مطالب في الأقصر بإعادة جسد توت عنخ آمون إلى تابوته الذهبي

بعد إلغاء قرار نقله إلى القاهرة لفحصه

مطالب في الأقصر بإعادة جسد توت عنخ آمون إلى تابوته الذهبي
TT

مطالب في الأقصر بإعادة جسد توت عنخ آمون إلى تابوته الذهبي

مطالب في الأقصر بإعادة جسد توت عنخ آمون إلى تابوته الذهبي

رغم إعلان وزير الآثار والتراث المصري، الدكتور ممدوح الدماطي، وقف قرار اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار بشأن نقل مومياء توت عنخ آمون من مقبرتها الأصلية في غرب الأقصر إلى العاصمة القاهرة، وتأكيده أنه يفضل بقاء المومياء في الأقصر - فإن الجدل الذي أثاره إعلان نقل المومياء من الأقصر إلى القاهرة لم يهدأ بعد.
وتعالت الأصوات الآثارية المطالبة بإقامة مشروع وطني مصري لفحص مومياوات ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة وحظر عبث الأجانب بتلك المومياوات والتلاعب بنتائج فحوصهم ودراستهم أجزاء وخلايا منها بما يخدم ما وصف من قبل آثاريين، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، المزاعم اليهودية التي تشكك في الحضارة المصرية القديمة، وتزعم أن معالمها أقيمت بمعرفة كائنات فضائية.
المطالب التي فجرها قرار نقل مومياء الملك توت عنخ آمون من الأقصر إلى القاهرة، ذهبت بمطالبة عالم المومياوات المصري الدكتور أحمد صالح عبد الله بالكشف عن نتائج الفحوص التي تعرضت لها المومياء في أعوام 1925 و1968 و1972، وهي الفحوص التي يحيط الغموض بنتائجها حتى اليوم.
واعترض عبد الله أيضا على استمرار وضع جسد توت عنخ آمون في صندوق زجاجي داخل مقبرته، مجددا مطالبته بإعادة جسد توت إلى تابوته الذهبي الذي يعد البيئة القديمة التي احتوت جسد الفرعون الذهبي أكثر من 3 آلاف سنة، مشيرا إلى أن استمرار عرض المومياء داخل فاترينة زجاجية تتوقف عنها الكهرباء طوال الليل، مما يعرضها لخطر التلف وقد تنتهي المومياء خلال 30 سنة.
وقال عبد الله إنه يرى صيانة المومياء في مكانها الأصلي، وأن يذهب إليها المتخصصون بصيانة المومياوات، وأن يكون اختيار هؤلاء بعيد عن الهوى، وأن تجري صيانة المومياء داخل المقبرة وتمنع زيارتها فترة صيانة المومياء، وأن تنقل من الصندوق الزجاجي لتعود إلى تابوتها مرة أخرى.
وجاءت مطالب الآثاريين المصريين بشأن مومياء توت عنخ آمون ومومياوات قدماء المصريين لتتزامن مع حملة شعبية جديدة أطلقتها اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية وأحزاب «الشعب الجمهوري» و«الوفد» و«جمعية إيزيس الثقافية» ومركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية لإعادة النظر في مناسبة التاريخ الحالي لعيد الأقصر القومي الذي جعل من يوم صدور قرار تحويل الأقصر إلى محافظة في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) من عام 2009 عيدا قوميا.
وطالبوا بجعل اليوم الذي اكتشفت فيه مقبرة الملك توت عنخ آمون في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عيدا قوميا للأقصر ليتناسب الحدث ومكانة الأقصر الأثرية والتاريخية والسياحية، خاصة أنه التاريخ الذي كانت تتخذه الأقصر عيدا قوميا لها منذ فصلها عن محافظة قنا وتحويلها إلى مدينة ذات طابع خاص في عام 1989 وحتى عام 2009.
وأطلق عدد الناشطين حملة على صفحات التواصل الاجتماعي لتحقيق اصطفاف شعبي وحزبي في الأقصر لوقف أي محاولات مستقبلية لنقل مومياء توت عنخ آمون من مقبرتها الأصلية في غرب الأقصر.
وقال عز الدين الشافعي عويس المسؤول الرئيس لتلك الحملة، إن حملتهم تتضمن أيضا تأييد المطالب الآثارية بشأن إعادة مومياء توت عنخ آمون إلى التابوت مرة أخرى بدلا من وضعها في فاترينة عرض زجاجية للحفاظ عليها، مؤكدا وجود إجماع في الأوساط الآثارية والسياحية والثقافية في الأقصر بأنه لا بد من إعادة النظر في قرار عرض مومياء توت عنخ آمون داخل فاترينة زجاجية بمقبرته وإعادتها إلى التابوت الذي يمثل بيئتها الطبيعية والمكان الذي حفظت بداخله طوال أكثر من 3 آلاف سنة.
وأشار إلى أنه من المؤكد أن المومياء تأثرت بالسلب نتيجة عرضها في فاترينة زجاجية نتيجة للعوامل المناخية التي باتت تهدد بتحولها إلى رماد.
يذكر أنه في يوم السبت الرابع من نوفمبر عام 1922 كان العالم على موعد مع كشف من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، ففي الساعة العاشرة من ذلك اليوم وبينما كان المستكشف الإنجليزي هوارد كارتر (1873 - 1939) يقوم بمسح شامل لمنطقة وادي الملوك الأثرية غرب مدينة الأقصر موفدا من قبل اللورد هربرت إيرل كارنافون الخامس (1866 - 1923)، عثر على أول عتبة حجرية توصل عبرها إلى مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون وكنوزها المبهرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».