قوانين الأدب... قوانين الحياة

لا تطور إلا إذا تقلصت المسافة بينهما

طه حسين
طه حسين
TT

قوانين الأدب... قوانين الحياة

طه حسين
طه حسين

في النقد الأدبي بدهياتٌ معروفة وتسمياتٌ معتادة تتعلق بقضايا الطبعِ والصنعة، والنوعِ والجنسِ، وموضوعاتٍ أخرى تتعلق بالأدب وفنونه، وكيفيات إنتاجه، وعمل الموهبة والإلهام فيه، وهي لا تحتاج منا إلى اللجاجة في طرقها وإطالة الوقوف عندها، فهي بمثابة أمور مفروغ منها، كماهية أو كاصطلاح واشتغال.
ومن تلك البدهيات والموضوعات مسألة النظر في القوانين المحركة للأدب التي عفا عليها الدرس النقدي الراهن، بيد أن الحاجة إلى التذكير بها وبغيرها تبدو ماسة، تتطلبها موجبات معينة تطرحها الحياة الأدبية والمجتمعية عامة.
والرجوع إلى قوانين الأدب أمر تقتضيه حياتنا المتسارعة التي كثيراً ما تستلزم التجديد في تلك القوانين أو ابتكار غيرها، لكن هذا التجديد وذاك الابتكار إنما تتحكم فيهما العملية الإبداعية بالانطلاق من داخلها، وليس فرضاً يأتي من خارجها في شكل أوامر يصدرها نقاد ينصِّبون أنفسهم قضاة، ولا فرمانات تسنّها هيئات مهما تنوعت سلطاتها، كما أنها ليست فتاوى تشرعنها منظومات هنا ومحاضن هناك.
وهو ما نبَّه عليه عميد الأدب العربي طه حسين، حين قال: «ولو كان الأدب يتطور بالقوانين، أو يتحقق بمجرد الرغبة فيه، لكنتُ أسرع الناس إلى أن أطلب إلى الثورة إصدار قانون يقضي بهذا التطور وينظمه، كما أخذتْ في تنظيم الاقتصاد وشؤون الحكم، ولكن تأثير القوانين في الأدب بطيء لا يظهر إلا حين تتأثر الحياة كلها بهذه القوانين. فليطلب دعاة التجديد توجيهاً صحيحاً مستقيماً، لا إسراف فيه ولا شطط ولا جموح» (اختصام ونقد، ص 113).
فليس على رأس الأديب سلطة غير سلطة وعيه وقدراته، كما لا تأثير عليه غير تأثير إحساسه الذي هو وحده يتسلطن عليه، إبداعاً وابتداعاً، بلا امتثال أو رضوخ، ويتماس معه طبعاً وتطبعاً، بلا تصنع أو إخضاع.
فالأدب إبداع، وتطور هذا الإبداع مرهون بدواخله ومتبلور في ثناياه، بيد أنه في الآن نفسه يستجيب بشكل اتباعي غير مباشر لتبدلات الحياة، ليكون كيفما الحياة تكون. وبين الاتباع والإبداع مسافة ليست هينة، يتوجب على الأدب أن يقطعها كي يوفق بين ما تقتضيه أنظمته الداخلية من تغيرات خاصة وتبدلات ذاتية، وبين تقلبات الحياة الجوهرية، ظروفاً وأحوالاً وقيماً.
ولشساعة هذه المسافة يغدو التطور في قوانين الأدب بطيئاً تبعاً لبطء تطور قوانينه، مما كان العميد يفكر فيه معانياً راجياً أن يقفز أدبنا ونقدنا قفزات متسارعة تتأتى من داخله، وليس بفرمانات وأوامر فوقية، أو بأماني المفكرين ورغبات النقاد الخيرة.
ومن ثم، لا يتسارع الأدب إلا إذا تقلصت المسافة بينه وبين الحياة، حتى إذا كانت الحياة متسارعة بوتيرة نسبية، وبمعطيات تاريخية مؤثرة عظيمة، سيتطور الأدب تطوراً نوعياً بقفزات واضحة وطفرات جلية. وهو ما حصل في الشعر العربي في صدر الإسلام، فلقد تغيرت قوانينه بشكل نوعي، كتبعة من تبعات التبدل الجوهري الذي شهدته الحياة آنذاك، وما رافقها من تغيير سريع جذري في بنى المجتمع العربي، فكراً وسلوكاً ومظاهر عيش، فبانت على الشعر ملامح الورع والإيمان، وغادرته سمات التحلل والفحش والذم والبداوة والعداوة، وغير ذلك.
وبفعل تطورات الحياة العربية في جوهرها، خلق الأدب لنفسه وعيه الذوقي والجمالي بفعل التلقي العام والخاص، وما بلوره النقاد في فرضيات ونظريات وقواعد. ومن التطورات التي حصلت في قوانين الأدب الداخلية أن نشأت علوم جديدة في اللغة العربية، بعد اختلاط العرب بالأقوام الأخرى عبر الفتوحات، ففشا اللحن على الألسنة، مما أوجد ضرورة ملحة تدفع باتجاه نشأة علم النحو على يد أبي الأسود الدؤلي، بعد مشورة الأمام علي بن أبي طالب، ثم ألف العرب ما يقعد لغتهم، ويضبط إيقاعات شعرهم، خشية ضياع صفائها بالاختلاط والتقادم، فاكتشف الفراهيدي البحور، وراح علماء الشعر ورواته يجمعون الشعر القديم، ويستنبطون منه قواعد اللغة العربية.
وشهدت قوانين الشعر في العصور اللاحقة تغييرات جوهرية، كاستتباع حتمي للتنوع الذي طرأ على الحياة العربية، وما ساد فيها من مظاهر الترف المدني والتنوع في منابع التلاقح الحضاري مع الأمم المجاورة، فتزحزحت بعض قوانين عمود الشعر، ودخلت بنيته اللغوية والأسلوبية الرقة والعصرية، وألغي الطلل، وتولدت استعارات جديدة، وترققت التشبيهات والألفاظ.
وأهم التطورات التي تطرأ على قوانين الأدب تلك المرتبطة بتنوع البيئات الأدبية، ومدى رصانة أو وضاعة بناها التحتية والفوقية. ولو تأملنا أدبنا العربي، قديماً وحديثاً، لوجدنا فيه بيئات أدبية أحدثت أثراً في قوانين الشعر والنثر من الداخل، وعلى مدى العصور التي مرت بها الثقافة العربية والإسلامية.
ولئن كان الأدب في الأساس مبنياً على الاحتمال، تغدو قوانينه وبدهياته أمراً بعيداً كل البعد عن النظر المعياري في التعاطي الدوغماطي معها. ولقد استوعب نقاد الأدب في العصر العباسي وما بعده هذه الاحتمالية، فنظَّروا وقايسوا بروح مرنة انفتاحية، بدءاً من قدامة بن جعفر وعبد القاهر الجرجاني، مروراً بالمرزوقي والقاضي الجرجاني، وصولاً إلى حازم القرطاجني وغيره من الذين تمثلوا قوانين الأدب عارفين أنها تنبع من داخل الأدب، فقيدوا ما طرأ على النثر من أشكال جديدة، وما اكتنف الشعر من ازدهار في بلاغته وبيانه ومعانيه وبديعه، متيقنين من طريقة اشتغاله، فوضعوا رؤاهم وصاغوا نظرياتهم التي تجسد حقيقة الاحتمال في قوانين الأدب.
وفي العصر الحديث، تسارعت وتيرة اللحاق بالمدنية الغربية، وأخذ التلاقح بين أدبنا والآداب العالمية يزداد وضوحاً على يد طه حسين والرعيل الذي معه أو من سبقه.
وتجلى أثر السرد الأوروبي في السرد العربي أكثر منه في الشعر والنقد. صحيح أن سردنا العربي بداية النهضة العربية كان استتباعاً للإرث السردي العربي، متمثلاً بالمقامة والخطابة والحكاية والمسامرات والرسائل والرحلات والمنامات، لكنه سرعان ما تلاحق وتلاقح مع أحد تيارات السرد الغربي الحديث.
وتفاعل النقد العربي مع الغربي تفاعلاً نسبياً، لا سيما بمذاهب الواقعية التقليدية والرمزية والطبيعية، كما نهل من آخر الموجات التجديدية الغربية، ومنها تيار الوعي الذي بدأ في إنجلترا في العقد الثالث من القرن العشرين، ثم ظهر في الأدب الأميركي، وشاع في فرنسا في العقدين الرابع والخامس، ليظهر بعد ذلك في القص العربي، وتحديداً في العراق، بكتابات القصاصين عبد الملك نوري ومحمد روزنامجي وفؤاد التكرلي في أربعينات القرن الماضي.
وصار التحام النقد العربي بالغربي مباشراً، وساهمت الترجمة في توفير ممكنات هذا الالتحام، فضلاً عن نهل أدبائنا ممن أجادوا اللغات الأجنبية مباشرة من آداب الأمم الأخرى.
وطبيعي جداً أن تتبع هذا التغيير في السرد والنقد تغيرات ثقافية وفكرية وأدبية أخرى، تتمثل في الفلسفات والمذاهب والتيارات الفكرية التي كان مسرى تأثيرها في أدبنا في العصر الحديث مسرى النار في الهشيم، حتى صار تأثير التيارات الغربية جلياً، كما هو الحال بالنسبة للفكر التنويري الذي جاء مع الثورة الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر. وكذلك تأثر العرب بالفكر الماركسي وآدابه في النصف الأول من القرن العشرين، بينما ظهر تأثير الفكر الوجودي وأدبه على الفكر العربي وأدبه في النصف الثاني من القرن العشرين.
وأي أدب إنما يتمخض أولاً في تلافيف وعي المبدع خيالاً نابعاً عن واقع أرَّقه أو شغله أو بهره، ليجد نفسه ينتج أدباً هو عبارة عن إلهام راوده، بلا قوانين تحرى الالتزام بها، ولا توصيات أو اشتراطات تطلبت منه النظر إليها مسبقاً، والأخذ بها لاحقاً، وإنما هي مرجعيات استثارها أمر معين، فتحفزت في لا وعيه، فأنتجها بلا تصنع أو تكلفة.
وهو ما حصل في شعرنا العربي المعاصر الذي ثار على قانون العمود، متفاعلاً مع ما في الأمم الغربية من قوانين. وكان من نتائج هذه الثورة تحديث القصيدة التقليدية، فكانت قصيدة التفعيلة، ثم قصيدة النثر، وما تبعهما من أشكال شعرية مختلفة أخرى.
إنّ الأدب الأصيل هو الذي تنبع قوانينه من داخله، تماماً كالفلسفة والتاريخ واللغة وغيرها، وكذلك النقد لا يطرق الموضوعات ولا يستجلبها من عالم النقد الغربي لأجل المباهاة وإثبات الضلاعة، وإنما هو الحاجة التي تجعل الأدب غاية النقد. وتظل الضرورة والصدفة غير منعزلتين عن الإحساس بالحاجة إلى التطور، موضوعياً أو فنياً. وبهذا يصبح الوعي الفردي هو جملة أشكال تعكس الوجود الاجتماعي، كما يرى دوركايم.
ومن هنا، تغدو مسألة التذكير والمعاودة في طرق ما هو بديهي إبداعياً، والنظر النقدي المتمعن في قوانين أدبنا العربي، من ناحية التباطؤ أو التسارع، أمراً لا مناص منه، بل هو حتمي لكي لا يصير المألوف متحجراً، ولا يغدو المعتاد متصنماً، فتتضبب الدلالات وتتعتم الدوال.
وليس المقصد التذكير بمقولة العميد طه حسين فقط، بل أيضاً الدعوة لاستلهام تلك المقولة وتثويرها.



ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

أفلاطون
أفلاطون
TT

ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

أفلاطون
أفلاطون

في اليوم العالمي للتسامح الذي صادف أمس، ينبغي لنا، نحن العرب تحديداً، أن نتساءل: ما بال العالم كله ينعم بالسلام ويتقلب في رغد العيش، ونحن نخرج من حرب لنلبس لأمة الحرب من جديد؟ وإن كانت أوكرانيا قد خرقت القاعدة، إلا أن الأعم الأغلب من دول العالم يعيش حياة طبيعية، تختلف عما نراه في أفلام السينما. بمناسبة اليوم، سنمر بمحطات تاريخية ذات علائق بالموضوع، ولعل أول رمز للتسامح في تاريخ الفكر هو سقراط، كما تجلّى في محاورات تلميذه أفلاطون، وتجلّت معه روح التسامح في أسلوبه الحواري كجزء من بحثه عن الحقيقة.

في المحاورات، كان متسامحاً للغاية مع محاوريه، ويدعوهم للسعي وراء الحقيقة أينما انطلق بهم هذا السعي. ولطالما شجّع خصومه على تفنيد كل ما يقول، وأن هذه هي الطريقة المُثلى للكشف عن وجه الحقيقة. وفي إحدى المحاورات يصف نفسه بأنه يبتهج بدحض الآخرين لأقواله أكثر من ابتهاجه بدحضه أقوال الآخرين، لأن النجاة من الشر خير من إنقاذ الآخرين.

السعي وراء الحقيقة، بالنسبة إلى سقراط، مرتبط بالعقل المنفتح، وهذا الشكل من التسامح الحواري يفترض بالطبع أن يؤدي إلى رؤية موحدة للحقيقة. لا بد أن تشعر في بعض الأحيان بأن تسامح سقراط مبالغ فيه للغاية، لكن ربما هذا هو أساس فكرة «المحاورات»، أن تخلق الإنسان الكامل المرجعي في كل شيء، مع أننا نعلم أنه في النهاية إنسان، ولا بد أن يكون غضب ذات مرة، بل مرات.

محطة التسامح الثانية يمكن أن نراها واضحة وأكثر تطوراً في رواقية إبكتيتوس وماركوس أوريليوس وسينيكا، فالفكرة الرواقية هي وجوب التركيز على تلك الأشياء التي يمكننا التحكم فيها، مثل آرائنا وسلوكياتنا، مع تجاهل تلك الأشياء التي لا يمكننا التحكم فيها، وخاصة آراء وسلوكيات الآخرين. ترتبط الفكرة بالاستسلام واللامبالاة، كما هو واضح في حالة إبكتيتوس، الذي قد يفسر وضعه الاجتماعي نصائحه بالتحرر الذهني، لا الجسدي، فقد نشأ مستعبداً عند الرومان.

بطبيعة الحال، صبر المستعبد ليس مثل تسامح المتسامح الذي يملك القدرة على الرفض، قدرة لا يمتلكها المستعبد، فالتسامح فضيلة القوي، كما يقول الإمبراطور ماركوس أوريليوس. وقد يرتبط الأمر بفضائل أخرى مثل الرحمة والإحسان، غير أن نظرة الرواقيين إلى التسامح لا تصل إلى درجة احترام الاستقلالية وحرية الضمير، كما الحال في الليبرالية الحديثة، إذ لم تكن الحياة السياسية الرومانية متسامحة مثل الحياة السياسية الحديثة، وعلى الرغم من أن «تأملات» ماركوس تحتوي على نصوص كثيرة تستحضر روح التسامح، فإن ماركوس نفسه كان مسؤولاً بشكل شخصي عن سحق واضطهاد المسيحيين في زمنه.

ولم يصبح التسامح موضوعاً جدياً للاهتمام الفلسفي والسياسي في أوروبا حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر، بل قبل ذلك خلال عصر النهضة والإصلاح في القرنين الخامس عشر والسادس عشر رفع الإنسانيون من مثل إيراسموس ودي لاس كاساس ومونتين شعار استقلالية العقل البشري ضد دوغمائية الكنيسة التي كانت توقد نيران محاكم التفتيش وتلقي بالناس فيها وتقتل المخالف.

في أعقاب الانقسامات التي خلّفها مشروع الإصلاح اللوثري والإصلاح «الكاثوليكي» المضاد، دُمرت أوروبا بسبب الحرب التي أثيرت باسم الدين، حروب بلغت ذروتها في حرب الثلاثين عاماً (1618 - 1648). بسبب هذه الحرب الشنيعة، وكل الحروب كذلك، أدرك العلماء والحكماء حجم القوة التدميرية الكامنة في التعصب، فنهضوا لاجتثاث ذلك التدمير من خلال استعادة نصوص التسامح وإعادة النظر في العلاقة بين المعتقد الديني والسلطة السياسية.

لافونتين

وكان هناك تأثير ثقافي للتيار الذي قام من أجل تعريف معنى السيادة وتطهير الدين في بريطانيا مما علق به خلال الحروب الأهلية البريطانية (1640 - 1660)، ويضاف إلى كل ذلك تكاثر المعلومات عن الاختلافات الثقافية مع بداية عهد الرحلات واكتشاف العالم، وكان لاكتشاف الصين تحديداً أعظم الأثر، فقد صُدم المسيحيون صدمة فكرية عنيفة عندما وجدوا شعباً أخلاقياً لا يؤمن بدين، بمعنى أنهم وصلوا إلى أن الدين ليس مصدر الأخلاق. ورفع الإنسانيون في حركة الإصلاح شعاراً يقول: هل لديكم معرفة منقولة عن الله معصومة من الخطأ تبرر قتل من يُتهم بالزندقة؟ ولم يلبث هذا القلق بشأن قابلية الإنسان للخطأ أن فتح الطريق إلى ما يعرف باسم «التسامح المعرفي»، ومع اقتران الاعتراف بقابلية الإنسان للخطأ وانتقاد السلطة الكنسية، نشأت أشكال جديدة وأكثر عمقاً، من التسامح السياسي. وأخذ التسامح في القرن السابع عشر صورة الممارسة العملية في أجزاء معينة من أوروبا.

ربما حدث هذا نتيجة زيادة التجارة والحراك الاجتماعي. وصاغ سبينوزا حجة للتسامح ترتكز على 3 دعاوى، أولاً، تقييد حرية الفكر مستحيل. ثانياً، السماح بحرية الفكر لا يمس بسلطة الدولة. وثالثاً، يرى سبينوزا أن السلطة السياسية يجب أن تركز على التحكم في الأفعال، وليس على تقييد الفكر. هذا التركيز على الفرق بين الفكر والفعل أصبح قضية جوهرية في مناقشات المفكرين اللاحقة حول التسامح، خصوصاً عند لوك، وميل، وكانط. ويمكن العثور على صورة مختلفة إلى حد ما عن رؤى سبينوزا الأساسية في رسالة لوك الشهيرة حول التسامح (1689)، وهي مقالة كتبها أثناء منفاه في هولندا. وتركز حجة لوك بشكل خاص على الصراع بين السلطة السياسية والمعتقدات الدينية. لقد عبّر عن وجهة نظر مبنية على دعواه بأنه من المستحيل على الدولة فرض المعتقد الديني بالإكراه. وقال إن الدولة يجب ألا تتدخل في المعتقدات الدينية التي يختارها الأفراد، إلا عندما تؤدي هذه المعتقدات الدينية إلى سلوكيات أو مواقف تتعارض مع أمن الدولة. رسالة جون لوك اليوم لا تزال هي المانيفستو الأساس لكل مطالب التسامح، رغم أنها لم تكن كاملة في البداية.