أنقرة تريد «قواعد عسكرية دائمة» في المنطقة الآمنة

TT

أنقرة تريد «قواعد عسكرية دائمة» في المنطقة الآمنة

أعلنت تركيا عن رغبتها في إقامة قواعد عسكرية دائمة، شمال شرقي سوريا، محذرة من أنها ستوقف التعاون مع الولايات المتحدة حول إقامة المنطقة الآمنة في حال المماطلة في الاتفاق بينهما، وستنفذ خططها البديلة في شرق الفرات.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار: «في إطار الاتفاق بشأن المنطقة الآمنة نجري دوريات برية وجوية مشتركة مع واشنطن، ونعمل على تأسيس قواعد في المنطقة، والمباحثات والفعاليات المشتركة ستستمر ما دامت متوافقة مع أهدافنا، وهذه الفعاليات المشتركة ستنتهي إن لجأت واشنطن للمماطلة والتأخير، وعندها سنفعل خططنا البديلة». وأضاف أكار، خلال احتفال بيوم مصابي الحروب أقيم بمقر وزارة الدفاع في أنقرة ليل الخميس - الجمعة، أن تركيا ستواصل المباحثات والفعاليات المشتركة مع الولايات المتحدة بخصوص المنطقة الآمنة في شرق الفرات، ما دامت متوافقة مع أهدافها وغاياتها.
وتابع أن تركيا تسعى إلى تأسيس «ممر سلام» في شرق الفرات بعمق يتراوح من 30 إلى 40 كيلومتراً، مشيراً إلى أن هذه المنطقة يجب أن تكون «خالية من (الإرهابيين) والأسلحة الثقيلة». وأشار إلى أنه تم اطلاع الجانب الأميركي على أهداف ومبادئ تركيا بشأن المنطقة الآمنة، وأن أنقرة تتابع التصريحات الأميركية في هذا الشأن عن كثب، مضيفاً: «رأينا ما فعلوه في منبج والرقة سابقاً، ولا نريد أن يتكرر الأمر نفسه في شرق الفرات».
وتتهم أنقرة واشنطن بالمماطلة في تنفيذ اتفاق خريطة طريق منبج، الذي توصل إليه الجانبان في يونيو (حزيران) 2018، وبعدم إخراج عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الأبرز لتحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الحليف للولايات المتحدة في الحرب على «داعش»، من المدينة الواقعة غرب الفرات. وتطالب بإخلاء منبج ومنطقة آمنة على عمق يمتد إلى نحو 40 كيلومتراً من شرق الفرات. لكن واشنطن تطرح عمقاً يتراوح ما بين 5 و14 كيلومتراً، وتتمسك بضمانات لحماية الأكراد.
وجدد أكار تأكيده على احترام تركيا لوحدة الأراضي السورية، مشدداً في الوقت ذاته على أنها لن تظل مكتوفة الأيدي حيال محاولات تأسيس ما سماه «حزاماً إرهابياً» في القسم الشمالي من هذا البلد. وأضاف: «هدفنا النهائي هو القضاء على (وحدات حماية الشعب)، الذراع العسكرية لـ(حزب الاتحاد الديمقراطي)، وامتداد (حزب العمال الكردستاني) في شمال سوريا، وتأسيس (ممر السلام) هناك، وإتاحة فرصة العودة لإخواننا السوريين إلى بلادهم».
في السياق ذاته، أكد المتحدث باسم هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع الأميركية، باتريك رايدر، تحقيق تقدم في تنفيذ الآلية الأمنية المشتركة مع تركيا حول سوريا، مشيراً إلى أن «قسد» تبدي دعمها لهذا الاتفاق.
وأشار إلى أن ما تعمل عليه واشنطن مع تركيا هو تطبيق «الآلية الأمنية» لتبديد المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا بشأن الحدود، قائلاً: «بالتأكيد نحاول منع معاودة ظهور (داعش)، كان هناك حتى الآن خمس طلعات جوية مشتركة مع تركيا لإظهار تنفيذ الآلية الأمنية إلى جانب كثير من الدوريات البرية، ورأينا رفع وتدمير عدد من سواتر وحدات حماية الشعب في حين تبدي (قسد) دعمها لهذا الاتفاق».
إلى ذلك، كشف موقع «المونيتور» الأميركي عن دعوة «الكونغرس» لوزارة الخارجية في مقترح ميزانية صدر، الأربعاء، إلى إنفاق 130 مليون دولار في العام المقبل (2020). على استعادة استقرار سوريا، رغم جهود إدارة الرئيس دونالد ترمب التي تهدف إلى إزالة هذه النفقات من مقترح ميزانية العام المقبل.
وحسبما قال الموقع الأميركي، فإن المقترح الذي قدّمته لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ يشمل تخصيص 25 مليون دولار لبرامج داخل ما يُسمَّى بـ«المنطقة الآمنة» التي تعمل الولايات المتحدة على إقامتها مع تركيا، شمال شرقي سوريا.
وبحسب الخطة، أكَّد المشرعون أهمية «تعاون تركيا مع شركاء دوليين ومحليين في جميع جوانب تقديم المساعدة، وتوفيرها لجميع السكان داخل المنطقة»، إضافة إلى تقديم خدمات التسجيل وفتح معابر حدودية رئيسية.
وجاءت الخطة بالتوازي مع تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال فيها إن وجود منطقة آمنة موسعة قد يجعلها تستقبل عدداً يتراوح بين مليونين و3 ملايين لاجئ.
وسبق أن جمدت الولايات المتحدة 230 مليون دولار من مساعداتها لتحقيق الاستقرار في سوريا، لكنها تقول إنها جمعت ما يصل إلى 300 مليون دولار للجهود التي يبذلها حلفاؤها وشركاؤها، مثل المملكة المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
وسيفرض مشروع القانون، إذا جرت الموافقة عليه وتحويله إلى قانون، على إدارة ترمب وضع خطة إنفاق للأموال المخصصة سابقاً.
وبحسب الموقع الأميركي، تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي أكد فيه مسؤول رفيع المستوى في «البنتاغون» أن إدارة ترمب ستتمكن من التغلب على التوترات بينها وبين تركيا للحفاظ على منطقة آمنة على الحدود السورية التركية، لكنَّه أشار إلى أن التفاصيل الأساسية حول هذه المساعي لم توضَع حتى الآن.
وقال كريستوفر ماير، الذي يقود الفريق التابع لـ«البنتاغون» الذي يهدف إلى القضاء على تنظيم «داعش»، الأربعاء، إن المنطقة الآمنة ستركز على المدن الواقعة بين مدينتي تل أبيض ورأس العين على طول الحدود السورية مع تركيا. لكنَّه رفض التطرق إلى عمق المنطقة الذي يعد نقطة خلاف رئيسة بين الولايات المتحدة وتركيا.
وقال مسؤول في «قسد»، الأسبوع الماضي، إن وحدات حماية الشعب الكردية تراجعت عن الحدود نحو 5 كيلومترات و14 كيلومتراً في بعض الأماكن، وتنازلت عن إدارة هذه المناطق لمجالس عسكرية محلية.
في سياق آخر، وعن الأوضاع في محافظة إدلب، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن الجهود المبذولة هناك تجري في إطار اتفاقية «سوتشي» و«مسار آستانة»، وأن أنقرة تواصل جهودها للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية أو موجة هجرة جديدة من إدلب. وأضاف: «تباحثنا حول وضع إدلب في قمة أنقرة الثلاثية، الاثنين الماضي، وأبلغنا نظراءنا الروس والإيرانيين بأننا ماضون في العمل على تحقيق الاستقرار والرخاء في هذه المنطقة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».