في نهاية العام الماضي هزت فضيحة عالم الصحافة في ألمانيا عندما أعلنت مجلة دير شبيغل العريقة أن بين موظفيها صحافيا يزور تقاريره. لم يكن كلاس ريلوتيوس أي صحافي، بل «نجم» المجلة، فهو حائز على ما يزيد على 40 جائزة صحافية في سنوات قليلة. كتبت حينها دير شبيغل افتتاحية تعلن طرد ريلوتيوس. وبدأت تحقيقا في حجم التزوير الذي يبدو أنه طال معظم مقالاته الستين التي كتبها للمجلة.
بعد أقل من عام على هذه الفضيحة خرج «مفجرها» الصحافي خوان مورينو الذي كان مسؤولا عن فضح ريلوتيوس، بكتاب يروي تفاصيل واحدة من أكبر عمليات التزوير التي طالت الصحافة في ألمانيا.
مورينو الذي يكبر ريلوتيوس البالغ من العمر 33 عاما، بنحو عقد من الزمن، يصف «النجم» السابق بأنه «مزور» ولا يعد صحافيا. ويروي كيف كان يعتمد الكذب ليس فقط في قصصه التي يكتبها، بل كأسلوب للحياة.
يقول مثلا إنه عام 2015 بعد مرور نحو عام على انضمام ريلوتيوس لفريق كتاب المجلة كصحافي حر، قرر رئيس التحرير تقديم عرض عمل له لوظيفة محرر دائم لدى المجلة، وهو منصب يطمح له كل صحافي في ألمانيا. رفض حينها الصحافي الشاب العرض متحججا بأخته المريضة التي قال إنها تعاني من السرطان ويرعاها صباحا وليلا.
يكتب مورينو أنه تبين لاحقا بأن ريلوتيوس ليست لديه شقيقة، وأن أحدا لا يفهم سبب هذه الأكذوبة. ولكن بتحليله الخاص، يستخلص مورينو أن أكذوبة ريلوتيوس تلك أكسبته تعاطفا كبيرا حينها من إدارة التحرير في دير شبيغل حتى بات يعرف بـ«كلاس المخلص». وبقيت المجلة مصرة على ضمه لفريقها الدائم حتى قبل عام 2017.
ولو لم يتكشف أمره، كان ريلوتيوس ليحصل على ترقية ويصبح مدير قسم، ومشرفا على مورينو نفسه الذي سبقه لعالم الصحافة بأكثر من 10 سنوات. ويبدو أن هذا كان أحد دوافع مورينو التي جعلته مصرا على فضح ريلوتيوس.
وكانت فرضته عندما طلب إليهما رئيس التحرير بالعمل على قصة مشتركة تتعلق بالمهاجرين القادمين من المكسيك على الحدود مع الولايات المتحدة.
وبعد أن شكك بالقصة التي كتبها ريلوتيوس، بدأ مورينو بالتحقيق في مصادر القصة. واكتشف أن الكاتب الشاب اخترع مقابلة وجولة قال إنه قام بها مع حرس حدود فرديين أطلقوا النيران على مهاجرين ونقل عنهم كلاما عنصريا. مورينو اتصل بالفرقة التي كتب ريلوتيوس أنه قابلها وتبين أن المقابلة المزعومة لم تحصل، ولا حتى اللقاء. عندما أبلغ مورينو مدير التحرير، رفض تصديقه واتهمه بالغيرة. ولم يعره مديروه اهتماما إلا حين عاد بالأدلة الكاملة.
مورينو الذي يتحدر من أصول مهاجرة، وهو ابن لوالدين إسبانيين قدما إلى ألمانيا للعمل بحثا عن فرص أفضل، يورط المسؤولين في المجلة بقدر ما يورط ريلوتيوس، ولكن بطريقة غير مباشرة عبر روايته التفاصيل التي أدت إلى كشف الحقيقة. فالمديران اللذان كان يرفضان تصديقه كانا سيترقيان كذلك مع ريلوتيوس. ورغم أن مورينو يتحدث عن «نظام فاشل» في دير شبيغل، فهو يرفض اتهامها بالتزوير ويقول إن المزور الوحيد هو ريلوتيوس.
ورغم أن سمعة دير شبيغل نجت من هذه الفضيحة التي لم تقض إلا على ريلوتيوس وأحد المسؤولين عنه الذي استقال، فالتفاصيل الجديدة التي خرج بها مورينو تسلط الضوء على ما وصفه البعض بأنه «فشل إدارات التحرير بالتدقيق في المعلومات والهوس بالجوائز والقصص الكاملة» التي تدفع مديري التحرير للثقة العمياء بـ«نجوم» يتبين أنهم مزورون، خاصة أن ريلوتيوس لم يكن الصحافي الأول الذي يهز الإعلام الألماني بأكاذيبه.
تفاصيل «نجم دير شبيغل» المزيف في كتاب جديد
تفاصيل «نجم دير شبيغل» المزيف في كتاب جديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة