خصائص جديدة لمواد تغير أشكالها عند امتصاص أشعة الشمس

أبحاث من «كاوست» لتوظيفها في أجهزة مبتكرة تعمل بالضوء

خصائص جديدة لمواد تغير أشكالها عند امتصاص أشعة الشمس
TT

خصائص جديدة لمواد تغير أشكالها عند امتصاص أشعة الشمس

خصائص جديدة لمواد تغير أشكالها عند امتصاص أشعة الشمس

حظيت بلورات البيروفسكايت - وهي مادة بلورية يتغير شكلها عند التعرض للضوء - بالكثير من الاهتمام من قبل العلماء نظراً لكفاءتها في تحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية، لكن الأبحاث الجديدة التي أجراها علماء بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) كشفت عن إمكانية استخدامها في أغراضٍ أخرى بخلاف تصنيع طبقات تمتص ضوء الشمس في الألواح الشمسية؛ إذ يمكن أن تشكِّل أساساً لعددٍ من الأجهزة المبتكرة التي تعمل بالضوء. وجدير بالذكر، أن معدن البيروفسكايت كان قد اكتشف لأول مرة في عام 1839 في جبال الأورال في روسيا، وتعود التسمية لمؤسس الجمعية الجغرافية الروسية، العالم الروسي ليف بيروفسكي.

- انفعال ضوئي
تتعرض بعض المواد لتغيُّر في الإجهاد الداخلي؛ مما يؤدي إلى حدوث تغير في أشكالها، وتُعرف هذه الخاصية باسم «الانفعال الضوئي». وتتميز المواد العضوية التي تتسم بخاصية الانفعال الضوئي بأكبر تغيُّر في الشكل تم رصد حدوثه حتى الآن بسبب الضوء، وهذا التغير يعبّر عنه معيار يُعرف باسم «معامل الانفعال الضوئي»، غير أن استجابتها بطيئة وغير مستقرة في الظروف المحيطة.
درس الدكتور جيه آر هاو هي، أستاذ الهندسة الكهربائية في قسم العلوم والهندسة الحاسوبية والكهربائية والحسابية في «كاوست»، وزملاؤه من الباحثين خاصية الانفعال الضوئي في مجموعة جديدة من المواد البيروفسكايتية التي تعد من أهم المواد الضوئية، وفقاً لقول جيه آر هاو. وقد كشفت أبحاث الفريق عن أن هناك المزيد من الخصائص الضوئية المدهشة في هذه المواد بخلاف امتصاص الطاقة الشمسية. واختبر الباحثون مادة بيروفسكايتية تسمى MAPbBr3، واكتشفوا أنها تتمتع بمستويات فائقة من الانفعال الضوئي.
ومن أجل اختبار سمات الانفعال الضوئي بصورة شاملة، طور فريق البحث نهجاً جديداً يستخدم «تحليل رامان الطيفي»، أحد أساليب التحليل الطيفي الجزيئي، والذي يستخدم تفاعل الضوء مع المادة للحصول على رؤية لتكوين المادة أو خصائصها والذي يفحص اهتزازات الجزيئات داخلها.
تؤدي خاصية «الانفعال الضوئي» عند الانغمار بالضوء إلى تغيير الإجهاد الداخلي في المواد، ومن ثَم تغيير النمط الداخلي للاهتزازات. ومن خلال قياس التحولات في إشارة «قياس رامان الطيفي» عند وضع المادة تحت ضغط ميكانيكي، استطاع الفريق تكييف هذا الأسلوب الجديد، ومن ثَم استخدمه في تحديد مقدار تأثير الانفعال الضوئي.

- طاقة كهروضوئية
يقول تسو تشياو وي، عضو الفريق: «لقد أثبتنا أن (قياس رامان الطيفي) الموقعي مع الفحص المجهري متحد البؤر يُعد أداة توصيف قوية لقياس التشوه الشبكي الذاتي المستحث بالضوء بطريقة ملائمة». وأضاف بأن المنهج نفسه يمكن تطبيقه لقياس الانفعال الضوئي في المواد الأخرى.
وقد أثبتت الدراسات أن المواد البيروفسكايتية تتمتع بمعامل كبير للانفعال الضوئي يساوي 1.25 في المائة. كما أثبت الباحثون كذلك أن خاصية الانفعال الضوئي في أي مادة بيروفسكايتية تُعزى جزئياً إلى التأثير الفُلطائي الضوئي أو «الفولتضوئية»، أي تحويل الضوء إلى كهرباء. وتعد هذه الظاهرة أساس عمل الخلايا الشمسية. ويؤدي التوليد التلقائي للشحنات الموجبة والسالبة عند غمر المواد البيروفسكايتية بالضوء إلى زيادة استقطاب المادة؛ مما يولد الحركة في الأيونات التي تتألف منها المادة.
ووفقاً لوي، فإن سمات «الانفعال الضوئي» القوية والمستقرة في المواد البيروفسكايتية، تجعلها مفيدة للاستخدام في تصنيع مجموعة من الأجهزة المبتكرة. ويضيف: «سنستخدم هذه المواد لتصنيع الجيل الجديد من الأجهزة الإلكترونية الضوئية، التي تتضمن الأجهزة اللاسلكية القابلة للفتح والإغلاق عن بُعد، وغيرها من التطبيقات التي يمكن التحكم فيها عن بُعد».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً