عبد المهدي يدعو إلى شراكة متكاملة بين الصين والعراق

خبراء يحذرون من الفساد

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي وهو يتحدث في «مؤتمر التصنيع العالمي 2019» بمدينة خيفي الصينية أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي وهو يتحدث في «مؤتمر التصنيع العالمي 2019» بمدينة خيفي الصينية أمس
TT

عبد المهدي يدعو إلى شراكة متكاملة بين الصين والعراق

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي وهو يتحدث في «مؤتمر التصنيع العالمي 2019» بمدينة خيفي الصينية أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي وهو يتحدث في «مؤتمر التصنيع العالمي 2019» بمدينة خيفي الصينية أمس

في اليوم الثاني لزيارته إلى الصين مستصحباً معه نصف الكابينة الحكومية وكل محافظي العراق، دعا رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الشركات الصينية والعالمية الكبرى إلى الاستثمار في العراق.
وقال عبد المهدي، في كلمته في «مؤتمر التصنيع العالمي 2019» بمدينة خيفي الصينية، إن «حاجة العراق أكثر من أي وقت مضى إلى زخم علاقاته الآسيوية المؤثرة، والصينية بوجه خاص، بالاتجاه الذي يعيد للعراق دوره الحيوي، الفاعل والمؤثر، وإلى شعبه ألقه وحياته الكريمة، آخذين بنظر الاعتبار أن الظروف القاسية، وما أدت إليه من انهيار أغلب البنى التحتية، وتأخر ميادين التنمية، مدعاة إلى تلاقي بلدينا في حملة النهوض التي نتبناها بقوة». وأضاف عبد المهدي أنه سيلتقي القادة الصينيين لبحث آفاق التعاون والشراكة مع هذا البلد، داعياً «الشركات الصينية والعالمية الكبرى للعمل والاستثمار في العراق في قطاعات الطاقة والاتصالات والطرق والسدود والمياه والزراعة والصناعة والبنى التحتية وغيرها من المجالات المدعومة ببيئة تشريعية مشجعة وظروف آمنة وتطلع لتوفير فرص عمل لآلاف المواطنين».
وبيّن رئيس الوزراء العراقي: «خلال اللقاءات التي سأجريها سأدعو الشركات الصينية إلى الإسهام والعمل بقوة وفاعلية بنهضة العراق وإعادة بناه التحتية، وسنضمن من جهتنا تسهيل وتذليل الصعاب التي تعترض هذا الدور وتفاصيله، من خلال لجنة مركزية تتولى تأمين ما يناسب هذه الشركات من الظروف والفرص». وحول أسس الشراكة المستقبلية مع الصين، أكد عبد المهدي أن «هناك شراكة مدروسة ومجدولة وتمويلاً واضحاً، وما هو متحقق من تصدير العراق أكثر من 700 ألف برميل نفط يومياً، والصندوق المشترك مع الصين، يشكلان ضمانة وقاعدة متينة لهذه الشراكة والمضي بتطوير مشروعات البنى التحتية وجميع القطاعات الحيوية الأخرى، وأن يأخذ العراق موقعه في مشروع طريق الحرير والربط بين الشرق الأقصى والأدنى». وحول الزيارة ووفده الكبير، يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي العراقي الدكتور عبد الرحمن المشهداني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الزيارة بروتوكولية في جانب كبير منها، وهي لا تختلف عن أي زيارات سابقة لدول أخرى، لكن العراق من الدول التي تتوقع من الدول الأخرى الدخول إلى السوق العراقية، وبالتالي فإن الصين من هذه الزاوية لا تختلف عن كوريا التي أبدت هي الأخرى استعداداً كاملاً لدخول العراق مقابل الحصول على النفط، وهي لا تختلف عن العقود التي وقعت مع ألمانيا أو الولايات المتحدة عبر شركات كبرى، مثل سيمنس أو أكسون موبيل». وأضاف المشهداني أنه «من المعروف أن سوق النفط تشهد صراعاً للسنوات المقبلة، وبالتالي فإن العراق يستفيد على الأقل في ضمان بيع نفطه لـ10 سنوات مقبلة، مقابل عمل شركات هذه الدول في مجال البنى التحتية في العراق»، مؤكداً أن «العراق يعول على الشركات الصينية في مجال البنى التحتية، كونها من الشركات الرصينة، وبالتالي فإن الصفقة مع الصين قد تتخطى 10 مليارات دولار».
وحول ما إذا كانت مثل هذه العقود الضخمة سوف تواجه مشكلات داخل العراق، يقول الدكتور المشهداني إن «هذا متوقع طبعاً لأن المشكلة دائماً وأبدً هي فينا نحن، وليس في تلك الدول أو الشركات، والأسباب معروفة وواضحة، تتعلق بالفساد المالي والإداري والعراقيل والبيروقراطية، الأمر الذي يجعلنا نتردد في النظر إلى الأمر من زاوية الطموح وعلاقته بالواقع الذي لا يشجع على تنفيذ مثل هذه المشروعات العملاقة، بينما الصين على استعداد كامل للدخول في السوق العراقية في مختلف الميادين».
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان الاتجاه للصين سوف يؤثر على علاقة العراق مع شركات كبرى مثل «سيمينس» و«أكسون موبيل»، وبالتالي مع الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، يقول المشهداني: «لا علاقة لها لأن العقود مختلفة وميادين العمل تكاد تكون مختلفة إلى حد كبير، فضلاً عن أن العراق بحاجة إلى نحو 150 مليار دولار لإعادة بناه التحتية، وبالتالي لا يمكن لأي شركة أو عدة شركات القيام بذلك، ففي مجال الكهرباء وحدها نحن الآن ننتج 18 ألف ميغاواط، بينما حاجتنا الآن 25 ألف ميغاواط، وبعد سنوات قليلة نحتاج إلى 38 ألف ميغاواط، ما يتطلب عقوداً ضخمة وإمكانات كبيرة». وأوضح أن «العائق الأكبر سيكون الفساد لأن هذه الشركات لا تتورط في قضايا فساد، بينما من يشتري وزارة كيف يمكنه العمل بشفافية مع شركات تريد أن تعمل بنظافة في العراق؟».
إلى ذلك، وفي وقت يحاول فيه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي السباق مع الزمن بتوقيع هذه العقود الضخمة مع مرور الذكرى الأولى لحكومته، فإنه يواجه في الداخل كثيراً من المشكلات والعراقيل. فبالإضافة إلى عدم إكمال حقيبة «التربية» حتى الآن فإن استقالة وزير الصحة علاء الدين العلوان مثّلت إحراجاً له، يضاف إلى ذلك مساعي عدد من الكتل، بمن فيها التي ساندته، وهي «الفتح» و«سائرون»، إلى محاسبته عبر استجواب عدد من وزرائه. وفي هذا السياق، يقول الناطق باسم كتلة الفتح في البرلمان العراقي أحمد الأسدي إنه «تم اختيار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من بين عدة أسماء مرشحة». مضيفاً أن «(سائرون) و(الفتح) لم يدعما الحكومة بمفردهما»، مستبعداً في ذات الوقت «إمكانية ترك عبد المهدي 4 سنوات أخرى دون محاسبة، في الوقت الذي تحاول فيه أطراف سياسية تفويت فرصة النظام الديمقراطي».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.