حملات حوثية مسعورة تستهدف التجار في محافظة إب

تحت ذرائع متنوعة يتصدرها دعم المجهود الحربي للجماعة

TT

حملات حوثية مسعورة تستهدف التجار في محافظة إب

استمراراً للمسلسل الإجرامي الذي بدأته الميليشيات الحوثية الانقلابية قبل أسابيع في صنعاء، فرضت الميليشيات من جديد إتاوات وجبايات مالية تحت اسم «قوافل الغذاء» لدعم الجبهات والمجهود الحربي على المحال التجارية وشركات الدواء والصيدليات وحتى بائعي الخضراوات والفواكه في محافظة إب (جنوب صنعاء).
وفي هذا السياق، أفاد تجار ومالكو صيدليات ومؤسسات دوائية في إب، لـ«الشرق الأوسط» بنزول حملات ميدانية منذ مطلع الأسبوع الماضي استهدفت كافة المحال التجارية والصيدليات وفروع شركات الدواء بالمحافظة لإجبارهم على دفع مبالغ مالية كبيرة للميليشيات الحوثية.
وبحسب تصريحات التجار ومالكي الصيدليات والشركات الدوائية، فإن الميليشيات الانقلابية فرضت إتاوات ضخمة عليهم وأجبرتهم على دفعها إما بشكل نقدي وإما في صورة أدوية وسلال غذائية.
وبدورها أكدت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، بأن جماعة الحوثي أنشأت لجاناً ميدانية تحت اسم تطبيق المواصفات والمقاييس هدفها الحقيقي إجبار مالكي الصيدليات على دفع جبايات مالية للميليشيات الحوثية، وتهددهم بالإغلاق في حال الرفض تحت اسم مخالفة المواصفات والمقاييس.
وأشارت المصادر إلى أن الميليشيات في كل مرة تريد فيها أن تنهب التجار والباعة وممثلي القطاع الخاص بالمحافظة تختلق لهم تسميات وذرائع وهمية باطلة وغير قانونية الهدف منها ابتزازهم ونهب أموالهم وبضائعهم.
وتحدثت المصادر المحلية في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» عن قيام الميليشيات منذ مطلع العام الجاري بتنفيذ العشرات من الحملات الميدانية التعسفية وغير الرسمية لفرض جبايات وإتاوات غير مبررة على مختلف الفئات والشرائح المجتمعية في محافظة إب.
وطبقاً للمصادر المحلية ذاتها، فإن الجماعة الحوثية طالبت التجار بدفع ضرائب باهظة فضلاً عن مطالبتهم بضرائب متأخرة مزعومة منذ 16 عاماً حيث تصل إلى نحو 400 مليون ريال (الدولار نحو 600 ريال في السوق السوداء).
ويعاني التجار والسكان عامة في محافظة إب - كما تحدثت المصادر - عن بطش وجور وتعسف الميليشيات الحوثية، التي تمارس في حقهم أبشع أنواع الابتزاز والنهب والسلب والمصادرة منذ انقلابها على الشرعية واجتياحها العاصمة ومحافظات أخرى بما فيها عاصمة اليمن السياحية محافظة إب.
وكانت الميليشيات بدأت منذ ستة أسابيع فرض الجماعة جبايات وإتاوات مالية جديدة على عدد من تجار الجملة بمحافظة إب عبر حملات ميدانية مسلحة استهدفت المتاجر بخاصة الواقعة في أهم أسواق الجملة بمدينة إب حيث مركز المحافظة.
وندد اقتصاديون محليون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» باستمرار جرائم وانتهاكات الميليشيات بحق من تبقى من التجار والقطاع الخاص في إب والعاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة لقبضة الجماعة.
وأكد الاقتصاديون أن الميليشيات فرضت الجبايات المالية الأخيرة تحت اسم «الضرائب»، فيما الهدف الرئيسي منها تمويل ما تسميه بـ«المجهود الحربي» لدعم عملياتها القتالية بمختلف الجبهات، فضلاً عن أهداف أخرى تقف خلف تلك الجبايات.
وبحسب الاقتصاديين، فإن قيادات حوثية عليا في صنعاء وإب تقف خلف تلك الجبايات وتفرض بقوة السلاح إتاوات كبيرة على كبار التجار في مديريات إب، وسوق الجملة للخضراوات، الواقعة بمديرية الظهار بالمحافظة.
وشكا عدد من التجار في إب، من حملات الابتزاز والنهب الحوثية المتكررة في حقهم. وأكدوا رفضهم لتلك الجبايات المتواصلة والتي تتجدد كل يوم.
ووصف التجار تلك الإتاوات التي فرضتها وما زالت تفرضها الميليشيات بأنها جنونية وفوق طاقتهم. وقالوا لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن لهم القبول بها كونها ليس لها أي مسوغ أو سند قانوني.
وتحدثوا عن اختطاف الميليشيات لعدد كبير من التجار وأبنائهم والزج بهم خلف قضبان السجون في مسعى منها لإرهابهم وإجبارهم على دفع تلك الجبايات المالية التي رفض التجار دفعها.
وسبق وأن أصدرت الميليشيات الانقلابية وعبر محكمة الأموال العامة أحكاماً بحجز ممتلكات عدد من التجار الثابتة والمنقولة بما يعادل أكثر من 400 مليون ريال يمني.
وتفرض الميليشيات الإرهابية الموالية لإيران، جبايات وإتاوات مالية بين الفينة والأخرى على جميع تجار إب وعلى المواطنين والمؤسسات الحكومية والخاصة، حتى مالكي الذهب ومحلات الصرافة لم يسلموا من بطش ونهب الميليشيات التي تسعى في كل مرة لابتزازهم ونهب ممتلكاتهم ومدخراتهم.
وتسعى الجماعة الانقلابية بممارساتها تلك إلى فرض إتاوات مالية بعشرات الملايين على ملاك محلات الذهب تحت بند الضرائب في الوقت الذي سبق وأنه تم تحصيلها بحسب تأكيدات التجار.
وأكد أحد تجار الذهب في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط» أنه ومنذ مطلع العام الجاري أغلقت الميليشيات الحوثية العشرات من محلات الذهب واختطفت ملاكها قبل أن تخرجهم بعد أن دفعوا مبالغ مالية كبيرة.
وبحسب التاجر، فإن جميع تلك الأموال الطائلة التي تنهبها الميليشيات، تذهب لصالح قيادات حوثية عليا وبعضها لدعم جبهات القتال. وكانت الميليشيات خصصت استقطاعات كبيرة على تجار إب عبر لجنة عليا من الجماعة في المحافظة، فيما تكفل المشرفون الحوثيون الميدانيون بالمديريات بفرض الإتاوات على تجار تلك المديريات.
وفي مديريات «حزم العدين وجبلة والسدة والسبرة ومذيخرة وحبيش والنادرة ويريم»، أكدت تقارير محلية أن الميليشيات الحوثية تتسلم كل شهر مواد عينية ومبالغ مالية من تجار في تلك المديريات كانت فرضت عليهم تجهيزها بصورة شهرية تحت قوة السلاح والتهديدات بالسجن في حال المخالفة.
وألزمت الميليشيات - وفقاً للتقارير المحلية - تجار كل مديرية في إب بتجهيز 400 سلة غذائية كل شهر دعماً لجبهاتها وأسر قتلاها في كافة مديريات المحافظة.
أما في جامعة إب، فقد أجبرت الميليشيات الانقلابية إدارة الجامعة على دفع جبايات مالية لدعم ما أسمته بأسر قتلاها الذين لقوا حتفهم في جبهات القتال.
وتفرض الجماعة الحوثية والتي تحكم سيطرتها على المحافظة منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2014. مبالغ مالية على السكان في مختلف المناسبات وتحت تسميات عدة ومختلفة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.