غوانتانامو: 40 سجيناً تكلفتهم نصف مليار دولار سنوياً

13 مليون دولار سنويًا... تكلفة السجين الواحد في غوانتانامو (غيتي)
13 مليون دولار سنويًا... تكلفة السجين الواحد في غوانتانامو (غيتي)
TT

غوانتانامو: 40 سجيناً تكلفتهم نصف مليار دولار سنوياً

13 مليون دولار سنويًا... تكلفة السجين الواحد في غوانتانامو (غيتي)
13 مليون دولار سنويًا... تكلفة السجين الواحد في غوانتانامو (غيتي)

تكلف احتجاز مجرم الحرب النازي رودولف هيس بصفته محتجزاً وحيداً في سجن سبانداو الألماني في 1985 ما يقدر بنحو 1.2 مليون دولار أميركي بقيمة الدولار اليوم، وفي 2012 بلغت تكلفة السجين الواحد في سجن سوبرماكس في كولورادو بالولايات المتحدة، وهو السجن الذي يضم بعضاً من أكثر السجناء خطورة في الولايات المتحدة، 78 ألف دولار. وهناك معتقل خليج غوانتانامو الذي تبلغ النفقات فيه الآن نحو 13 مليون دولار لكل سجين من الـ40 سجيناً المحتجزين هناك، ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن إجمالي تكلفة احتجاز السجناء في العام الماضي، بما في ذلك المتهمون بالتخطيط لهجمات سبتمبر (أيلول) 2001، تجاوزت 540 مليون دولار، وذلك مقابل دفع تكاليف القوات التي تحرسهم، وإدارة المحاكمات، وعمليات البناء التي تتم هناك.
وتجعل التكاليف البالغة 13 مليون دولار لكل سجين من معتقل غوانتانامو السجن الأغلى في العالم، وبسبب العزلة النسبية لموقعه، حيث يقع داخل قاعدة الولايات المتحدة البحرية على الساحل الجنوبي الشرقي لكوبا، فإن الجيش الأميركي يرسل نحو 1800 جندي إلى مركز الاحتجاز، وهو ما يمثل 45 جندياً لكل سجين، وتعمل هذه القوات في 3 مبانٍ للسجن، ومقرين سريان للغاية، و3 عيادات على الأقل، ومجمعين يستشير فيهما السجناء محاميهم، في حين يعمل بعض الجنود أيضاً في حراسة المباني.
ولدى موظفي السجن كنيسة خاصة بهم، وسينما وسكن، وغرفتان لتناول الطعام، وفريق من العاملين في مجال الرعاية الصحية العقلية، ويتم نقل القضاة والمحامين والصحافيين والعاملين في مجال الدعم بالطائرات إلى مقر المعتقل بشكل أسبوعي.
ويحصل السجناء الـ40، وجميعهم من الرجال، على طعام حلال كما يمكنهم مشاهدة القنوات الفضائية الإخبارية والرياضية، ولديهم معدات للتمرينات الرياضية وأجهزة «بلاي ستيشن»، وأولئك الذين يتصرفون بشكل جيد، وهم غالبية السجناء منذ سنوات، يتلقون وجبات جماعية ويمكنهم أداء الصلاة في جماعة، كما يمكن للبعض حضور دروس في الفن والبستنة.
وتغطي التكلفة السنوية المقدرة بـ540 مليون دولار فترة الـ12 شهراً التي انتهت في 30 سبتمبر الماضي، لكنها لا تشمل المصاريف السرية بما في ذلك استمرار تواجد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) هناك، لكن الأرقام تشير إلى أن تكلفة إدارة مرافق السجن التي تم بناؤها على مر السنين قد ازدادت بشكل كبير حتى مع انخفاض عدد السجناء.
وحسب تقرير لوزارة الدفاع الأميركية في عام 2013، فإن التكلفة السنوية لتشغيل السجون والمحاكم في خليج غوانتانامو كانت 454.1 مليون دولار، أي أقل بنحو 90 مليون دولار عن تكلفة العام الماضي، وفي ذلك الوقت، كان هناك 166 سجيناً في المعتقل؛ مما يجعل تكلفة كل سجين حينها 2.7 مليون دولار.
وقد حدد تقرير 2013 التكلفة الإجمالية لبناء وتشغيل السجن منذ عام 2002 وحتى 2014 بمبلغ 5.2 مليار دولار، وهو الرقم الذي يبدو أنه قد ارتفع الآن إلى ما يقرب من 7 مليارات دولار.
وقد احتجز غوانتانامو نحو 770 رجلاً وصبياً أجنبياً كسجناء في أوقات الحرب المختلفة، وبلغ عدد النزلاء ذروته في 2003 بوجود 677 سجيناً، في حين وصل آخر سجين إليه في 2008.
وأطلقت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش سراح نحو 540 من المعتقلين، وذلك من خلال إعادتهم إلى باكستان وأفغانستان والسعودية، ثم أطلقت إدارة باراك أوباما سراح 200 شخص آخرين من خلال إعادة التوطين في بلد ثالث، وقد ترشح الرئيس دونالد ترمب لمنصبه في البيت الأبيض بناءً على وعد منه بالإبقاء على السجن مفتوحاً، وربما إرسال المزيد من «الرجال السيئين» إلى هناك، لكن لم يصل معتقل جديد منذ توليه منصبه.
وقد بدا واضحاً منذ سنوات أنه لا يوجد إجماع سياسي لإنهاء عمليات الاعتقال في خليج غوانتانامو ونقل السجناء الباقين إلى الولايات المتحدة.
إن مقارنة معتقل غوانتانامو بالسجون التقليدية أمر صعب، حيث توظف السجون الفيدرالية المدنيين الذين يدفعون ثمن طعامهم ورعايتهم الصحية، ويقودون سياراتهم الخاصة، ويعيشون في منازلهم، لكن وزارة الدفاع توفر كل هذه الأشياء للجنود في غوانتانامو.
ويضم موظفو السجن وحدة لخفر السواحل، وأطباء من البحرية وممرضات وأطباء نفسيين، ووحدة من مهندسي سلاح الجو ومحامين وقساوسة وأمناء مكتبات وصحافيين عسكريين، ولكل منهم قادة يشرفون على عملهم ويديرون حياتهم في غوانتانامو.
وبالإضافة إلى القوات، يوظف السجن خبراء لغويين في وزارة الدفاع، ومحللي مخابرات ومستشارين وعمالاً وعاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات، وغيرهم من موظفي الحكومة، وفي 2014، بلغ عدد قوة العمل المدنية هناك 300 موظف.
وتقع زنزانات السجناء الـ40 الحاليين في 3 مبانٍ مختلفة، لكن خلال اليوم يمكن أن يتم توزيع السجناء عبر 7 أو 8 مواقع مختلفة.
وخلصت وزارة الدفاع إلى أن دافعي الضرائب الأميركيين أنفقوا 380 مليون دولار على معتقل غوانتانامو وعلى الإفراج المشروط وعلى عمليات المحاكمات، في السنة المالية 2018، أي أكثر من 9 ملايين دولار لكل سجين.
وبإضافة تكاليف القوى العاملة البالغة 108 آلاف دولار في السنة لكل واحد من الـ1800 جندي، فإن التكلفة الإجمالية تصل إلى أكثر من 540 مليون دولار.
وحتى في حال عدم إرسال المزيد من السجناء إلى غوانتانامو، وهو أمر غير مرجح، فإن تكلفة كل سجين لن تنخفض، وتتم إدارة الأمور داخل القاعدة البحرية والسجون والمحاكم في غوانتانامو بشكل معزول تماماً عن الاقتصاد الكوبي، حيث تصل جميع الإمدادات الأساسية تقريباً مرتين شهرياً على متن سفينة حكومية من فلوريدا، كما تجلب طائرة شحن الفواكه والخضراوات الطازجة أسبوعياً.
وتشمل التكاليف الأخرى للمعتقل المحاكم العسكرية، حيث يتهم 8 من سجناء غوانتانامو الحاليين بالإرهاب أو جرائم الحرب، كما يواجه 6 منهم قضايا عقوبتها الإعدام، وتجاوزت تكاليف هذه المحاكم العسكرية، استناداً إلى وثائق الكونغرس، 123 مليون دولار في 2018.
حيث تتطلب كل جلسة نقل عدد كبير من الأشخاص من الولايات المتحدة بتكلفة 80 ألف دولار في الرحلة الواحدة، وقد كانت هناك 52 رحلة بين قاعدة أندروز، خارج واشنطن، وغوانتانامو في 2018.
ولدى القوات الموجودة في غوانتانامو نظام رعاية صحية متعدد المستويات، حيث تهتم عيادة الجنود بالاحتياجات الأساسية للحراس، في حين تتم معالجة المسائل الطبية الخطيرة في مستشفى صغير في القاعدة البحرية، ويتم إرسال الحالات الأكثر تعقيداً، أو الجنود الذين يحتاجون إلى اختبارات متخصصة، إلى مرافق الرعاية الصحية التابعة للبحرية في جاكسونفيل، فلوريدا، أو بيثيسدا، ماريلاند. وفي 2017، قامت القوات البحرية بشحن جهاز للتصوير بالرنين المغناطيسي لغوانتانامو لفحص أدمغة وأجساد المعتقلين الذين ينتظرون عقوبة الإعدام، وذلك بأمر من قاضٍ عسكري قد وافق على طلب من فريق الدفاع لإجراء الاختبارات وتوظيف الخبراء للبحث عن الأضرار التي تحدث جراء التعذيب، لكن نظراً لعدم وجود تقني في الموقع لتشغيل الجهاز، فقد اضطر شخص إلى الانتقال إلى القاعدة لتشغيله. وتتولى مجموعة مكونة من نحو 100 طبيب وممرض من القوات البحرية توفير الرعاية الصحية للمحتجزين، وهم الذين يعملون في عيادة الجنود أيضاً، وكان هذا الفريق الطبي لديه ميزانية قدرها 4 ملايين دولار العام الماضي.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إسكالييه التي كانت آنذاك عميدة في الجيش الأميركي تتحدث خلال تدريب القيادة القانونية الاحتياطية للجيش عام 2019 (نيويورك تايمز)

من هي وكيلة العقارات التي حسمت قضية 11 سبتمبر؟

أثارت موافقة سوزان إسكالييه على صفقة الإقرار بالذنب، وهو واحد من أهم القرارات في تاريخ محكمة الحرب في خليج غوانتانامو.

كارول روزنبرغ
آسيا عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية، توفي عبد الرحيم غلام رباني، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو في كراتشي، مسقط رأسه.

عمر فاروق (إسلام آباد )
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

أحدث قراران دراماتيكيان صدمة في إطار قضية 11 سبتمبر (أيلول): إبرام صفقة الإقرار بالذنب مقابل إسقاط عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها، ثم التراجع عنها.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».