ارتفاع درجات الحرارة يزيد تركيز الملوثات الجوية

مستويات الأوزون الأرضي المرتفعة ستؤدي إلى مشاكل صحية أكثر

ارتفاع درجات الحرارة يزيد تركيز الملوثات الجوية
TT

ارتفاع درجات الحرارة يزيد تركيز الملوثات الجوية

ارتفاع درجات الحرارة يزيد تركيز الملوثات الجوية

حسب تقديرات قاعدة بيانات جودة الهواء في منظمة الصحة العالمية، المحدثة في عام 2018، فإن تلوث الهواء مسؤول عن أكثر من 4 ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام، بسبب سرطان الرئة، وأمراض الجهاز التنفسي الحادة، بل وأمراض القلب، والسكتة الدماغية.
- أزمة عالمية
إن هذا التهديد آخذٌ في التحول بسرعة إلى أزمة عالمية، حيث يعيش أكثر من 90 في المائة من سكان العالم في أماكن تتعدَّى فيها معدلات التعرض لتلوث الهواء بشكل منتظم الحدود التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.
ومع ذلك، فإن فهم آثار تلوث الهواء وتوقعها أمر معقد بسبب الكثير من الملوثات المتنوعة، بما في ذلك الأوزون (القريب من الأرض)، والجسيمات العالقة في الجو، وثاني أكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، علاوة على آثارها التراكمية وتفاعلاتها مع ظروف الأرصاد الجوية، مثل درجة الحرارة والرطوبة.
ومن أجل تحقيق فهم أفضل لهذه التأثيرات، طبَّق باحثون في قسم العلوم والهندسة الحاسوبية والكهربائية والحسابية في جامعة «كاوست» وهم: البروفسور مارك جينتون والبروفسور رافائيل هاوزر والدكتورة سابرينا فيتوري، خبرتهم في استخدام نمذجة التطابقات المكانية المتطرفة، أي وضع نموذج لتحليل البيانات المكانية المتطابقة للظواهر القاسية، لتقييم الارتباط بين التعرض لذروة ملوثات الهواء المتعددة والظروف الجوية القاسية في مناطق ذات مساحات كبيرة.
وتشير فيتوري إلى الاهتمام المتزايد بالأثر الصحي الذي يحدث نتيجة تفاعل التركيزات العالية من الأوزون ودرجات الحرارة المرتفعة، خاصة في ضوء الزيادة الكبيرة في درجات الحرارة الناتجة عن تغير المناخ.
يمكن تقدير احتمال وصول متغيرات متعددة، مثل تركيزات الملوثات أو درجة الحرارة، إلى الذروة في وقت واحد إحصائيّاً عن طريق وضع نموذج إحصائي للارتباط المتبادل بين هذه المتغيرات.
- الحرارة والتلوث
وتعتمد الأساليب الإحصائية التقليدية، في الغالب على التوزيع الجاوسي (أو التوزيع الاحتمالي الطبيعي الذي يستخدم عادة لوصف متغيرات عشوائية تميل إلى التمركز حول قيمة متوسطة وحيدة) - مما قد يقلل بشكل عام من تقدير الاحتمالات المرتبطة بالظواهر المتطرفة. كما يكون من الصعب أيضاً تقدير النماذج المناخية القاسية نظراً لندرة مثل هذه الأحداث في السجل الإحصائي.
وتوضح فيتوري أن الفكرة وراء عملهم كانت تطوير طرق إحصائية بديهية لوصف الارتباط المتبادل بين الظواهر المتطرفة المتعدّدة التي جُمعت في مواقع مكانية مختلفة.
ويقترح فريق الباحثين طريقة جديدة متعددة المتغيرات وذات حدود قصوى مستقرة، تكون على هيئة شجرة هرمية متداخلة وفقاً لتعقيد العلاقات بين المتغيرات المكانية المختلفة، والنتيجة نموذج إحصائي لتقدير احتمال أن تصل متغيرات متعددة إلى مستويات عالية في وقت واحد عبر منطقة مكانية واسعة.
وأظهرت الدراسة أن مستويات الأوزون من المتوقع أن تتجاوز العتبات الآمنة خلال السنوات العشرين المقبلة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وتبين فيتوري أن هذه الطريقة توفِّر تقديراً شاملاً لجودة الهواء، يراعي الدرجات القصوى للملوثات المتعددة في منطقة ذات مساحة كبيرة، ويمكن استخدامها في قياس مخاطر الصحة العامة المرتبطة بالتعرض للملوثات. وتضيف «نعتقد أن من الممكن أن تكون هذه الطريقة لها تطبيقات مباشرة في تحليل البيانات متعددة المتغيرات لرصد تلوث الهواء، حيث يمكن أن تساعد على توجيه صنع السياسات».


مقالات ذات صلة

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

علوم أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أعلن فريق دولي من العلماء أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية.

«الشرق الأوسط» (روما)
ظواهر جوية حادة أثّرت على مناطق السعودية خلال عام 2024 (الأرصاد)

15 ظاهرة تجسّد واقع التغيرات المناخية في السعودية

كشف المركز السعودي للأرصاد عن 15 ظاهرة جوية حادة أثّرت على مناطق المملكة خلال عام 2024 وتجسّد بوضوح تأثير التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

يسعى ترمب من خلال مطالبته بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة للولايات المتحدة، لا سيما على حساب الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.