مصر: هدوء بعد مظاهرات محدودة وتحشيد إلكتروني

اتهامات لـ«الجزيرة»... وجماعة «الإخوان» تُحرّض... وتوقيف عشرات

TT

مصر: هدوء بعد مظاهرات محدودة وتحشيد إلكتروني

قللت مصادر مصرية، أمس، من أهمية مظاهرات نادرة ومحدودة شارك فيها المئات احتجاجاً على ما وصفه المتظاهرون بـ«الفساد»، في ظل حملات تحشيد ومواجهات إلكترونية حظيت بمراكز عالمية متقدمة ضمن الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشهدت القاهرة وبعض المدن الأخرى، مساء أول من أمس، وحتى الساعات الأولى من صباح أمس، تجمعات لمتظاهرين في ميادين شهيرة، ومنها ميدان التحرير بوسط العاصمة، غير أن شهود عيان أفادوا بإطلاق قوات الأمن للغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وبينما قالت مصادر أمنية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «74 شخصا على الأقل اعتقلوا ليلا» في وسط القاهرة، أفاد المحامي بـ«المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، مالك عدلي، أن المركز تلقى «بلاغات موثقة ببيانات كاملة من عائلات 150 شخصاً (حتى مساء أمس السبت) تم إلقاء القبض عليهم من القاهرة ومحافظات أخرى».
وسعت «الشرق الأوسط» للحصول على تقييم حكومي مصري؛ إلا أنه لم يصدر رد فعل رسمي، بينما اكتفى مصدر مسؤول فضّل عدم ذكر اسمه، بالقول: «حينما تكون هناك ضرورة فسنصدر بياناً».
وتصدرت «هاشتاغات» مناوئة للحكم في مصر، قائمة الأكثر تداولاً عالمياً على موقع «تويتر» لساعات من صباح، أمس، فيما لاحقتها «هاشتاغات» مضادة مؤيدة وداعمة للسلطة لتتمركز هي الأخرى في مراتب متقدمة.
ودخلت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية على خط التعليق على المظاهرات في مصر، ودعت إلى «الإفراج الفوري عن الموقوفين». ودائماً ما تتهم السلطات المصرية «هيومان رايتس ووتش» بنشر «بيانات غير صحيحة، واختلاق الوقائع».
وتأتي تلك المظاهرات في أعقاب حملة من الفيديوهات الرائجة التي بدأ بثها ممثل ومقاول يدعى محمد علي ونشطاء آخرون، واعتبرت «مسيئة» للجيش، وعلّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على بعض ما جاء في مقاطع علي، وقال إنها «كذب وافتراء».
ورأى النائب في البرلمان المصري، مصطفى بكري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تلك المظاهرات «جزء من مؤامرة تستهدف الإساءة لمصر وجيشها»، ومعتبراً أن «المظاهرات التي حدثت لم تكن لها مطالب محددة»، ومشدداً على أنه «إذا كان البعض له مطالب، وهذا أمر مشروع، فليس حلها بالمظاهرات»، بحسب تعبيره.
وعبّر بكري عما وصفه بـ«مخاوف حقيقية من محاولة دفع مصر للانزلاق إلى سيناريوهات فوضوية كما حدث في بعض دول المنطقة»، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن «ثقة في أن المصريين لن يسمحوا بذلك، وأن ما حدث أمر طارئ وعارض»، بحسب تقديره.
وجلبت الأحداث في مصر، اهتماماً إقليمياً، إذ قال أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، في تغريدة عبر حسابه الموثق على موقع «تويتر»، أمس، إن «حملة (الإخوان) المنظمة ضد مصر واستقرارها فشلت فشلاً ذريعاً... منصات الإعلام الموجه والمدعوم يقابلها دعم شعبي حقيقي للدولة المصرية ومؤسساتها، مصر تتعافى وتواجه التحديات بإصرار يومياً والواقع غير الذي يروج له هذا الإعلام الحزبي الممول خارجيا».
بدورها، أصدرت جماعة «الإخوان» بياناً، أمس، قالت إنها «تدعم وتشارك في أي حراك جماهيري»، كما حرّضت على استمراره.
ووجه متابعون مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من مقدمي برامج «التوك شو» المسائية على الفضائيات المحلية اتهامات لقناة «الجزيرة» القطرية، بـ«فبركة» بعض مقاطع الفيديو التي بثتها عبر شاشتها ومنصاتها الإعلامية الأخرى، وتتعلق بالمظاهرات في مصر.
وقال عضو لجنة «الدفاع والأمن القومي» في البرلمان المصري، اللواء أحمد العوضي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «ما بثته الجزيرة ووسائل إعلامية أخرى معادية لا أساس له من الصحة». وأضاف العوضي: «المصريون سيحافظون على الاستقرار، بغض النظر عن ارتفاع الأسعار أو الأعباء الاقتصادية».
وأبدى بكري اتفاقه مع زميله النائب البرلماني بشأن تحمل المصريين، لكنه أعرب عن اعتقاده أن «القيادة السياسية لن تصمت على ما حدث بل ستحاول علاجه، بما يحقق الأمن والاستقرار، وأن الرئيس يضع في ذهنه أي مطالب يتم طرحها سواء للإصلاح السياسي أو الاقتصادي».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.