السودانيون يودعون الفنان صلاح ابن البادية بالدموع والمحبة

رحل «أسير الغرام» وترك معجبيه «يعيشون في ظلمة»

الفنان الراحل صلاح ابن البادية
الفنان الراحل صلاح ابن البادية
TT

السودانيون يودعون الفنان صلاح ابن البادية بالدموع والمحبة

الفنان الراحل صلاح ابن البادية
الفنان الراحل صلاح ابن البادية

لم يكن أحد من السودانيين يدرك أو يتمنى، أن يكون غناء الفنان الراحل صلاح ابن البادية لاحتفال توقيع وثائق الفترة الانتقالية، في السابع عشر من أغسطس (آب) الماضي، آخر ظهور له كأحد أجيال الفنانين السودانيين الكبار، الذين أسهموا في تشكيل الوجدان الشعبي في البلاد.
أمس، ودع آلاف السودانيين، وفي مقدمتهم وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، المطرب السوداني صلاح ابن البادية، بالدموع والحزن والمحبة، إلى مثواه بقريته الشيخ أبو قرون، شرقي الخرطوم.
شدا صلاح ابن البادية (وهذا اسمه الفني، أما اسمه الحقيقي فهو صالح الجيلي عبد القادر أبو قرون)، في تلك النهارية بأغنيته الوطنية «ما عشقتك لجمالك إنت آية من الجمال، وما هويتك لخصالك إنت أسمى الناس خصال». تداخل اللحن وشجن وفرح انتصار الثورة، أشجى الحضور، فسالت دموعهم مدرارة من عذوبة اللحن وعمقه الذي يلامس القلب قبل الأذن. وحين بلغ التطريب «شلت من النيل صباه، من جمال النيل بهاه»، ارتفع النشيج كأنما «شهداء ثورة ديسمبر (كانون الأول)» هبوا من قبورهم لسماع النشيد.
رحل ابن البادية بعد عمر مديد يناهز الـ82 عاماً، قضاه في صناعة الفرح، إثر علة قلبية أصابته في العاصمة الأردنية عمان الثلاثاء الماضي، فحلت بالخرطوم المنتشية بثورتها والحزينة على شهدائها غيمة حزن ثقيلة وسوداء.
وفور وصول الجثمان لمطار الخرطوم، هرع الآلاف وبينهم قادة سياسيون وتنفيذيون ومحبو فنه من كل الأعمار، ورافقوا الجثمان إلى ضاحية أبو قرون، ليلقوا النظرة الأخيرة على مطربهم الأثير، ثم واروه الثرى في مقابر ذويه المتصوفة هناك.
وابن البادية، إضافة إلى قدراته التطريبية العالية، ونداوة صوته وإمكاناته اللحنية، فنان شامل. فإلى جانب الغناء اشتهر بإنشاده الديني الباذخ، وأدائه و«رمياته» المستلة من الشعر المحلي «الدوبيت»، إضافة إلى كتابة الشعر، والتمثيل، بما جعل منه فناناً شاملاً.
ولد ابن البادية في أم دوم بشرق النيل عام 1937. وتمتد جذوره إلى منطقة أبو قرون، موئل أجداده المتصوفة. ومن إيقاعات طبول المتصوفة، وحلقات الذكر والإنشاد العرفاني، برز أول مرة «مادحاً» للمصطفى، ثم انتقل للغناء فوجد قبولاً واسعاً.
أجمع نقاد الفن على «عبقريته اللحنية»، فمنذ منتصف القرن الماضي، بدأ الغناء للإذاعة السودانية، وكانت أغنياته والأشعار التي يغنيها نوعاً جديداً من الألحان والأشعار، دغدغت مشاعر «السميعة» وانتقلت إلى الخطابات الغرامية لعشاق ذلك الزمان، كأن يكتب أحدهم لمعشوقته: «أعيش في ظلمة وانت صباحي، وانت طبيبي أموت بجراحي»، تسمع الحبيبة اللحن فتغوص في المعنى.
قدم ابن البادية كثيراً من الأغنيات العظيمة، يتجاوز عددها المائة أغنية ولحن، طوال مسيرته الفنية، وأشهرها: «أسير الغرام، ولغة العيون، وسال من شعرها الذهب، وليلة السبت، وحسنك أمر، وفات الأوان، والجرح الأبيض، ووشوشني العبير، وعايز أكون»، وغيرها من عيون الغناء السوداني.
غنى ابن البادية لعدد من شعراء الغناء السوداني، ومنهم: «محمد بشير عتيق، ومبارك المغربي، ومحمد يوسف موسى، وعبد الله النجيب»، كما غنى للشاعر الفلسطيني محمود حسيب القاضي «ليلة السبت».
لم يكتفِ ابن البادية خلال مسيرته الفنية بالغناء وحده، فقد شارك بالتمثيل والدراما والسينما، وتشارك البطولة في فيلم «رحلة عيون» مع الممثلة المصرية الشهيرة سمية الألفي، والنجم محمود المليجي، إضافة إلى بطولته منفرداً لفيلم «تاجوج» وفيلم «المسيد» اللذين يعدان من المحاولات السينمائية السودانية القليلة. كما شارك في بطولة أربع مسرحيات، وهي «لعنة المحلق، وتور الجر، والدعاش، وريرة».
منحت رئاسة الجمهورية ابن البادية الوسام الذهبي في عام 2004. وقوبلت مشاركته في يوم توقيع الوثيقتين الدستورية والسياسية الممهدتين لتكوين الحكومة الانتقالية، وغنائه لثورة «ديسمبر» المجيدة، بفرح لافت، ولعلها كانت آخر «لحن» أسمعه الوطن: «الطبيعة حنت عليك وخلدت بصماتها فيك»، ثم التحق بشهداء الثورة في 16 سبتمبر (أيلول) الجاري.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.