تحليل سياسي: غانتس... هل هو الأفضل؟

حرص في دعايته الانتخابية على إظهار بطشه في غزة ونافس نتنياهو على ضم غور الأردن

بني غانتس (أ.ف.ب)
بني غانتس (أ.ف.ب)
TT

تحليل سياسي: غانتس... هل هو الأفضل؟

بني غانتس (أ.ف.ب)
بني غانتس (أ.ف.ب)

في أعقاب تحليل نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وظهور أن بيني غانتس حصل على نحو مقعدين من أصوات العرب، وهذان المقعدان هما اللذان رجحا كفته، وحققا هزيمة بنيامين نتنياهو، يأتي السؤال: ما هو الفرق بين غانتس ونتنياهو؟ وما الذي يجعل مصوتيه العرب يرون فيه الأفضل؟ وتزداد هذه الأسئلة إلحاحاً، عندما يراجع السائل تاريخ غانتس العسكري. فهو رئيس أركان سابق، أي أنه يتحمل مسؤولية كل ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي في عهده، وأبرزها الحرب الأخيرة على أهلنا في غزة. وماضيه حافل بعمليات كهذه، من حرب لبنان الأولى فصاعداً.
من جهة المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، أولئك الذين صوتوا له (نحو 8 في المائة)، أو الذين صوتوا لـ«القائمة المشتركة» (أكثر من 85 في المائة)، غانتس ليس حلمهم. وفي دعايته الانتخابية الأولى حرص على إظهار قوة بطشه في غزة. وفي دعايته الانتخابية الثانية راح ينافس نتنياهو على ضم غور الأردن للسيادة الإسرائيلية.
إذن لماذا يرونه رئيس حكومة أفضل؟
الأمر الأول بالنسبة لفلسطينيي 48 هو أنهم يريدون التخلص من نتنياهو. فالتصويت هو ضد نتنياهو أكثر مما هو لصالح غانتس. ولكن في التصويت الجزئي له، وفي السعي للتوصية عليه لدى رئيس الدولة أن يكلفه هو بتشكيل الحكومة المقبلة، وليس نتنياهو، هناك حسابات للمستقبل. فالفلسطينيون في إسرائيل يريدون أن يكون لهم تأثير على الحياة السياسية في إسرائيل مثل بقية المواطنين؛ خصوصاً في القضايا التي تتعلق بمصيرهم وحياتهم ومصير شعبهم الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال أو المشرد في الخارج. وقد علمنا أن أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، اجتمع عدة مرات مع غانتس في الشهور الأخيرة محاولاً معرفة توجهاته السياسية، خصوصاً في قضايا السلام والمساواة والديمقراطية وموقفه من قانون القومية.
وقد بدا من تصريحاته في تلك الجلسات، ثم في الإفصاح عن هذه التصريحات في لقاءات صحافية علنية، أن الرجل يبدي استعداداً لإحداث تغيير. فهو يبدي استعداداً لإعادة التفاوض مع القيادة الشرعية الفلسطينية، وهو يؤيد الانسحاب الإسرائيلي الفوري من قسم كبير من الضفة الغربية، حتى لا يسيطر عليها المستوطنون ويسعون إلى تهويدها. وهو يؤمن بحل الدولتين. ويعارض قانون القومية العنصري ويتعهد بتعديله. ويؤيد تحقيق المساواة للمواطنين العرب. ويتعهد بالتمسك بالقيم الديمقراطية. ويؤكد استعداده لتحقيق مطالب «القائمة المشتركة» بإلغاء أوامر هدم البيوت، ومنح الشرعية لقرى عربية غير معترف بها، ووقف سياسة مصادرة الأراضي، ووضع خطة لمكافحة العنف.
وقد ظهر غانتس معارضاً لسياسة نتنياهو، التي اعتبرت العرب مواطنين غير شرعيين، واعتبر النواب العرب مؤيدين للإرهاب، وحذر الناخبين اليهود من أن غانتس ينوي تشكيل حكومة تستند إلى أصوات العرب.
كان غانتس قد دخل معترك السياسة بالاشتراك مع مجموعة جنرالات آخرين متقاعدين من الجيش وأذرع المخابرات المختلفة (شاباك وموساد وأمان) والشرطة، في أبحاث حول أوضاع البلاد تحت حكم نتنياهو، وقد خرجوا بتحذيرات إلى الجمهور تقول إن «الرجل يقود إسرائيل إلى أضرار استراتيجية. فبالإضافة إلى تورطه في ثلاثة ملفات فساد، يقود نتنياهو إسرائيل إلى جمود سياسي يضيع عليها فرصة تاريخية لصنع سلام مع العالم العربي ويدير سياسة (show) مظهرية خالية من المضمون، ويقيم علاقات تحالف مع التيار اليميني المتطرف المتنامي في العالم»، وهو القلق الذي يساور جنرالات وسياسيين وباحثين كثيرين في الولايات المتحدة وأوروبا. ويقلقهم أيضاً التراجع في القيم الديمقراطية وفرض قوانين جديدة، عنصرية وغير ليبرالية وغير ديمقراطية. وقد أجمع الجنرالات على أن «لا أمل في أن يتغير نتنياهو، مثل رؤساء حكومات سابقين كانوا يستفيدون من الفرص ويواجهون الشعب بمواقف جريئة جارفة، مثل ديفيد بن غوريون، أول رئيس حكومة، الذي قبل بقرار التقسيم، رغم أنه رآه (مجحفاً لليهود)، أو مناحيم بيغن، الذي انسحب من سيناء حتى آخر شبر، أو إسحق رابين، الذي قاد إسرائيل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، أو أرئيل شارون، الذي انسحب من قطاع غزة وحطم مستوطناته، أو إيهود أولمرت، الذي عرض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس مبادرة يوافق من خلالها على منح الفلسطينيين أراضي شاسعة من أراضي 48، تعويضاً لهم عن أراضي المستوطنات التي ستضم لإسرائيل ضمن الاتفاق النهائي للتسوية». وقال: «كل الوقت الذي لا نتقدم فيه بالعملية السلمية، سنحصد تدهوراً في الأوضاع الأمنية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.