«الشباب الصومالية» تهاجم رتلاً عسكرياً للاتحاد الأوروبي وقاعدة عسكرية أميركية

TT

«الشباب الصومالية» تهاجم رتلاً عسكرياً للاتحاد الأوروبي وقاعدة عسكرية أميركية

في هجوم جريء يمثل نقلة نوعية في مستوى تهديداتها الإرهابية على الأرض، شنت حركة «الشباب» الصومالية المتطرفة هجومين منفصلين استهدفا قاعدة عسكرية أميركية في بلدة بليدوغلي الصومالية ورتلا عسكريا إيطاليا في العاصمة مقديشو.
واستهدف المسلحون القاعدة الأميركية في بليدوغلي التي تبعد نحو 110 كيلومترات شمال غربي مقديشو) بالمتفجرات قبل أن يفتحوا النيران على الموقع. وتزامن الهجوم مع عودة الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، إلى بلاده قادما من نيويورك بعد مشاركته في اجتماعات الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت وزارة الدفاع الإيطالية في بيان إن انفجارا أصاب رتلا عسكريا إيطاليا، وأضافت أنه لا تقارير إلى الآن عن إصابات. وكتبت إيمانويلا ديل ري نائبة وزير الخارجية الإيطالي على «تويتر» أنّ الهجوم استهدف جنودا إيطاليين. وقالت: «أشعر بالقلق حيال الانفجار الذي وقع عند مرور الجنود الإيطاليين في الصومال» الذين يشاركون في مهمة الاتحاد الأوروبي للتدريب في البلد الأفريقي الفقير والمضطرب. وقال مصدر أمني إن هجوما بعبوة ناسفة وقع أيضا صباح أمس على قاعدة تديرها قوات خاصة أميركية أعقبه إطلاق نيران من أسلحة صغيرة، بينما شوهدت مركبة مدرعة في مقديشو لحقت بها أضرار شديدة وعليها ملصق صغير لعلم إيطاليا. وتتولى القوات الأميركية تدريب قوات خاصة صومالية في قاعدة بليدوغلي التي تستخدم أيضا في تنفيذ كثير من عمليات الطائرات المسيرة.
وقالت الشرطة الصومالية إن سيارتين ملغومتين استهدفتا القاعدة التي تتمركز بها قوات صومالية خاصة وقوات أميركية خاصة وقوات أوغندية لحفظ السلام. وأكّد مسؤول أمني صومالي أنّ مستشارين عسكريين أوروبيين يدربون الجيش الصومالي تعرضوا لاعتداء بواسطة سيارة مفخخة في مقديشو. وقال الضابط الصومالي عمر أبيكار: «استهدفت سيارة مفخخة المستشارين العسكريين الأوروبيين على الطريق الصناعي، اصطدمت سيارة محملة بالمتفجرات بإحدى سيارات الموكب وسقط ضحايا». ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مسؤولين صوماليين تأكيدهم مقتل 18 شخصا، على الأقل، خلال اقتحام نفذه مسلحون من جماعة الشباب المتشددة لقاعدة عسكرية جنوب البلاد قبل فجر أمس. وقال المسؤول العسكري، محمد عبدي: «فقدنا خمسة جنود في هذا الهجوم الإرهابي، وقتلت قواتنا 13 مسلحا»، موضحا أن الهجوم بدأ بتفجير سيارة مفخخة عند مدخل القاعدة العسكرية. وهذا الهجوم هو الأحدث في سلسلة من الهجمات التي نفذها المسلحون في المناطق الجنوبية والوسطى من الصومال. ووقع هجوم في ضواحي مدينة «ماركا»، عاصمة محافظة شبيلي السفلى، حيث قال مسؤول حكومي آخر يدعى عبد الله علي إن المعركة النارية بين الجانبين استمرت نحو ساعتين.
وأعلنت جماعة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم، وقالت إنها قتلت أكثر من 20 جنديا واستولت على القاعدة لفترة وجيزة، ونهبت مواد عسكرية وكميات من الذخيرة.
وتابعت «بعد اختراق محيط القاعدة المحصّنة بشدة، قام المجاهدون باقتحام المجمع العسكري، واشتبكوا مع الصليبيين في تبادل إطلاق نار كثيف». لكن قائد الجيش الصومالي أودوا يوسف قال في تصريحات له أمس إن قواته تغلبت على المسلحين وصدتهم، وقتلت الكثير منهم، من دون أن يكشف المزيد من التفاصيل. بدورها، قالت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية إن الجيش الصومالي أحبط أمس ما وصفته بهجوم فاشل شنته حركة الشباب على قاعدة مطار بليدوغلي العسكري في إقليم شبيلي السفلي. ونقلت عن مصادر في الجيش قولها إنه «رغم تسخير الميليشيات الإرهابية الكثير من مواردها لإنجاح الهجوم الإرهابي، إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك بسبب يقظة الجيش الوطني الذي تعامل بسرعة مع الهجوم وأفشله في غضون عشر دقائق، دون وقوع أي إصابات في صفوفه».
وبحسب ما بثته الوكالة أمس فقد أدى تبادل إطلاق نار قصير إلى مقتل جميع المهاجمين. وجاء الهجوم فيما تنفذ القوات الصومالية عمليات عسكرية للقضاء على ميليشيات الشباب، وتحرير المناطق التي يتحصنون فيها بإقليم هيران. ونفى عثمان جيدي نائب رئيس البلدة انسحاب القوات الجيبوتية العاملة ضمن قوات الاتحاد الأفريقي «أميصوم» من بعض المناطق التابعة للإقليم هيران، داعيا المواطنين إلى العمل مع قوات الجيش للتصدي لما سماه بالمؤامرة التي تحاك من قبل ميليشيات الشباب المتطرفة. يشار إلى أن جماعة الشباب، المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة» الإرهابي الدولي، تشن هجمات بشكل منتظم داخل الصومال، وكان مسلحوها طردوا عام 2011 من مقديشو قبل أن يخسروا أيضا غالبية المناطق التي كانوا يسيطرون عليها. لكنهم لا يزالون ينتشرون في الكثير من المناطق الريفية وينطلقون منها لشن هجمات والقيام بعمليات انتحارية في العاصمة ومناطق أخرى.


مقالات ذات صلة

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.