مصر تدخل عصر المدن الذكية لتشجيع الاستثمار العقاري

16 مدينة جديدة تعتمد على التكنولوجيا في النقل والاتصالات والبنية التحتية

تدرس مصر استخدام التكنولوجيا لرفع قيمة المدن (الشرق الأوسط)
تدرس مصر استخدام التكنولوجيا لرفع قيمة المدن (الشرق الأوسط)
TT

مصر تدخل عصر المدن الذكية لتشجيع الاستثمار العقاري

تدرس مصر استخدام التكنولوجيا لرفع قيمة المدن (الشرق الأوسط)
تدرس مصر استخدام التكنولوجيا لرفع قيمة المدن (الشرق الأوسط)

تواصل الحكومة المصرية العمل على إنشاء مجموعة من المدن الجديدة ذات الخدمات الذكية، لتحسين جودة حياة المواطنين، وتشجيع الاستثمار في القطاع العقاري. ويتوقع خبراء العقارات أن تساهم هذه المدن في إنعاش السوق العقارية المصرية، وتنشيط بيع العقارات للأجانب، فيما يعرف بتصدير العقار.
المهندس وليد عباس، معاون وزير الإسكان المصري لشؤون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر وضعت خطة طموحة للمدن الجديدة، بدأت منذ عام 2014، وتضمنت 30 مدينة، ويجري حالياً تنفيذ 16 مدينة، منها 14 تنفذها هيئة المجتمعات العمرانية، واثنتان تنفذهما الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، مع مراعاة التطور التكنولوجي»، مشيراً إلى أنه «من المقرر افتتاح المرحلة الأولى من هذه المدن منتصف العام المقبل».
والمدن الذكية مصطلح بدأ في الظهور عام 2000، ويعني تقديم وإدارة الخدمات في المدن باستخدام التقنيات الحديثة، بهدف تحسين الخدمة وحماية البيئة، من خلال توفير خدمات الكهرباء والمواصلات والمياه والاتصالات، واستخدام الكاميرات وشبكات الاتصال الذكية في إدارة المدينة وخدماتها، فهي مدن تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة وكفاءة الخدمات.
ووفقاً لعباس، فإن «المدن الذكية ستوفر كل الخدمات عبر شبكة الإنترنت فائق السرعة، وستعتمد على الطاقة المتجددة، وترشيد استهلاك المياه، ونظام لإدارة المرور بطرق ذكية، عن طريق الاعتماد على التكنولوجيا، حيث يمكن الحصول على جميع الخدمات من خلال تطبيقات الهواتف المحمولة، إضافة إلى توفير أقصى درجات الأمان، عبر مراقبة الشوارع بالكاميرات، ومراعاة الشروط البيئية».
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تصريحات صحافية، أخيراً، أن «هذه المدن تؤسس نموذجاً جديداً للحياة في مصر، يواكب أعلى مستويات التطور العالمي في هذا المجال، بما يمثل قيمة مضافة نوعية للأجيال الحالية والمقبلة».
وتتضمن قائمة المدن المصرية الجديدة كلاً من العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والجلالة، وأكتوبر الجديدة، والمنصورة الجديدة، وشرق بورسعيد، وناصر (بغرب أسيوط)، وغرب قنا، والإسماعيلية الجديدة، ورفح الجديدة، والفرافرة الجديدة، والعبور الجديدة، وتوشكى الجديدة، والفشن، وملاوي، وغرب أسوان.
وأوضح عباس أنه «مع الثورة التكنولوجية في العالم، من الطبيعي أن تستوعب المدن الجديدة هذا التطور، من خلال توفير إنترنت فائق السرعة، وتوفير جميع الخدمات عبر شبكة الإنترنت، مثل خدمات دفع الفواتير، مع زيادة المساحات الخضراء، وتوفير طرق بقدرات استيعابية أكثر، وبنية تحتية تتيح إجراء الإصلاحات والصيانة دون تعطيل حركة المرور، مما يعني توفير أكبر قدر من الرفاهية للمواطن».
ووفقاً لتصريحات صحافية للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، فإن «مصر تدخل بهذه المدن، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، عصر المدن العالمية، وتنافس المدن الكبرى، بما تضمه من مناطق أعمال مركزية، وخدمات ذكية مستدامة».
وأكد عباس أن «تنفيذ المدن الذكية سيساهم في تحريك القطاع العقاري، مما يؤثر إيجابياً على الاقتصاد بشكل عام»، مشيراً إلى أن «الوزارة نجحت في تطبيق معايير المدن الذكية في العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، عبر توفير بنية تحتية قوية تتيح استخدام التكنولوجيا».
وقال إن «المدن الذكية ساهمت بشكل كبير في إنعاش السوق العقارية، حيث زادت الطلبات على الاستثمار العقاري في جميع المناطق، وحتى مدن الصعيد، مع اتجاه الدولة لتنفيذ مجموعة من مدن الجيل الرابع بالصعيد».
خالد ناصر، رئيس مجلس الإدارة المدير الإقليمي لشركة «ريماكس» في مصر ودولة الإمارات، قال في تصريحاته خلال فعاليات الدورة الخامسة لقمة «تكني سوميت»، التي اختتمت أعمالها مؤخراً في مكتبة الإسكندرية، إن «توجه الدولة نحو بناء 16 مدينة ذكية يعد دفعة قوية للسوق العقارية، بوصفه أحد القطاعات المؤثرة في الاقتصاد المصري، حيث يمثل 20 في المائة من حجم الاقتصاد الكلي، ويستحوذ على 10.5 في المائة من رأس المال السوقي للبورصة المصرية، محتلاً المرتبة الثالثة بعد قطاعي البنوك والخدمات المالية غير المصرفية».
وأوضح ناصر أن «المدن الذكية تعد أحد عوامل الجذب للمشتري الأجنبي، لأنها تعتمد في إنشائها على أحدث التقنيات، وتوفر بنية تحتية جيدة تفتقدها المدن القديمة الحالية»، مشيراً إلى «الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في عمليات تسويق وبيع وشراء العقار الآن».
لكن المهندس محمد أبو قريش، أمين عام جمعية مهندسي الاتصالات، يرى أن «فكرة المدن الذكية لا يجب أن تقتصر فقط على تحسين حياة المواطنين، بل على الاستفادة من التكنولوجيا في خلق حلول مبتكرة لمشكلات المجتمع، حتى لا تتحول لمجرد عقارات فخمة، كما حدث في القرية الذكية الموجودة في أول طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي، التي لم نسمع حتى الآن عن أي حل أو بحث علمي قدمته لتنمية المجتمع».
وأشار إلى «ضرورة التفكير في استخدام التكنولوجيا لرفع قيمة المدن، فمدينة مثل الأقصر، بمكانتها التاريخية والحضارية، يمكن أن تساهم التكنولوجيا والوسائل الذكية في رفع قيمتها وتحويلها لمدينة معرفية».
وستعتمد المدن الذكية الجديدة على حلول تنموية تكنولوجية. فمثلاً مدن مثل الجلالة وشرق بورسعيد، ستعتمد على التكنولوجيا في تحلية مياه البحر المالحة، كما توفر هذه المدن في الطرق الرئيسية أنفاقاً لصيانة البنية التحتية، دون اللجوء إلى تكسيرها، كما هو معتاد الآن، كما سيتم إدارة جميع محطات الطاقة في المدن الذكية عن بعد، عبر مراكز تحكم صممت على أعلى مستوى، بحسب عباس.
ووفقاً لمؤشر المدن الذكية العالمي لعام 2018، فإن مدينة لندن تحتل المركز الأول في قائمة المدن الذكية، تليها كل من: سنغافورة، وسيول، ونيويورك، وهلسنكي، ومونتريال، وبوسطن، وملبورن، وبرشلونة، وشنغهاي، على التوالي في قائمة أفضل 10 مدن ذكية حول العالم.)


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».