هوس بريجيت باردو يجتاح الشاشات والمكتبات بمناسبة عيدها الثمانين

الممثلة الفرنسية الأشهر لا تخفي إعجابها باليمين المتطرف

بريجيت على الأغلفة
بريجيت على الأغلفة
TT

هوس بريجيت باردو يجتاح الشاشات والمكتبات بمناسبة عيدها الثمانين

بريجيت على الأغلفة
بريجيت على الأغلفة

بعد 40 سنة من الاعتزال، تعود الممثلة الفرنسية بريجيت باردو إلى مقدمة المشهد الإعلامي بقوة، بمناسبة عيد ميلادها الثمانين الذي احتفلت به، أمس، في فيلتها «لامادراغ»، على ساحل بلدة «سان تروبيه»، جنوب فرنسا. واستقبلت باردو وزوجها برنار دومبال، الناشط اليميني الذي اقترنت به عام 1992، مجموعة من الأصدقاء المقربين للاحتفال بالمناسبة. ودومبال هو رابع أزواجها بعد المخرج روجيه فاديم، والممثل جاك شارييه، والثري الألماني غونتر ساخس.
واحتلت صور النجمة الأشهر في تاريخ السينما الفرنسية أغلفة معظم الصحف الصادرة في باريس هذا الأسبوع، كما خصصت لها قنوات التلفزيون برامج مطولة، وأعادت بث أفلامها القديمة، ومنها «وخلق الله المرأة» للمخرج روجيه فاديم، أول أزواجها، وهو الفيلم الذي كرسها نجمة عالمية للإغراء، ورغم ابتعادها عن الأضواء في السنوات الأخيرة وتكريس جهودها لمؤسستها الخاصة للدفاع عن الحيوان، وافقت باردو على الظهور في مقابلة تلفزيونية واحدة جرت في منزلها، ظهرت فيها تزين شعرها الطويل بالأزهار، من دون أن تقترب الكاميرا من وجهها الذي تركت السنوات آثارها على صاحبته التي كانت توصف بأنها أجمل امرأة في العالم، ونافست الممثلة الأميركية مارلين مونرو على هذا اللقب.
في المقابلة، تحدثت باردو عن معاركها في سبيل حماية الحيوانات من الإبادة وسوء المعاملة، كما تطرقت إلى علاقتها بابنها الوحيد الذي قاطعها، لأنها قالت إنها لم تكن ترغب في إنجابه، كما لم تتحرج في التصريح بإعجابها بمارين لوبين، زعيمة حزب الجبهة الوطنية، ووصفتها بأن لها شجاعة رجل.
كما واصلت الممثلة المعتزلة حملتها على فتح الأبواب للمهاجرين «الذين لا يحترمون ثقافتنا»، حسب تعبيرها، وقالت في حديث لإذاعة «أوروبا 1» إنها تتمنى الاقتصاص من الجهاديين الذين يعودون إلى فرنسا بعد أن قاتلوا في سوريا والعراق، وسبق وأن تقدمت جمعيات تناهض العنصرية بدعاوى أمام المحاكم ضد الممثلة التي تواصل انتقادها للمسلمين في فرنسا بسبب «تعذيبهم» الخراف عند نحر الأضاحي حسب الشريعة.
وتوزعت على واجهات المكتبات مجموعة من الأفلام الرقمية والأسطوانات والكتب الجديدة الصادرة عن بريجيت باردو وفي تفسير «أسطورتها»، وبلغ الاهتمام بالنجمة الثمانينية حدا دفع عددا من المعلقين إلى الحديث عن «هوس شعبي» بالمرأة التي يرمز الفرنسيون لها بالحرفين الأولين من اسمها «BB».
وهناك كتب ما زالت في المطبعة، منها واحد بعنوان «رسائل مدام دو سيفينييه إلى بريجيت باردو»، والماركيز دو سيفينييه أديبة أرستقراطية عاشت في القرن السابع عشر، واشتهرت بمراسلاتها الرفيعة، والكتاب الذي تستعد دار «روبير لافون» لإصداره، يتضمن نصوصا موجهة إلى الممثلة بقلم مجموعة من الكتاب الذين يستعيرون توقيع الماركيز الفرنسية.
أما منشورات «فلاماريون»، فأعلنت عن كتاب يصدر مطلع العام المقبل بعنوان «في جلد بريجيت باردو» من تأليف الكاتب والمسرحي جان لوك سيغل، كما يصدر الشهر المقبل كتاب فخم عن باردو، مزين بالرسوم، بقلم الباحثة الفرنسية المولد جينيت فنساندو، أستاذة دراسات السينما في «كينغز كوليج» في لندن.
وبالإضافة إلى المقابلة الطويلة التي أدلت بها إلى كاتب سيرتها هنري جان سيرفا، وظهرت في كتاب، خصصت مجلة «شنوك» التي تتوجه لـ«القراء الكبار» بين سن 27 و87 عاما، عددا كاملا عن النجمة المعتزلة بمناسبة ثمانينتها.
كما صدر عن دار «شيرش ميدي» سيرة تفصيلية بعنوان «بريجيت بعد باردو»، تتناول ما خفي من وقائع حياة الممثلة منذ اعتزالها عام 1973، وحتى اليوم، مع صور علقت عليها بقلمها.
هذا عدا كثير من ملصقات الأفلام وتسجيلات الأغنيات التي أدتها باردو على الشاشة، وأشهرها تلك التي لحنها لها سيرج غينزبور، وبدت فيها راكبة دراجة نارية من نوع «هارلي ديفدسون»، ويمكن لمحبي الأفلام القديمة اقتناء صندوق نزل إلى المكتبات يتضمن مجموعة من أشهر أدوار باردو، لا سيما دور كاميل جافال في «الاحتقار» عام 1963، للمخرج جان لوك غودار الذي يعد من العلامات البارزة في السينما الفرنسية.
حتى الحي اللاتيني الذي يحتضن أشهر المقاهي التي يرتادها الكتاب والفنانون في باريس، لم يتخلف عن الحفاوة بالنجمة التي ما زال لاسمها صداه في ذاكرة الفرنسيين، وسارعت صالات السينما الواقعة فيه إلى برمجة عدد من أفلام باردو القديمة التي شاركها البطولة فيها، في خمسينات وستينات القرن الماضي، كل من جان لوي ترنتنيان، وميشيل بيكولي، وكلوديا كاردينالي، وجان مورو، وكلهم ما زالوا على قيد الحياة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».