أعاد الفيلم الروائي «ستموت في العشرين» السينما السودانية إلى دائرة الأضواء، بعد انقطاع لسنوات طويلة عن إنتاج إعمال روائية كبيرة تنافس في الفوز بالجوائز في المهرجات العالمية والعربية والأفريقية للسينما.
حصد الفيلم «النجمة الذهبية» لمهرجان «الجونة» السينمائي بالقاهرة - فئة الأفلام الطويلة، والجائزة الأولى من مؤسسة «أدفنتاج» بمدينة البندقية الإيطالية التي تُمنَح للأفلام الروائية الأكثر تأثيراً، وسيُعرض الفيلم في عدد من المهرجانات السينمائية بأوروبا خلال الأيام المقبلة.
عُرِض الفيلم بمهرجان «فينسيا» السينمائي في دورته الـ76، وفاز بجائزة «أسد المستقبل»، التي تُمنح للعمل السينمائي الأول للمخرج، ويُعتبر أول فيلم سوداني يفوز بهذه الجائزة.
الفيلم مقتبَس من رواية «النوم عند قدمي الجبل»، للكاتب السوداني حمور زيادة، الحاصل على جائزة «نجيب محفوظ» في عام 2014. أجرى عليها مخرج الفيلم، أمجد أبو العلاء، بعض المعالجات في السيناريو لإخراج عمل سينمائي متميز.
تدور أحداث الفيلم الذي تم تصويره في قرية أبو حراز التي تقع بالقرب من مدينة ودمدني بوسط السودان، حول الطفل مزمل، تذهب به أمه إلى «الشيخ» لمباركته، وهي من العادات والطقوس في البيئة التي يغلب عليها نزعة التدين «الصوفي»، ليتنبأ أحد حواريي الشيخ بموت الطفل في العشرين من عمره.
نبوءة موت «مزمل» أصبحت تلاحقه كظلّه، لا يستطيع الفكاك منها، الكل يصدقها ويرددها، رفاقه الصبية يطلقون عليه «ود الموت»، نساء القرية عندما يزرن أمه يربتن على رأسه في حنو: «يا مسكين، تموت صبيّاً... الدنيا خربانة»، حتى السيارات المارة بالقرية يشير راكبوها إلى البيوت المتناثرة ويرددون: «هذه قرية مزمل الذي سيموت يوم يكمل عامه العشرين».
الصدفة تلعب دوراً كبيراً في أن تجمع «مزمل» بسليمان، المصور السينمائي المتقدم في السن، الذي يتورط مع مزمل ونبوءته وكل القرية في سبيل إفشال تلك النبوءة.
يقول بطل الفيلم، محمد أحمد الشاعر، الذي جسّد شخصية «الشيخ»، لـ«الشرق الأوسط»، إن اختيار منطقة أبو حراز، التي اشتهرت بقباب شيوخ الطرق الصوفية، ومشاركة غالبية الأهالي، أضفت لمسات حقيقية على أحداث الفيلم.
ويضيف: «الفيلم اختير من أفضل الأعمال المؤثرة، وذلك بحسب تقييم المختصين والخبراء في تنظيم المهرجانات السينمائية، وكانت الملاحظة الذكية واللافتة أن المخرج والسيناريست استطاعا تحويل القصة إلى سيناريو سينمائي من خلال استخدام لغة عالية وبناء جمل قصيرة مكثفة، لإخراج عمل درامي متكامل من كل النواحي الفنية».
ويقول الشاعر إن الفيلم يُعدّ نقلة نوعية في كل تفاصيله، حيث اهتم المخرج أبو العلاء بالنواحي المادية، باعتبارها أهم عنصر في نجاح إنتاج أي عمل فني كبير، كما حرص على اختيار ممثلين نوعيين لأداء الأدوار بطريقة احترافية عالية، واعتبر الجودة التي خرج بها الفيلم من الأسباب الرئيسية التي استطاع بها المنافسة وحصد النجاح في المهرجانات الدولية التي عُرِض فيها.
يقول رئيس مؤسسة «سودان فيلم فاكتوري»، المخرج طلال عفيفي: «الفيلم عمل متميز قدم فيه المخرج أمجد أبو العلاء مهارة في استخدام أدواته الفنية وشغفاً حقيقياً بالسينما والقصة التي أراد روايتها».
ويضيف أنّ «تكامل هذا مع فريق عمل متميز قدم كل فرد فيه شيئاً خاصاً، أضاف للصورة الكلية للفيلم».
ويقول الممثل محمود ميسرة السراج، الذي يؤدي دور سليمان المصور في الفيلم، إن «اللغة السينمائية الرفيعة للسيناريو، وجدت استحسان النقاد والجمهور، وكذلك القصة المميزة، إلى جانب أداء الممثلين والإخراج، بالإضافة إلى العناصر الفنية الأخرى التي تم توفيرها من أجل إنجاح الفيلم».
ويقول: «الثورة كان لها دور في الحفاوة التي قوبل بها الفيلم، لأنها وضعت السودان في الواجهة، وانعكس تعاطف العالم وانبهاره على كل ما هو سوداني».
ويشير السراج إلى أن الفيلم ليس إنتاجاً سودانياً، بل شاركت شركات من عدة دول في إنتاجه (فرنسا، مصر، ألمانيا، النرويج)، وتابع: «نأمل أن يفتح نجاح فيلم (ستموت في العشرين) شهية رأس المال السوداني للاتجاه إلى الإنتاج السينمائي بصورة أكثر جدية».
«ستموت في العشرين» يعيد الحياة للسينما السودانية
بعد انقطاع لسنوات طويلة عن إنتاج أعمال روائية
«ستموت في العشرين» يعيد الحياة للسينما السودانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة