أفادت الإذاعة الرسمية في الجزائر بأن رئيس المخابرات السابق محمد مدين، وبشير طرطاق الذي تولى المنصب بعده، وسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورئيسة حزب «العمال» لويزة حنون، مثلوا أمام القضاء، أمس الاثنين، بتهمة «التآمر على الجيش»، حسبما أوردت وكالة «رويترز».
ووصفت وكالة الصحافة الفرنسية، من جهتها، محاكمة أمس بأنها «رمزية»، مشيرة إلى أن الاتهامين الموجهين إلى الأربعة هما «المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضد سلطة الدولة». وأوضحت أن عقوبتهما ثقيلة، حسب قانون القضاء العسكري وقانون العقوبات.
ولم تسمح المحكمة سوى بحضور المحامين وأقارب المتهمين، بينما انتشرت قوات الشرطة والدرك حول المحكمة العسكرية بالبليدة (50 كلم جنوب العاصمة الجزائرية)، حسب مصور وكالة الصحافة الفرنسية. وأعلن التلفزيون الحكومي في نشرة منتصف النهار، أن المحاكمة بدأت في الساعة 11:00 (10:00 تغ)، ووصفها بأنها «سابقة في تاريخ العدالة الجزائرية». وقال مراسل التلفزيون إن محامي محمد مدين (الجنرال توفيق) طلب تأجيل المحاكمة. وحسب المحامين وعائلة توفيق، فإن هذا الأخير مريض وحالته الصحية متدهورة، حسب الوكالة الفرنسية.
ونقلت الوكالة ذاتها عن أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الجزائر نور الدين بكيس، أن هذه المحاكمة «تاريخية بالنسبة لاستقرار البلد ومستقبله». وأضاف أن «طبيعة النظام (الجزائري) كانت تشبه العلبة السوداء، وكانت هناك آليات تسوية داخلية للخلافات، وللمرة الأولى تتعطل آليات التسوية الداخلية للنظام مما فجّره من الداخل».
وخلال جلسة عُقدت في 14 مايو (أيار)، في إطار التحقيق الذي يستهدف شقيق الرئيس السابق، تم الاستماع إلى خالد نزار، الرجل القوي السابق في الجزائر ووزير الدفاع في بداية تسعينيات القرن الماضي، كشاهد. وكشف نزار أن سعيد بوتفليقة قال له إنه يعتزم إعلان حالة الطوارئ، وعزل الفريق قايد صالح بهدف وضع حدّ لحركة الاحتجاج ضد شقيقه. وخالد نزار متهم هو أيضاً مع ابنه لطفي بـ«التآمر»، وصدرت بحقهما منذ السادس من أغسطس (آب) مذكرة توقيف دولية أصدرتها محكمة البليدة العسكرية. وذكرت وسائل إعلام جزائرية أنهما فرَّا إلى إسبانيا في بداية فصل الصيف.
وشغل محمد مدين منصب مدير المخابرات بين عامي 1991 و2015. ويقول مسؤولون سابقون، حسب «رويترز»، إنه ظل على مدى نحو 20 عاماً صاحب الكلمة العليا في تعيين الرؤساء والوزراء وحتى مدربي الفريق الوطني لكرة القدم. لكن لم يكن أي جزائري قد رأى صورة له إلا منذ بضع سنوات عندما التُقطت له صور وهو يحضر جنازة بعد أن عزله بوتفليقة في 2015، وعين بشير طرطاق في منصبه. وقال لواء متقاعد «لا أحد يعرف توفيق حقيقة. إنه شبح...». وتابعت «رويترز» أن سعيد بوتفليقة أصبح الحاكم الفعلي للجزائر على مدى السنوات الخمس الماضية منذ أن أصيب شقيقه بجلطة في عام 2013، وهي الفترة التي تزامنت مع تراجع نفوذ جهاز المخابرات. وسعى للحصول على فترة ولاية خامسة لشقيقه الأكبر.
وظهر قائد الجيش أحمد قايد صالح، منذ ذلك الحين، باعتباره الشخصية الرئيسية في الأزمة بين السلطة والمتظاهرين، وطالب بإجراء الانتخابات التي تقررت هذا العام.
في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن وسائل إعلام رسمية، أن المحكمة العليا أمرت أمس أيضاً بحبس وزير الأشغال العمومية والنقل السابق بوجمعة طلعي، ليصبح الوزير السابق الحادي عشر الذي تحتجزه السلطات بتهم فساد منذ اندلاع الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وأجبرت الاحتجاجات، الرئيس بوتفليقة، على التنحي في أبريل (نيسان)، وأدت إلى تأخر الانتخابات التي كانت مقررة في يوليو (تموز)، ما جعل من الجيش أهم قوة في البلاد.
ويواصل المحتجون المطالبة بتطهير أشمل للسلطة من الحرس القديم وابتعاد الجيش عن السياسة، رغم تحديد موعد لانتخابات جديدة في ديسمبر (كانون الأول)، حسب «رويترز».
من ناحية أخرى، كثفت الحكومة ضغوطها على المحتجين، الذين يقولون إن الانتخابات لن تكون نزيهة، إذا ظلت الصفوة الحاكمة في مكانها، بنشر المزيد من قوات الشرطة في المظاهرات واعتقال شخصيات معارضة.
«محاكمة رمزية» في الجزائر لرئيسي المخابرات السابقين وشقيق بوتفليقة
يواجهون تهمة «التآمر على الجيش»
«محاكمة رمزية» في الجزائر لرئيسي المخابرات السابقين وشقيق بوتفليقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة