الميليشيات ترفع أسعار الإنترنت وتحجبه عن مناطق واسعة في صعدة

TT

الميليشيات ترفع أسعار الإنترنت وتحجبه عن مناطق واسعة في صعدة

أقدمت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران قبل أيام على زيادة أسعار استهلاك الإنترنت الذي تتحكم به مركزياً من صنعاء عبر المشغل المحلي «يمن نت»، ضمن مساعي الجماعة لجني مزيد من الأموال.
جاء ذلك في وقت شددت فيه الجماعة من عمليات الرقابة على الشبكات المحلية في صنعاء وعدد من مناطق سيطرتها، في حين قامت في مناطق أخرى بإلغاء الشبكات نهائياً تحت مزاعم أنها تهدف إلى «حماية المجتمع من الغزو الغربي»، كما يردده مشرفو الجماعة.
إلى ذلك أفاد سكان في محافظة صعدة بأن الميليشيات أقدمت على قطع خدمة الإنترنت تماماً في أغلب مديريات المحافظة بما فيها مديريات رازح وساقين ومنبه في سياق التضييق على السكان وتقييد حرياتهم.
وذكرت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي الجماعة أبلغوا السكان أن هذه التدابير تأتي في سياق «تخليص المجتمع اليمني من شرور الغزو الغربي الذي يستهدف أفكار الشباب»، على حد مزاعمهم.
وكان مشرفون حوثيون في بعض مناطق محافظتي حجة وعمران (شمال صنعاء) أقدموا على ملاحقة ملاك شبكات الإنترنت المحلية التي يشترك فيها السكان وأجبروهم على قطع الخدمة تحت الذرائع نفسها.
ويقول ناشطون يمنيون إن الجماعة الحوثية بسلوكها تهدف إلى إعادة الشعب اليمني إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر (أيلول) عام 1962، حيث كان أسلاف الحوثيين من الأئمة يحتكرون التعليم والمال والسلطة ويحرصون على تغييب وسائل المعرفة وإشاعة الجهل.
ورغم أن الجماعة الحوثية أعلنت عبر قادتها المعينين في شركة «يمن نت» أنهم لم يرفعوا الأسعار على غالبية الفئات المشتركة في الخدمة، فإن مصادر نقابية سرت من النفي الحوثي ودعت إلى التصعيد في مواجهة الجماعة من أجل إعادة الأسعار إلى ما كانت عليه.
وقالت المصادر النقابية إن نفي الجماعة «يأتي في إطار المغالطات التي دأبت عليها الشركة في السنوات الأخيرة وضعف الإدارة وعجزها عن تقديم أي جديد يفيد المشتركين، سوى اللجوء للكذب العلني على المشتركين».
وأوضحت المصادر أن الزيادة السعرية التي أقرتها الجماعة الحوثية دون أي مسوغ قانوني استهدفت جميع المشتركين وبدرجة رئيسية الخطوط الذهبية سرعة «4.8 ميغا»، وهي الفئات الأكثر استخداماً وعدد المستفيدين منها يتجاوزون 90 في المائة ممن يستخدمون الإنترنت في اليمن.
وأكدت المصادر أن النقابة الوطنية للشبكات تؤكد على حقها في الدفاع عن ملاك الشبكات ومستخدمي الإنترنت من عوام الشعب المستفيدين من خدماتها، من خلال إجراءات تصعيدية في الأيام المقبلة إذا لم تتراجع الجماعة عن قرار رفع الأسعار.
واتهمت المصادر الجماعة الحوثية بأنها تسعى إلى الكسب غير المشروع على حساب السكان، خصوصاً بعد أن جعلت من منظومة الاتصالات في اليمن باباً واسعاً للفساد الذي يقوم به قادتها.
وكانت «الشرق الأوسط» كشفت جانباً من الفساد الحوثي في قطاع الاتصالات، خصوصاً في شركة «يمن موبايل» التي أقدمت الجماعة على «حوثنتها» بشكل كامل واستبعاد العشرات من القيادات السابقة.
كما أكدت مصادر مطلعة في قطاع الاتصالات أن قيادات الجماعة تنفق مليارات الريالات سنوياً من أموال الشركة على قادتها ولمصلحة جمعيات يملكها قادة حوثيون إلى جانب إنفاقها مبالغ ضخمة لمصلحة المجهود الحربي.
ورغم قرار الحكومة الشرعية بنقل مقرات قطاع الاتصالات إلى العاصمة المؤقتة عدن، فإن الجماعة الحوثية لا تزال تسيطر على الشبكة الوطنية اليمنية للاتصالات بشكل كامل منذ انقلابها على الشرعية في 2014.
ويتهم ناشطون يمنيون في صنعاء بأن الجماعة تقوم بمراقبة الهواتف النقالة والأرضية على حد سواء للتجسس على المناهضين لها، كما تفرض قيوداً كبيرة على سرعة الإنترنت بغرض الحد من استخدامه أو الاطلاع على مواقع تعدّها الجماعة معارضة لانقلابها.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».