مصر تصعد لهجتها حيال «السد الإثيوبي»

مسؤول حكومي لـ «الشرق الأوسط» : اجتماع حاسم بالخرطوم لوضع حد لعملية التفاوض

وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك  مع نظيره الفرنسي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

مصر تصعد لهجتها حيال «السد الإثيوبي»

وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك  مع نظيره الفرنسي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

عبر ثلاثة لقاءات دولية في أقل من أسبوع، وتصريحات متزامنة للرئيس عبد الفتاح السيسي، صعدت مصر لهجتها تجاه إثيوبيا، بهدف وضع حد لمفاوضات تجري منذ نحو 8 سنوات، حول «سد النهضة»، من دون التوصل إلى نتيجة.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع جان إيف لودريان وزير خارجية فرنسا في القاهرة، أمس، إن «تعثر مفاوضات سد النهضة في ظل وجود وزراء الدول الثلاث أطراف القضية، وعدم تناول القضايا الفنية الخاصة بهذا الشأن، أمر يثير الاستغراب».
ويشير الوزير المصري لاجتماع وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان، في القاهرة يومي الأحد والاثنين الماضيين، والذي فشل في الوصول لاتفاق، بعدما رفضت إثيوبيا مناقشة المقترح المصري لقواعد ملء وتشغيل السد، وفي الوقت ذاته رفضت القاهرة مقترح إثيوبيا واعتبرته «مجحفا وغير منصف». وشدد شكري، أمس، على سعي مصر لتحديد وقت زمني محدد للوصول إلى نتائج، ورغبتها في التوصل لنقطة توافق وتفاهم مشترك مع باقي الدول، مؤكدا ضرورة الحفاظ على مصالح مصر والسودان، مشيراً إلى «أهمية الاتفاق على أساس فني وعلمي ولو كانت هناك إرادة سياسية فالاتفاق قابل للتحقيق».
وقبل يومين فقط، أعلن شكري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الكينية مونيكا جوما، الأحد الماضي، في القاهرة، رفض بلاده محاولة أي طرف «فرض إرادته على الطرف الآخر بخلق واقع مادي لا يتم التعامل معه في إطار من التفاهم والتشاور والاتفاق المسبق».
واستنكر شكري توقف المفاوضات عاماً وثلاثة أشهر، بعكس ما كان مقرراً، لافتا إلى أن «الأربع سنوات الماضية لم يتم خلالها تحقيق تقدم ملموس في إطار التوصل إلى اتفاق لتنفيذ ما تم التعهد به في اتفاق المبادئ الموقعة بين البلدان الثلاثة في مارس (آذار) عام 2015».
وتخشى مصر أن يؤدي السد إلى الإضرار بحصتها المحدودة من مياه النيل والتي تقدر بـ(55.5 مليار متر مكعب)، والتي تعتمد عليها بنسبة أكثر من 90 في المائة في الشرب والزراعة والصناعة. ورغم تبيان وجهات النظر، حرصت مصر وإثيوبيا، خلال السنوات الماضية، على التأكيد على متانة العلاقات وعدم إظهار أي تصعيد عدائي، لكن التصريحات المصرية الأخيرة تشير إلى أن «القاهرة تتعمد إيصال رسالة دبلوماسية شديدة اللهجة إلى أديس أبابا بضرورة حسم هذه المفاوضات الطويلة وغير المجدية حتى الآن»، بحسب الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري المصري الأسبق، الذي يعتقد أن «مصر ما زالت تحتفظ بأوراق أخرى للضغط على إثيوبيا».
ويرى علام في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تعنتا إثيوبيا كبيرا واختلافا واضحا بين البلدين، وهو أمر يشير إلى صعوبة التوصل إلى حل من دون تدخل وسيط دولي، وهو أمر لا ترغب فيه إثيوبيا».
وكان تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية هذا العام، حذر من «أزمة إذا لم تبرم صفقة قبل بدء عملية تشغيل السد».
من جهته، قال محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تستهدف وضع حد لهذا الاختلاف وحسم الأمور في أسرع وقت»، مشيرا إلى اجتماع حاسم في الخرطوم خلال الفترة من 30 سبتمبر (أيلول) إلى 3 أكتوبر (تشرين الأول)، للمجموعة العلمية المستقلة المشكلة من خبراء من الدول الثلاث، يعقبه اجتماع لوزراء مياه الدول الثلاث في 4 و5 أكتوبر.
وأوضح أن «الاجتماعين معنيان بحسم الخلاف الفني بين الرؤية المصرية والإثيوبية والسودانية حول قواعد ملء سد النهضة، وكذلك وضع حد زمني واضح لإنهاء المفاوضات دون تأخير». وتشير مذكرة وزعتها وزارة الخارجية المصرية على السفراء الأوروبيين، إلى وجود خلافات أساسية حول التدفق السنوي للمياه التي ينبغي أن تحصل عليها مصر وكيفية إدارة عمليات التدفق أثناء فترات الجفاف.
ووفقا للمذكرة المصرية، التي نشرتها «رويترز»، يتفق المقترحان (المصري والإثيوبي) على أن المرحلة الأولى من المراحل الخمس لملء السد ستستغرق عامين، وفي نهاية المطاف سيتم ملء خزان السد في إثيوبيا إلى 595 مترا وستصبح جميع توربينات الطاقة الكهرومائية في السد جاهزة للعمل.
لكن الاقتراح المصري يقول إنه إذا تزامنت هذه المرحلة الأولى مع فترة جفاف شديد في النيل الأزرق في إثيوبيا، على غرار ما حدث في 1979 و1980، يجب تمديد فترة العامين للحفاظ على منسوب المياه في السد العالي بأسوان من التراجع إلى أقل من 165 مترا.
وتقول مصر إنها ستكون من دون هذا عرضة لفقد أكثر من مليون وظيفة و1.8 مليار دولار من الناتج الاقتصادي سنويا، كما ستفقد كهرباء بقيمة 300 مليون دولار.
وبعد المرحلة الأولى من التعبئة، يتطلب اقتراح مصر تدفق ما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب من مياه السد سنويا، بينما تقترح إثيوبيا 35 مليار متر مكعب، وفقا للمذكرة المصرية.
وأعلنت أديس أبابا عن بناء السد، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، عام 2011، بهدف أن تصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميغاواط. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، قال وزير المياه والطاقة في إثيوبيا، إن السد سيبدأ بالإنتاج بحلول نهاية عام 2020، وسيبدأ تشغيله بالكامل بحلول عام 2022.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.