قطع الأثاث المبتكرة التي تُعرض منذ يوم الثلاثاء حتى مساء اليوم في «بيت أمير» في كليمنصو بالعاصمة اللبنانية، لا تشبه غيرها، سواء في تصاميمها أو في الهدف من عرضها وبيعها وتعريف عشاق الفن والجمال بها.
فهذه القطع هي نتاج منصة «منجرة» التي أُطلقت بفضل «برنامج تطوير القطاع الخاص في لبنان»، المموَّل من الاتحاد الأوروبي والمنفَّذ من قِبل الوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدُّولية «إكسبرتيز فرانس» وبالتعاون مع شركاء محليين في مدينة طرابلس. ويهدف المشروع إلى استنهاض صناعة المفروشات التي كانت تشتهر بها المدينة لعقود طويلة، ويقصدها اللبنانيون من كل منطقة لجودة أخشابها وإتقان صنعها والحفر اليدوي الحرفي الذي يميزها. ويخبرنا باسم حنا، نائب مدير المشروع من «إكسبرتيز فرانس» الذي يتابع العمل منذ البداية بأنّ «عدد العاملين والمستفيدين من صناعة المفروشات في طرابلس كان يقارب ستة آلاف شخص، ويستفيد كل هؤلاء من صناعة كانت تدرّ ربحاً وفيراً على العاملين في الأخشاب إلى الحرفيين والنّجارين والتجار وبائعي الإكسسوارات، لكنّ تراجُع هذه الصناعة تدريجياً جعل عدد المستفيدين ينخفض إلى ما يقارب ألف شخص فقط». وهو ما يرى فيه القيمون على مشروع «منجرة» أمراً قابلاً للإصلاح، خصوصاً أنّ اليد العاملة متوفرة والنجارين موجودون في طرابلس والشوارع والأحياء التي عُرفت بكثرة هذه المحلات فيها تنتظر استنهاضها.
وتُعرض في «بيت أمير» نحو 22 قطعة أثاث فنية، لكل منها هويتها، نُفِّذت كل منها بتعاون بين مصمم أو اثنين وحرفيين تقليديين، اعتادوا على صناعة المفروشات، كما توارثوها جيلاً بعد جيل.
وبين القطع طاولات ومقاعد وكنبات وغيرها، وكلّها مزجت بين العصرية والروح الشرقية التي امتازت بها طرابلس. والسائر في منطقة الزاهرية أو سوق النحاسين والتربيعة، في المدينة القديمة، يلحظ كثافة في المنتجات الخشبية التي تباع بأسعار زهيدة نسبياً إذا ما قورنت ببقية المناطق اللبنانية، وهو ما كان يجلب الشراة من كل المنطقة العربية. ومشروع «منجرة» الذي عرض منتجاته للمرة الأولى من 7 إلى 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، في دارة السفير اللبناني في باريس، وكان العرض لنسخ من نفس القطع الموجودة الآن في بيت أمير، وفّر للنجارين مجموعة مهمة من الأدوات الحديثة لقص وصقل الخشب وترويضه باتت موجودة في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، هي اليوم في تصرف أصحاب المهنة الذين يودّون استخدامها. وهذه فرصة ثمينة لمئات النّجارين المنتشرين في المدينة الذين ليس في معاملهم هذا النوع من المعدات، وهو ما لا يزال يشكّل عائقاً أمام تطويرهم لمهنتهم.
وأصبح الاسم الذي أُطلق على المشروع «منجرة» علامة تجارية تُوقّع بها القطع المنفَّذة، وهي من شقّين «منجرة إديشن» التي تنتج قطعاً فريدة لا تتكرر، فيما «منجرة كولكشن» هي لقطع تُنتج بشكل مستمر للبيع وبالكميات التي تُطلب في السوق. ويعمل في الوقت الحالي في مشروع «منجرة» بشقيه نحو 16 مصمماً و15 نجاراً على أمل أن يتوثق التعاون بين مصممين لهم إطلالة عصرية على صناعة الأثاث وحرفيين تقليدين لهم من الخبرة على التنفيذ والمهارة والدّقة في العمل ما يجعلهم قادرين على المنافسة.
«منجرة»... مشروع للنهوض بصناعة الأثاث في شمال لبنان
انخفض عدد العاملين في المهنة من 6 آلاف إلى ألف شخص فقط
«منجرة»... مشروع للنهوض بصناعة الأثاث في شمال لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة