. وأوضحوا أنه من الضروري عدم الاستهانة بالخلل الذي يحدث في ضربات القلب، حتى لو كانت أعراضه بسيطة، مثل مجرد الإحساس بضربات القلب، ويجب أن يخضع الطفل للفحص الطبي.
كان الأطفال الثلاثة قد تعرضوا للإغماء بعد فوزهم في ألعاب الفيديو، وأحدهم وهو الأكبر في العمر (15 عاماً) كان يعاني بالفعل من عيب خلقي منذ الطفولة، وخضع لإجراء جراحة في القلب، وعند ذهابه إلى المستشفى قام الأطباء بتركيب جهاز أشبه ما يكون بمنظم للضربات غير المنتظمة (defibrillator) ما أنقذ الطفل من تعرضه لنوبة أخرى داهمته حينما كان يمارس اللعبة نفسها مجدداً بعدها بأسبوعين فقط. ومن المعروف أن الأطفال الذين يعانون من مثل هذه العيوب الخلقية يكونون ممنوعين من ممارسة الرياضات التنافسية التي تتطلب بذل مجهود بدني كبير، والأمر نفسه يجب أن ينطبق على مثل هذه الألعاب التي تعرضهم للتأثير نفسه.
وأشار الأطباء إلى أنه من الضروري أن يبقى الأطفال في حالة نشاط، ويتجنبوا الخمول، ولكن يجب الكشف الدوري على جميع الأطفال الذين يشتركون في رياضات تنافسية. والأمر نفسه ينطبق على ألعاب الفيديو؛ حيث إنها يمكن أن تنمي الإدراك وتحفز سرعة ردود الفعل، وأنه لا داعي لقلق الآباء من ممارسة الأبناء لها بالقدر المعقول، ولكن يجب أيضاً أن تتم مراقبة انفعالات هؤلاء الأطفال أثناء لعبهم، وفي حالة حدوث إغماء يتم نقل الطفل فوراً إلى المستشفى.
ويفضل عدم لعب الألعاب العنيفة التي تحتوي على معارك دموية، أو مشاهد مفزعة، وكلما كانت الألعاب أقرب للألعاب الرياضية العادية مثل كرة القدم وغيرها، كلما كان أفضل، حتى يتم تجنيب الأطفال الآثار العضوية الناتجة عن إفراز الهرمونات الدفاعية للجسم في مواجهة الخطر، والتي يمكن أن تنعكس بالسلب على الطفل في المستقبل، حتى لو لم تترك أثراً لحظياً.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

مضاعفات نقص الحديد... 5 علامات غير متوقعة تكشف معاناة جسدك

صحتك نقص الحديد في الجسم يشعرك بالإرهاق الشديد حتى مع أقل مجهود (رويترز)

مضاعفات نقص الحديد... 5 علامات غير متوقعة تكشف معاناة جسدك

يمكن للاكتشاف المبكر لنقص الحديد أن يساعد في منع أو عكس المضاعفات الناجمة عن نقصه بجسمك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك الأمير البريطاني هاري برفقة زوجته ميغان ماركل (د.ب.أ)

عانت منه ميغان ماركل... ما تسمم الحمل بعد الولادة؟

كشفت ميغان ماركل زوجة الأمير البريطاني هاري عن معاناتها من تسمم الحمل بعد الولادة واصفة التجربة بأنها «حالة طبية ضخمة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك قد يُزيد تناول جرعة زائدة من المغنيسيوم من خطر الإصابة بآثار جانبية مثل الإسهال والغثيان والقيء وآلام المعدة (رويترز)

إن كنت تتناول أقراص المغنيسيوم فانتبه لهذه الآثار الجانبية

المغنيسيوم معدن أساسي في وظائف العضلات والأعصاب، وصحة العظام، والتحكم في ضغط الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الاختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم (رويترز)

نجاح «مذهل» لاختبارات دم في الكشف المبكر عن ألزهايمر

أكدت دراسة جديدة فاعلية اختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم، في التشخيص المبكر لمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تناول الطعام المحلَّى في الصباح يُسبب ارتفاعاً سريعاً في سكر الدم يليه هبوط حاد بالغلوكوز يؤدي إلى الجوع والرغبة الشديدة في تناول مزيد من السكر (أ.ب)

6 عادات صباحية شائعة تزيد دهون البطن

حدد خبراء الصحة 6 عادات صباحية شائعة تُعيق جهود التخلص من دهون البطن، وتُهدد الصحة العامة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نجاح «مذهل» لاختبارات دم في الكشف المبكر عن ألزهايمر

الاختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم (رويترز)
الاختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم (رويترز)
TT
20

نجاح «مذهل» لاختبارات دم في الكشف المبكر عن ألزهايمر

الاختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم (رويترز)
الاختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم (رويترز)

أكدت دراسة جديدة فاعلية اختبارات دم تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم، في التشخيص المبكر لمرض ألزهايمر.

فبدلاً من الاعتماد على البزل القَطني المؤلم (وهو إجراء يساعد في تشخيص الاضطرابات المختلفة في الجهاز العصبي المركزي) وفحوص الدماغ باهظة الثمن، تعدُّ اختبارات الدم هذه طريقة جديدة أسرع وأقل إيلاماً، لتحديد المخاطر، والمساعدة في التشخيص المبكر لمرض ألزهايمر، حسب شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وحللت البيانات الأولية التي عُرضت يوم الاثنين في الاجتماع السنوي للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب في سان دييغو، المؤشرات الحيوية لدى 54 مشاركاً، خضعوا لاختبارات الدم للكشف عن احتمالية إصابتهم بألزهايمر.

وأشار الباحثون إلى أن النتائج أظهرت فاعلية هذه الطريقة في كشف احتمالات الإصابة بالمرض، وذلك بشكل «مذهل».

وقالت مؤلفة الدراسة الرئيسية الدكتورة كيليان نيوتيس، طبيبة الأعصاب في معهد الأمراض العصبية التنكسية في بوكا راتون بفلوريدا: «لا ينظر الأطباء عادة في وقت مبكر إلى التغيرات في كثير من المؤشرات الحيوية المرتبطة ببروتينات الأميلويد والتاو وبالتهاب الأعصاب، لتحديد خطر الإصابة بألزهايمر، أو كوسيلة لتتبع التقدم في رحلة الشخص نحو العلاج من المرض وتحسين إدراكه وتركيزه».

وأضافت: «نعتقد أن ملاحظة التغيرات في هذه المؤشرات الحيوية قد تُظهر كيف يتم عكس تطور المرض بيولوجياً، من خلال اتخاذ الشخص إجراءات محددة، مثل تحسين النظام الغذائي، والحفاظ على ضغط الدم عند مستوى منخفض، وتناول بعض الأدوية والفيتامينات، والتحكم في الوزن، وممارسة الرياضة، وحل الألغاز».

فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)
فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

وأكد فريق الدراسة أن نتائج عمله أثبتت أن اختبارات الدم لكشف مرض ألزهايمر هي مفتاح الوقاية من المرض. فإذا أمكن تشخيص المرضى بسرعة وفي وقت مبكر، يمكنهم اتخاذ إجراءات وقائية واتباع بعض التغييرات في نمط حياتهم، تهدف إلى إبطاء تطور مرضهم.

ألزهايمر هو مرض عصبي تنكسي يتّسم بالتدهور التدريجي للوظائف المعرفية، مثل الذاكرة واللغة والتفكير والسلوك والقدرات على حل المشكلات. وهو السبب الأكثر شيوعاً للخرف؛ ويمثل 60- 80 في المائة من الحالات. والغالبية العظمى من المصابين بمرض ألزهايمر هم من كبار السن، على الرغم من أنه قد يصيب أيضاً الأشخاص الأصغر سناً الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً.