«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

تُحسّن مستوى المعيشة بجانب تعزيز التنوع البيولوجي

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT
20

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.



​«الشمس الطائرة»... مسيّرة تحول سماء الليل المظلمة إلى نهار

​«الشمس الطائرة»... مسيّرة تحول سماء الليل المظلمة إلى نهار
TT
20

​«الشمس الطائرة»... مسيّرة تحول سماء الليل المظلمة إلى نهار

​«الشمس الطائرة»... مسيّرة تحول سماء الليل المظلمة إلى نهار

طائرة «فلاينغ صن 1000» Flying Sun 1000 هي بالضبط ما يوحي به اسمها (الشمس الطائرة)، فهي مصدر ضوء قوي للغاية، يحلّق في الجو. ومع أنها ليست بقوة الشمس، ولكنها مزودة بمصدر ضوء قوي بقوة 3333 واط - ما يعادل مصباحاً ضوئياً تقليدياً في ملعب - يكفي لتحويل الليل إلى نهار في لحظة واحدة.

إضاءة صناعية للبناء ومناطق الكوارث

تستهدف هذه الطائرة المسيرة المستخدمين التجاريين والحكوميين للنشر السريع لتقنيات الإضاءة الصناعية، مثل أعمال البناء والهندسة، وأمن المناطق، وجهود الإغاثة من الكوارث التي تتطلب تشغيلاً على مدار الساعة. يمكن لمشغل واحد نشر «الشمس الطائرة» في دقائق، لإضاءة مساحة تصل إلى 130000 قدم مربعة (12077 متراً مربعاً) على الفور.

ووفقاً للشركة المصنعة، فري فلاي سيستمز، تحل الطائرة المسيرة مشكلة فجوات تغطية أبراج الإضاءة التقليدية، للمساحات المطلوبة للإضاءة. ذلك أن كشاف الإضاءة المثبت على الطائرة من دون طيار يمكن تحريكه، ولذا فإنه يوفر إضاءة جوية مستمرة تتحرك مع فرق العمل والإنقاذ أثناء تقدمهم في المنطقة.

... ولاستوديوهات الأفلام

علاوة على ذلك، من خلال الاستغناء عن تركيبات مكثفة للأبراج والكابلات على الأرض، تتجنب «فلاينغ صن» المخاطر في مناطق الكوارث، حيث غالباً ما تكون هناك فيضانات ومخاطر كهربائية محتملة أخرى.

وتشير الشركة أيضاً إلى استخدام أقل أهمية، ولكنه قد يُحدث نقلة نوعية: إضاءة إنتاجات الأفلام والتلفزيون، التي يمكن أن تستفيد من قدرة الطائرة من دون طيار على «تحويل الليل إلى نهار» في زمن يسير.

تحليق متواصل... ورخيص

ربما لا يبدو أن كشاف الإضاءة سيغير قواعد اللعبة في هذه الصناعات. ففي النهاية، يمكنك إضاءة الأرض باستخدام طائرة هليكوبتر وكشاف إضاءة. لكن تكاليف المروحيات باهظة، وهي تُصدر ضوضاءً ورياحاً عاتية (ناهيك عن محدودية وقت تشغيلها).

وبالمقابل يمكن لـ«الشمس الطائرة» أن تطير مربوطة بمصدر طاقة أرضي - سواء كان مولداً كهربائياً بقوة 5 كيلوواط أو بطاريات أو مركبة كهربائية - ما يسمح لها بالطيران إلى الأبد تقريباً.

وهذه الطاقة الهائلة المنبعثة من الطائرة تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة مصابيح الطائرة المسيرة. وتقول شركة «فري فلاي» إنها صممت نظاماً يُبقي ألواح إضاءة إل إي دي LED باردة بفضل تشغيل الطائرة المسيرة نفسها.

نظام «ساطع»

يتكون النظام من أربعة ألواح من 72 مصباح إل إي دي مثبتة على طائرة رباعية المراوح من طراز «ألتا إكس» الثقيلة، وهي منصة طائرات مسيرة صناعية من إنتاج «فري فلاي سيستمز». ويمكن لما مجموعه 288 مصباحاً عالي الطاقة توليد 300 لومن مذهلة، وهو مقدار نموذجي لمصابيح إل إي دي الحديثة المستخدمة في ملاعب كرة القدم، أو ملاعب البيسبول، أو قاعات الحفلات الموسيقية الكبيرة.

وتوفر مجموعة المصابيح هذه ضوءاً كشافاً بزاوية 60 درجة، ما يترجم إلى منطقة تغطية واسعة حتى على ارتفاعات منخفضة. إذ إنه على ارتفاع نحو 100 قدم، يغطي النظام ما يقرب من 14000 قدم مربعة وهي الإضاءة النموذجية لممر أو موقف سيارات في مركز تجاري. وهذه كثافة كافية للعمل بسلاسة كما لو كان في ضوء النهار.

مع ارتفاع الطائرة من دون طيار، تتسع منطقة التغطية. ولكن هذا يأتي على حساب شدة الضوء: على ارتفاع 316 قدماً، ستضيء الطائرة من دون طيار مساحة 137000 قدم مربعة، ولكن فقط مثل ضوء القمر أو أكثر، وأقل من ضوء الشارع. لذا، فرغم خفتها، فهي قابلة للاستخدام. كما يتوفر خيار دمج عدة طائرات «فلاينغ صن» لتغطية مساحة أكبر بكثافة أعلى.

تكلفة أقل في المستقبل

أما سعر الطائرة الواحدة 60 ألف دولار أميركي - يشمل كابلات الطاقة ونظام التحكم - فلن يكون رخيصاً، لكنه أفضل من تكلفة تركيب الأعمدة ومصابيح الإضاءة. وتوفر الطائرة مبالغ كبيرة على المدى الطويل بفضل انخفاض نفقات التشغيل، وتقليل العمالة (لا يتطلب الأمر طاقم إعداد)، والحد الأدنى من الصيانة. كما توفر الطائرة من دون طيار تغطية فائقة، وإعادة تموضع فورية، وسلامة مُحسنة من خلال القضاء على المخاطر الأرضية.

كما أن تأثير الطائرة من دون طيار على البيئة أقل، إذ لا تتطلب تركيباً أو إزالة.

*مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».