أكدت دراسة دولية أن تناول اللحوم الحمراء ومنتجاتها ليس مرتبطاً على ما يبدو بمخاطر صحية كبيرة لدى معظم الناس.
وأعد الدراسة، التي تخالف اعتقاداً شائعاً، فريق دولي من الأطباء، وذلك بعد الاطلاع على العديد من الدراسات السابقة بشأن الموضوع.
وقال فريق الباحثين تحت إشراف برادلي جونستون، من جامعة «دالهاوسي» بمدينة هاليفاكس الكندية، في دراستهم التي نشر نتائجها العدد الأخير من مجلة «أنالس أوف إنتيرنال ميديسين»، إن دراستهم كشفت فقط عن علاقة ضعيفة بين تناول اللحوم والإصابة بالسرطان والسكر، إضافة لأمراض القلب والدورة الدموية.
كما قدم الفريق المكون من 14 باحثاً، توصيات غذائية جديدة في المجلة نفسها، استناداً إلى تحليل بيانات خمس دراسات تجميعية.
وهو الأمر الذي اعتبره والتر ويليت، أستاذ علم الأوبئة والتغذية في كلية «الصحة العامة» بجامعة «هارفارد»، وهو شخص نباتي، أمراً مثيراً للجدل، وقال إن التقرير الذي أشرف عليه برادلي جونستون يحتوي على الكثير من العيوب، ووصفه بأنه «هو أكثر أشكال إساءة استخدام الأدلة التي رأيتها على الإطلاق»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وقال إن العديد من المشاركين في الدراسة كانوا من الشباب، ومن غير المرجح أن يستسلموا للمرض في فترة زمنية قصيرة تشارك في التجارب. وأضاف: «إن الحد من المخاطر عن طريق استبدال مصادر بروتين صحية باللحوم الحمراء يشبه حجم العديد من الأدوية التي نستخدمها لعلاج ارتفاع الكوليسترول في الدم وضغط الدم، ونحن ننفق مبالغ هائلة من المال على هذا».
وصنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، بمدينة ليون الفرنسية، تناول اللحوم الحمراء، أي لحوم الأبقار والخنازير والأغنام والماعز، على أنها «ربما تسبب السرطان». بل إن منتجات هذه اللحوم مصنفة لدى الوكالة على أنها «مسببة للسرطان».
لذلك فإن الكثير من توجيهات التغذية توصي بتناول كميات أقل من اللحوم: «ولكن هذه التوصيات تستند بالدرجة الأولى إلى دراسات رصدية، كانت معرضة لخطر وجود عوامل من شأنها أن تشوش على النتيجة»، حسبما كتب جونستون وزملاؤه: «مما يجعل من الصعب التحدث عن وجود علاقة سببية».
واطلع فريق الباحثين على جميع الدراسات الطبية المتعلقة بهذه القضية، التي صدرت في المجلة المذكورة حتى يوليو (تموز) 2018. والموجودة ضمن قاعدة البيانات الخاصة بالمجلة.
وقيم الباحثون نتائج هذه الدراسات آخذين في الاعتبار الطرق البحثية وجودة البيانات ومراعاة عوامل التأثير، لمعرفة مدى قوة نتائج هذه الدراسات، كل على حدة.
وتضم هذه العوامل المؤثرة، على سبيل المثال، المواد الحافظة، مثل ملح الصوديوم وأملاح النترات والنتريت، أو المواد التي تنشأ عن شواء اللحم.
وكانت نتيجة هذه المراجعة الصارمة أنه إذا اعتدل الإنسان في تناول اللحوم، وخفض عدد مرات تناول اللحوم بواقع ثلاث أنصبة لحوم أسبوعياً، أي خفضها من سبع إلى أربع مرات، ينخفض خطر الإصابة بشكل طفيف فقط.
وإذا تناول 1000 إنسان، بناء على ذلك، كميات أقل من اللحوم المعالجة، فإن حالات الإصابة بالسكر التي يتم احتسابها بين هذا العدد تنخفض خلال 11 سنة بواقع 12 حالة.
وإذا خفض 1000 شخص تناول اللحوم غير المعالجة، ينخفض عدد حالات الوفاة جراء السرطان مقارنة بمتوسط العمر، بواقع 8 حالات، وتنخفض حالات الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية خلال 11 عاماً بواقع 4 حالات.
وفي جميع السيناريوهات، كان التدليل على هذا الانخفاض في المخاطرة ضعيفاً أو ضعيفاً جداً.
وأخذ الباحثون في اعتبارهم أيضاً الراحة التي يشعر بها الكثير من الناس عند تناول اللحوم.
وبعد موازنة المخاطر الصحية وفقدان الشعور بالراحة الذي يعنيه التخلي عن تناول اللحوم، أوصى جونستون وزملاؤه بأن يستمر الأصحاء في تناول اللحوم ومنتجاتها بالقدر نفسه الذي يتناولونه حالياً.
غير أن الباحثين أكدوا أن هذه التوصية لا تأخذ في الاعتبار أن التخلي عن اللحوم يمكن أن يكون مجدياً، لأسباب أخرى، مثل راحة الحيوان، على سبيل المثال، أو بسبب آثار تربية الحيوانات على البيئة والمناخ.
وفي سياق تعليق على الدراسة، رأى شتيفان كابيش، الخبير في المعهد الألماني لأبحاث الغذاء في مدينة بوتسدام الألمانية، أن الطريقة النقدية التي تعامل بها الباحثون مع الدراسات السابقة محقة، وقال: «فيما يتعلق بأمور التغذية فإن الكثير من العوامل له صلة بعوامل أخرى، لذلك فليس من السهل إيجاد علاقات السببية بين السبب والنتيجة».
ومع ذلك، فإن كابيش لا يدعو إلى تغيير التوصيات الغذائية الحالية، ولكنه يرى بدلا من ذلك في هذه الدراسة دافعاً إضافياً لإجراء دراسات ذات مستوى أفضل بشأن العلاقات بين التغذية والصحة.
دراسة قللت من مخاطر اللحوم الحمراء تثير جدلاً
دراسة قللت من مخاطر اللحوم الحمراء تثير جدلاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة