منشدون من 17 دولة يفتتحون مهرجان «سماع» بالقاهرة

«وطن بلا حدود» شعار دورته الـ12

جانب من حفل افتتاح مهرجان سماع الدولي للإنشاد (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من حفل افتتاح مهرجان سماع الدولي للإنشاد (وزارة الثقافة المصرية)
TT

منشدون من 17 دولة يفتتحون مهرجان «سماع» بالقاهرة

جانب من حفل افتتاح مهرجان سماع الدولي للإنشاد (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من حفل افتتاح مهرجان سماع الدولي للإنشاد (وزارة الثقافة المصرية)

افتتح منشدون من 17 دولة حول العالم الدورة الـ12 من مهرجان «سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية»، بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، وسط حضور جماهيري كبير، من عشاق الإنشاد الديني والموسيقى. وتهدف الدورة الجديدة من المهرجان إلى نشر التسامح والمحبة والسلام عبر شعار «وطن بلا حدود».
وشارك في حفل افتتاح المهرجان مساء أول من أمس، فرق من دول مختلفة منها «بنغلاديش، وكونغو كنشاسا، والمغرب، والأردن، واليونان، والجزائر، وإثيوبيا، ومصر، وفرنسا، وإندونيسيا»، وأنشدت جميع الفرق عبر قداس صوفي بدأ بمدائح كنسية ومدائح من التراث الإسلامي للأنبياء جميعاً، أغنيات: «يا رب عام قد مضى - سيدنا النبي كامل الأنوار - العليقة التي رآها موسى النبي في البرية - يا رب صلِّ على نبينا طه - مدد يا رسول الله»، واختتم الحفل بأنشودة لفرقة إندونيسيا «الله غفور رحيم ويحب المحسنين»، وسط تفاعل لافت من الجمهور.
مهرجان سماع الدولي يتم تنظيمه بالتعاون بين كل من وزارة الثقافة ممثلة في قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، وصندوق التنمية الثقافية، ووزارات الآثار والسياحة والخارجية ومحافظة القاهرة، بالتنسيق مع «مؤسسة حوار لفنون ثقافات الشعوب». ويحرص الآلاف على حضور فعالياته سنوياً بمناطق القاهرة الأثرية.
وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية على هامش الافتتاح، إنه «على مر العصور احتفظت أرض مصر بهويتها المتفردة وبقيت نموذجاً للتسامح والتعايش». مشيرة إلى أن الدورة الـ12 من المهرجان تعمل على استكمال مسيرة المحبة والسلام التي بدأت منذ آلاف السنين، وتأتي تحت شعار (وطن بلا حدود)، وتتواكب مع اليوم العالمي للسلام الرامي إلى تعزيز قيم الحوار بين الأمم.
وتحل قارة أفريقيا ضيف شرف المهرجان هذا العام، بالتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، ولتكريس تواجد مصر في عمق القارة السمراء، مع مزج الإبداعات الأفريقية مع الثقافات العالمية، وفق عبد الدايم.
من جانبه، قال الفنان انتصار عبد الفتاح إن «المهرجان يهدف إلى التعرف على فن السماع والتراث الديني لمختلف الشعوب، وتسعى الفعاليات إلى التوحد في لحظة إنسانية لخلق عالم أكثر رحابة».
وتستمر فعاليات الدورة الثانية عشرة من مهرجان سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية حتى 26 سبتمبر (أيلول) الجاري. بمشاركة أكثر من 20 دولة عربية وأفريقية وأوروبية، وتصاحبها احتفالية ملتقى الأديان تحت شعار «هنا نصلي معاً» وتقام في مجمع الأديان بحي «مصر القديمة» (جنوب القاهرة) يوم 25 سبتمبر. في سياق منفصل، أعلنت وزيرة الثقافة أمس، بدء تنفيذ مشروع «سوهاج بلد الأحلام والثقافة والفنون» الذي يهدف إلى نشر التنوير وتكثيف الفعاليات الأدبية والفنية في إحدى أهم محافظات الصعيد والقرى والنجوع التابعة لها.
وقالت عبد الدايم إن «المشروع يضع المحافظة على خريطة الثقافة المصرية ويأتي ضمن توجهات الدولة للاهتمام بالجنوب، وتحقيق العدالة الثقافية». ويشمل المشروع تنظيم أمسيات غنائية وموسيقية وفنون شعبية، وندوات شعرية وأدبية، ومسابقات ثقافية وفنية، وورش تشكيلية وأخرى للحرف البيئية والصناعات التقليدية، وعروض ومهرجانات سينمائية ومسرحية، إلى جانب تنفيذ مبادرات شبابية لإحياء التراث الثقافي وبرامج لتبني وتنمية مواهب أبنائها.


مقالات ذات صلة

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

أطلقت بوخارا أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن يُقام في النيبال، إذ تحوّلت سماء المدينة لوحةً من الألوان الزاهية ضمن مشهد شكّلت ثلوج قمم «هملايا» خلفيته.

«الشرق الأوسط» (بوخارا (النيبال))
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

عُرض «شرق 12» في السعودية والبرازيل وأستراليا والهند وشاهده جمهور واسع، ما تراه هالة القوصي غاية السينما، كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».