إسرائيل تستجوب وزير القدس وتستدعي المحافظ {لمسهما بسيادتها}

السلطة: سياسة بائسة ومفلسة تتزامن مع أعمال الدورة الـ74 للأمم المتحدة

قوات إسرائيلية تتابع هدم بيت فلسطيني قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تتابع هدم بيت فلسطيني قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستجوب وزير القدس وتستدعي المحافظ {لمسهما بسيادتها}

قوات إسرائيلية تتابع هدم بيت فلسطيني قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تتابع هدم بيت فلسطيني قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

اعتقلت إسرائيل وزير القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي، واستدعت محافظ المدينة عدنان غيث للتحقيق، في يوم تصعيد إسرائيلي شهد اعتقالات واسعة في الضفة واقتحام مدينة رام الله، معقل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومقرات ووزارات السلطة.
وداهمت قوات إسرائيلية فجراً منزل وزير شؤون القدس فادي الهدمي في حي الصوانة بالمدينة واعتقلته، في حين كان جنود آخرون يسلمون عائلة المحافظ عدنان غيث، ونجله، قراراً لمراجعة المخابرات، ويعتقلون ناشطين آخرين في المدينة.
واتهمت سلطات الاحتلال، الهدمي، بممارسة نشاطات داخل المناطق التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، ورد الفلسطينيون بأن ذلك يعكس سياسة إسرائيلية بائسة ومفلسة في المدينة.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت»، إن سلطات الاحتلال تتهم الهدمي بممارسة تلك النشاطات باسم السلطات الفلسطينية في «الأراضي الإسرائيلية»، وهو ما يخالف القوانين المعمول بها. ونقلت قناة «ريشت كان» عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم، إن الهدمي خرق اتفاق التطبيق الموقع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالقيام «بنشاطات محظورة».
ويتوقع أن تطلق إسرائيل سراح الهدمي بعد استجوابه كما جرت العادة في مرات سابقة مع مسؤولين فلسطينيين.
وهذه ليست أول مرة يعتقل فيها الهدمي الذي تعرض في يونيو (حزيران) الماضي، للتحقيق بشأن أنشطة للسلطة الفلسطينية في القدس.
ويوجد صراع فلسطيني - إسرائيلي في القدس الشرقية؛ إذ تحاول السلطة العمل هناك من خلال قنوات رسمية وغير رسمية وواجهات مؤسساتية، لكن إسرائيل تواجه ذلك بصرامة، وتعتبر أي نشاط هو مساس بالسيادة الإسرائيلية هناك.
ولا تسمح إسرائيل للسلطة الفلسطينية بالعمل في القدس، بما في ذلك تمويل وإنتاج فعاليات، ونقل الميزانيات، وما إلى ذلك. ويتعامل القانون الإسرائيلي مع القدس بشقيها الغربي والشرقي على أنها عاصمة موحدة لإسرائيل، لكن العالم والفلسطينيين يرفضون هذا الضم باعتبار القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة.
والمس بالسيادة الإسرائيلية، يعد التهمة الجاهزة لكل مسؤول فلسطيني بالمدينة، وهي تهمة وجّهتها إسرائيل للهدمي أكثر من مرة وغيث الذي اعتقل سابقاً بتهمة عمله على إحباط بيع ممتلكات عربية لمستوطنين في المدينة. وللسبب نفسه منعت سلطات الاحتلال وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني من دخول القدس، وهددت باعتقاله.
وكان من المقرر أن يزور المجدلاني المدينة، لتفقد عدد من الجمعيات الخيرية والمؤسسات التي تعنى بتقديم خدمات للفئات الفقيرة والمهمشة، إضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات التي تنظم سير العمل بين الوزارة والمؤسسات الشريكة.
في السياق، هدمت الشرطة الإسرائيلية خيمة التضامن ضد الاستيطان شرق القدس. وجاء ذلك كله في حين اقتحم عشرات المستوطنين بينهم رئيس الشاباك السابق آفي ديختر، باحات المسجد الأقصى، تحت حراسة شرطية مشددة.
ولم تقتصر الاعتقالات الإسرائيلية لفلسطينيين في القدس وإنما امتدت للضفة الغربية التي شهدت أيضاً اقتحام مدينة رام الله. واعتقل الجيش الإسرائيلي 17 فلسطينياً في الخليل، ودورا ونابلس وجنين وبيت لحم وقلقيلية وأريحا. كما اقتحم مدينة رام الله؛ ما فجّر مواجهات. ورشق فلسطينيون القوات الإسرائيلية بالحجارة والزجاجات الفارغة في حي بطن الهوا في رام الله عندما نفذ الجيش حملة دهم واسعة واعتقل رجلاً وزوجته، ثم غادر. واستنكرت منظمة التحرير الفلسطينية، التصاعد المستمر في الانتهاكات الإسرائيلية بحق المواطنين والمسؤولين والتي كان آخرها اعتقال وزير شؤون القدس فادي الهدمي، واستدعاء محافظها عدنان غيث. وقالت عضو اللجنة التنفيذية حنان عشراوي في بيان صحافي «إن الإرهاب اليومي المنظم الذي يطال القدس المحتلة، هو ترجمة حقيقية لسياسة دولة الاحتلال ونهجها الهادف إلى تنفيذ مخططات التطهير العرقي والتهجير القسري والفصل العنصري وصولاً إلى حرمان شعبنا من حقه في البقاء على أرضه وممتلكاته».
واستعرضت عشراوي الممارسات الإسرائيلية الإجرامية المتصاعدة التي تطال القدس وضواحيها وخصوصاً في سلوان وشعفاط وكفر عقب والعيسوية، التي ارتكزت في مجملها على مواصلة سياسة الإعدامات الميدانية وعمليات هدم المنازل والمنشآت، التي كان آخرها هدم منزل قيد الإنشاء في بلدة الطور، إضافة إلى حملة المداهمات والترهيب والاعتقالات المتكررة لأبناء المدينة ومسؤوليها والتوسع الاستيطاني وسرقة الأرض والموارد.
في هذه الأثناء، وصفت الحكومة الفلسطينية سياسة إسرائيل في القدس بأنها تعكس حالة إفلاس سياسي. وقال الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم «إن اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي، لوزير شؤون القدس فادي الهدمي، واستدعاءها محافظها عدنان غيث، سياسة بائسة تعكس حالة الإفلاس لدى القادة الإسرائيليين، في تعاملهم مع المدينة المقدسة». وأضاف ملحم «هذه الاعتقالات تأتي في إطار تهويد المدينة وتركيع سكانها وإثارة الإحباط بين صفوفهم، إلا أنها لن تزيدهم إلا قوة وإصراراً وثباتاً في مدينتهم المقدسة».
وتابع «توقيت هذه الاعتقالات يتزامن مع انعقاد أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ ما يضيف ملفاً حياً في موضوع القضية الفلسطينية، وكيفية تعامل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال مع القادة الفلسطينيين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.