تساءل رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون: لماذا حصل كبار المسؤولين في «توماس كوك» على مبالغ طائلة؟ وذلك بعدما أدى انهيار شركة السفر لاعتماد عشرات الآلاف من البريطانيين على الحكومة البريطانية لإعادتهم إلى ديارهم.
والشركة التي أدارت فنادق ومنتجعات وشركات طيران، وكانت تقدم خدماتها لنحو 19 مليون شخص سنوياً، لها حالياً نحو 600 ألف شخص في الخارج، سيحتاجون مساعدة الحكومات وشركات التأمين لإعادتهم من أماكن بعيدة، مثل كانكون وكوبا وقبرص.
وتحدث جونسون، في نيويورك، متسائلاً: لماذا تتحمل الدول المسؤولية عن تصرفات مديرين يحصلون على أجور ضخمة؟ وأضاف أنه ينبغي أن يكون هناك نوع من التأمين لشركات السياحة في مواجهة مثل هذه الأزمات.
وقال: «لديّ أسئلة، بداية، عما إذا كان من الصواب أن يدفع المديرون، أو أي شخص كان بمجلس الإدارة، لأنفسهم هذه المبالغ الضخمة، حين يمكن أن تنهار الشركة بهذا الشكل»، وتابع: «ينبغي أن تكون هناك آلية ما كي تؤمن شركات السفر نفسها في مواجهة مثل هذه الأحداث بشكل مناسب».
وانهارت «توماس كوك» تحت وطأة ديون بلغت 2.1 مليار دولار، بسبب كثير من الصفقات المشؤومة التي أدت لتعثر مساعيها لمواجهة منافسين على الإنترنت. وتعين عليها بيع 3 ملايين رحلة سنوياً لمجرد تغطية مدفوعات الفوائد.
ومع استنزاف الأنشطة للسيولة، اكتشف الرئيس التنفيذي، بيتر فانكهاوز، أنه لم يعد لدى المقرضين الرغبة في المساعدة. وتقاضى فانكهاوز 8.3 مليون جنيه إسترليني (10.3 مليون دولار)، منها 4.3 مليون في 2015. وقالت الحكومة البريطانية إنها ليست مستعدة لإهدار مزيد من المال لدعم خطة إنقاذ الشركة.
وقال جونسون: «كيف يمكن أن نضمن أن تأخذ شركات السفر إجراءات وقائية مناسبة فيما يخص أسلوب عملها، بحيث لا ينتهي الحال بوضع يجبر دافعي الضرائب والدولة على التدخل لإعادة الناس إلى ديارهم».
وقالت هيئة الطيران المدني في بريطانيا إن 64 رحلة عاجلة قد أعادت 14 ألفاً و700 شخص إلى بريطانيا أمس (الاثنين)، ومن المتوقع عودة 135 ألفاً و300 شخص آخرين على مدار الـ13 يوماً المقبلة.
وقال متحدث باسم فرع شركة «توماس كوك» في ألمانيا إن عملاء شركة «كوندور» الألمانية، المملوكة للمجموعة البريطانية، لن يتمكنوا من القيام برحلاتهم السياحية أيضاً خلال يومي الأربعاء والخميس المقبلين، موضحاً أنه لن يتم استضافتهم، سواء من خطوط الطيران أو الفنادق.
ولم يتمكن العملاء أول من أمس، أو أمس، من التوجه إلى مقاصد رحلاتهم التي قاموا بحجزها مع فرع «توماس كوك» الألماني.
ويمكن لجميع السائحين من عملاء الشركة العودة إلى موطنهم، كما هو مقرر، وفقاً للخطوط الجوية. ولا يزال بيع رحلات جديدة متوقفاً في الشركة.وأدى انهيار «توماس كوك» إلى تقطع السبل بعشرات الآلاف من السائحين، ويستعد قطاع السياحة لضربة مالية جراء ذلك.
ولم تتعرض الشركة الألمانية المملوكة لـ«توماس كوك» («نيكرمان» و«أوجر تورز»، و«إير مارتن»، و«بوخر رايزن») للإفلاس، وتجري محادثات حالياً على المستويات كافة لمواجهة الأزمة.
وأعلن وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، أن قرار الحكومة الألمانية، بشأن منح قروض لشركة «كوندور» الألمانية المملوكة لمجموعة «توماس كوك» البريطانية العملاقة للسياحة التي أعلنت إفلاسها مؤخراً، سيُتخذ خلال الأيام المقبلة.
وقال ألتماير، على هامش مؤتمر صناعي في العاصمة الألمانية برلين، إن الصعوبات نشأت بسبب إفلاس الشركة الأم «توماس كوك»، موضحاً أن هذه المشكلات ليست نتاج نشاط «كوندور» نفسها. وأفاد تقرير إخباري أمس بأن انهيار شركة «توماس كوك» يمثل الأزمة الأصعب لليونان منذ الأزمة المالية التي حدثت قبل نحو 10 سنوات.
ووفقاً لصحيفة «نافتيمبوريكي» الاقتصادية، فإن اليونان كانت ثالث أكبر مقصد للشركة السياحية. وفي عام 2018، رتبت الشركة رحلات 8.2 مليون سائح لليونان.
ووفقاً لتقديرات رابطة شركات السياحة اليونانية (SETE)، فإن الخسائر التي سيتسبب فيها إفلاس الشركة ستتراوح بين 250 و500 مليون يورو (276 و550 مليون دولار)، بينما قدرت رابطة أصحاب الفنادق الخسائر بـ300 مليون يورو.
وتشغل «توماس كوك» أربعة فنادق في اليونان، يعمل بها 640 شخصاً لا يزال مصيرهم غير واضح. وشهدت اليونان أزمة مالية عميقة في عام 2010، واضطرت لتنفيذ إصلاحات قاسية، مقابل الحصول على ثلاث حزم إنقاذ، انتهى آخرها منذ أكثر من عام.