رائد الفضاء الإماراتي أول عربي في رحلة نحو المحطة الفضائية

هزاع المنصوري ينطلق اليوم ضمن بعثة روسية لإجراء عدد من الأبحاث

رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري خلال الاستعدادات للرحلة
رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري خلال الاستعدادات للرحلة
TT

رائد الفضاء الإماراتي أول عربي في رحلة نحو المحطة الفضائية

رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري خلال الاستعدادات للرحلة
رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري خلال الاستعدادات للرحلة

بكثير من الأمل والفرح تستعد الإمارات اليوم لتدشين أولى رحلاتها إلى الفضاء؛ حيث سينطلق هزاع المنصوري في مهمته التاريخية إلى محطة الفضاء الدولية، ضمن بعثة فضاء روسية.
وسيقضي هزاع المنصوري 8 أيام على متن محطة الفضاء الدولية، ومن المقرر أن تبدأ الرحلة من محطة «بايكونور» الفضائية عند الساعة الخامسة و56 دقيقة مساء بتوقيت الإمارات، والوصول سيكون عند منتصف الليل، أما فتح بوابة المركبة إلى محطة الفضاء الدولية فسيكون بعد ساعتين من التحام المركبة وذلك للتأكد من إجراءات السلامة.
وبحسب المعلومات الصادرة؛ فإن هزاع المنصوري سيجري خلال مهمته 16 تجربة علمية بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية، منها وكالة الفضاء الروسية روسكوسموس ووكالة الفضاء الأوروبية، بينها 6 تجارب على متن محطة الفضاء الدولية لدراسة تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان في الفضاء مقارنة بالتجارب التي أجريت على سطح الأرض ودراسة مؤشرات حالة العظام والاضطرابات في النشاط الحركي والتصور وإدراك الوقت عند رائد الفضاء، إضافة إلى ديناميات السوائل في الفضاء وأثر العيش في الفضاء على البشر وتجربة النخلة في الفضاء.
ويتكون الطاقم الرئيسي لمهمة الوصول إلى محطة الفضاء الدولية من كل من رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري ورائد الفضاء الروسي أوليغ سكريبوتشكا ورائدة الفضاء الأميركية جيسيكا مير، فيما يتضمن الطاقم البديل للمهمة سلطان النيادي وسيرغي ريزيكوف وتوماس مارشبيرن.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اتصالا هاتفيا برائدي الفضاء إلإماراتيين هزاع المنصوري وسلطان النيادي، اطمأن خلاله على استعداداتهما لإتمام رحلتهما التاريخية إلى محطة الفضاء الدولية وإنجاز مهمتهما الوطنية.
وقال ولي عهد أبوظبي لرواد الفضاء الإماراتيين إنه من خلال مهمتكما التاريخية إلى محطة الفضاء الدولية تدخل خلالها البلاد مرحلة نوعية مهمة في تاريخ نهضتها التنموية الحضارية، موضحاً أن الإمارات تسعى إلى تحقيق إنجازات نوعية من خلال عقول أبنائها وكفاءاتهم وفي مجال الفضاء والاستعداد للمستقبل، ومشيرا إلى أن أبناء الإمارات أثبتوا دائما أنهم على قدر المسؤولية والثقة. ووفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية «وام» يحمل هزاع المنصوري معه إلى محطة الفضاء الدولية 10 كيلوغرامات من المتعلقات تتضمن «نسخة من القرآن الكريم مع صورة المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - وكتاب قصتي للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصورا عائلية وهدايا تذكارية و30 بذرة لشجرة الغاف».
ويعمل فريق متخصص من المهندسين الإماراتيين في محطة التحكم الأرضية على إدارة مهمة أول رائد فضاء يصعد على متن محطة الفضاء الدولية من خلال التواصل واستقبال المعلومات وتوزيعها على المحطات الأرضية الأخرى والتي تشمل 4 محطات. وستصبح الإمارات بذلك الدولة رقم 19 التي ستسهم في الأبحاث العلمية عن طريق بيانات سيقدمها هزاع المنصوري وستكون مرتبطة بجسم الإنسان وحياته.
ومع وضع الصاروخ على المنصة، يكون مطار بايكونور الفضائي في كازاخستان على موعد مع حدث «أول» جديد يضاف إلى قائمة أحداث «أولى» سجلها في تاريخه. فهو أول مطار فضائي تم تشييده، ومنه تم إطلاق أول قمر صناعي نحو المدار الفضائي، ومن منصته انطلقت أول رحلة مأهولة، والتي حملت رائد الفضاء السوفياتي، يوري غاغارين، في أول رحلة مأهولة لأول إنسان نحو الفضاء. ومن المنصة «الأولى» نفسها التي انطلقت منها رحلة غاغارين، والتي تحمل اسم «غاغارينسكي ستارت»، سينطلق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري في أول رحلة له نحو المحطة الفضائية الدولية.
وقبل أن تطأ قدمه المحطة الفضائية الدولية اجتاز هزاع علي عبدان خلفان المنصوري مرحلة اختبارات وتدريبات شاقة ومعقدة على الأرض، في «رحلة» كانت بدايتها من نجاحه في الوصول إلى المرحلة النهائية من الترشيحات. ونجح معه رائد الفضاء سلطان سيف مفتاح حمد النيادي، الذي تم اعتماده بصفة «رائد فضاء احتياطي». بعد ذلك اجتاز الاثنان معاً 6 مراحل من الاختبارات الطبية والنفسية، ومجموعة من المقابلات الشخصية، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» وقسم الاختبارات الطبية المتقدمة في وكالة الفضاء الروسية «روس كوسموس». وانتقل رائدا الفضاء بعد ذلك إلى روسيا، حيث بدأت مرحلة التدريبات في مركز إعداد رواد الفضاء، وشملت مواصلة التمارين في إطار «الإعداد الجسدي للرحلة»، فضلا عن محاكاة العمل على متن المحطة الفضائية الدولية، وغيرها من تدريبات، منحتهما معرفة واسعة وضرورية لتنفيذ المهمة. واجتاز المنصوري والنيادي بنجاح الاختبارات النهائية الشاملة في نهاية أغسطس (آب) الماضي، وتوجها مع أعضاء الطاقم إلى كازاخستان يوم 10 سبتمبر (أيلول).
وتحدث المنصوري عن صعوبات خلال فترة التدريبات في روسيا، بينها اللغة الروسية التي قال إنها «كانت في البداية صعبة بعض الشيء»، موضحا أنه كان عليه تعلم اللغة؛ لأن التعليمات داخل المحطة الفضائية الدولية مكتوبة باللغة الروسية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».