بومبيو: نظام الأسد مسؤول عن فظائع بعضها يصل إلى جرائم حرب

واشنطن تفرض عقوبات جديدة على مهربي وقود طائرات

TT

بومبيو: نظام الأسد مسؤول عن فظائع بعضها يصل إلى جرائم حرب

أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو استخدام الرئيس السوري بشار الأسد غاز الكلورين سلاحاً كيماوياً ضد الشعب السوري في 9 مايو (أيار) الماضي، في هجوم دموي على محافظة إدلب، آخر معاقل المسلحين، مشيراً إلى أن بلاده تملك الأدلة على ذلك. وقال في مؤتمر صحافي، أمس (الخميس)، إن نظام الأسد مسؤول عن أعمال القتل والتعذيب واستخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري.
وشدد وزير الخارجية الأميركي على أن الولايات المتحدة ستقوم بكل ما يلزم لضمان عدم استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد شعبه مرة أخرى.
وأضاف بومبيو، أن «النظام السوري يجب أن يعرف أننا سنمنع تكرار هذه الأحداث، وسنعمل على محاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات، ونحن على ثقة في تقارير أجهزة الاستخبارات، والرئيس ترمب كان واضحاً وعمل على حماية العالم من الأسلحة الكيماوية».
وتابع: «ستواصل الولايات المتحدة الضغط على نظام الأسد الخبيث لإنهاء العنف ضد المدنيين السوريين والمشاركة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة». وأشار بومبيو إلى العلاقات التي تربط نظام الأسد بالنظام الإيراني، مشدداً على أن إيران تعد التهديد الحقيقي للمنطقة والعالم بأسره.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت أنها تشتبه في وقوع هجوم بأسلحة كيميائية في إدلب، إلا أنها لم تطلق حكماً واضحاً بهذا الشأن. وقال محققون دوليون، إن الأسد المدعوم من روسيا استخدم مراراً الأسلحة الكيميائية ضد أهداف مدنية في مسعاه لإنهاء الحرب.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن عقوبات على ثلاثة أفراد وخمس سفن شحن وشركة وهمية مقرها موسكو، شاركت في نقل الأموال والوقود للقوات الروسية التي تدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال سيغال ماندلكر، وكيل وزارة الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب، إن «نظام الأسد الاستبدادي تحت الأضواء الدولية لاستخدامه الأسلحة الكيميائية وارتكابه الفظائع ضد المدنيين السوريين الأبرياء، وهو يعتمد على هذه الأنواع من الشبكات غير المشروعة للبقاء في السلطة».
ووجد مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، أن شركة «ماريتايم أسستانس» كانت واجهة لمجموعة «سوفبراخت - سوفمورتارانس» الروسية، الخاضعة للعقوبات الأميركية منذ سبتمبر (أيلول) 2016.
وبعد وضع «سوفبراخت - سوفمورتارانس» على القائمة السوداء، قامت شركة «ماريتايم أسستانس» بالعمل نيابة عنها، حيث باعت وشحنت وقود طائرات في 2016 و2017 إلى بانياس في سوريا؛ لاستخدامه في الطائرات العسكرية الروسية.
وجاء في بيان الوزارة نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، أن «الدعم الروسي لنظام الأسد مكّنه من مواصلة حملات القصف التي دمرت الكثير من المستشفيات والمدارس والأماكن العامة؛ ما تسبب في مقتل المدنيين».
وإضافة إلى شركة «ماريتايم أسستانس»، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على ثلاثة مديرين من شركة «سوفبراخت - سوفمورتارانس»؛ للاشتباه بدورهم في عملية التهريب، وهم إيفان أوكروكوف مدير النقل البحري، وكارين ستيبانيان، نائب المدير، وإيليا لوغينوف نائب المدير العام للدعم القانوني.
كما أضيفت خمس سفن إلى القائمة السوداء. ونتيجة لهذه العقوبات يحظر على البنوك الأميركية نقل أي أموال لهذه الشركة أو الأفراد الذين يحظر عليهم دخول النظام المالي العالمي، كما يتم تجميد أي أصول لهم في الولايات المتحدة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.