لا مكان آمناً في الأرض... الشعاب المرجانية النائية تدفع ثمن التغير المناخي

فريق مشترك من باحثي «كاوست» وسفينة الأبحاث الفرنسية «تارا» يكشف عن آثاره الضارة

الشعاب المرجانية المتدهورة في ساموا (يساراً) البعيدة عن المراكز الحضرية الكبيرة تتأثر بتغير المناخ
الشعاب المرجانية المتدهورة في ساموا (يساراً) البعيدة عن المراكز الحضرية الكبيرة تتأثر بتغير المناخ
TT

لا مكان آمناً في الأرض... الشعاب المرجانية النائية تدفع ثمن التغير المناخي

الشعاب المرجانية المتدهورة في ساموا (يساراً) البعيدة عن المراكز الحضرية الكبيرة تتأثر بتغير المناخ
الشعاب المرجانية المتدهورة في ساموا (يساراً) البعيدة عن المراكز الحضرية الكبيرة تتأثر بتغير المناخ

قد يصاب روبرت لويس بلفور ستيفنسون الشاعر والكاتب الأسكوتلندي، ذائع الصيت والمتخصص في أدب الرحلات، الذي عاش في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بالصدمة والإحباط، إذا كان حاضراً اليوم ليرى الحالة السيئة التي تعيشها الشعاب المرجانية في جزر ساموا الساحرة والنائية في جنوب غربي المحيط الهادي، التي كانت موطناً له في أخريات عمره. هذا الحالة أصابت العلماء بالدهشة وبالصدمة ودقت ناقوس الخطر للآثار السلبية لتغير المناخ.
- تدهور الشعاب المرجانية
القلق العالمي من تدهور الشعاب المرجانية، دفع بعض علماء البحار من «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية» (كاوست) للانضمام إلى زملاء لهم على متن سفينة الأبحاث الدولية «تارا» (Tara) لدراسة آثار التغير المناخي على الشعاب المرجانية المحيطة بجزيرة أوبولو، إحدى الجزر الرئيسية لدولة ساموا التي تقع بين جزر هاواي ونيوزيلندا جنوب المحيط الهادي، ويبلغ طولها 74 كيلومتراً، وعرضها 24 كيلومتراً، وتزخر بطبيعة خلابة من مسطحات مائية وشلالات وصخور بركانية وشواطئ ذهبية وبغنى حياتها البحرية.
ويعتمد سكان الجزيرة، البالغ عددهم نحو 135 ألف مواطن سامووي، إلى حد كبير، على سلامة الشعاب المرجانية لكسب عيشهم، ولكن حالة هذه الشعاب في المناطق النائية من العالم لا يتم توثيقها على نحو جيد.
وتقول الباحثة في البيولوجيا الجزيئية مارين زيجلر، إن استكشاف الشعاب المرجانية في المناطق النائية يمكن أن يتيح معرفة التأثيرات العالمية والمحلية على تلك الأنظمة البيئية.
كانت زيجلر من كبار العلماء في رحلة السفينة «تارا» في المحيط الهادي في نهاية عام 2016، حين مسح الباحثون 124 موقعاً على امتداد 83 كيلومتراً من الشعاب المرجانية الساحلية في جزيرة أوبولو. وتهتم مارين زيجلر التي عملت باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبر الأستاذ المساعد كريستيان فولسترا في «كاوست»، وقد انتقلت الآن إلى العمل في جامعة «يوستوس ليبج جيسن» في ألمانيا رئيسة مجموعة بحثية، حول كيفية تأثير التغيرات البيئية على التوازن في البيئة التكافلية للشعب المرجانية، وتجمع بين الأدوات الفسيولوجية والجينومية لفهم التفاعلات بين المضيف والكائنات المتكافلة.
- احترار عالمي
وحسب زيجلر، فإن هذا يعني أن تغيّر المناخ، خصوصاً الاحترار العالمي، يؤثر غالباً على الشعاب المرجانية في كل مكان على سطح كوكبنا حالياً، بما في ذلك دول الجزر الصغيرة في المحيط الهادي التي تُسهم بجزء صغير جداً من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة.
وجدَ العلماء أيضاً أن اثنين من أنواع الأسماك المرجانية المعروفة التي تعيش في المنطقة كانت أقل بنسبة 10 في المائة قبالة سواحل أوبولو مقارنة بالجزر المجاورة. كما وجدوا أن الأسماك كانت تسبح في مجموعات صغيرة من خمس أسماك فقط، رغم أن هذه الأسماك عادة ما توجد في مجموعات أكبر مكونة من 20 إلى 60 سمكة قبالة سواحل جزر أخرى من جزر المحيط الهادي. وتشير هذه الملاحظات إلى أن بيئة الأسماك الطبيعية قد تدهورت، وأن الصيد الجائر يؤثر على النظام البيئي الساحلي حول جزيرة أوبولو.
وتوضح زيجلر: «بما أن الشعاب المرجانية في جميع أنحاء الجزيرة تأثرت، فمن المرجَّح أن العوامل العالمية، مثل العواصف والاحترار العالمي، التي تتسبب في ابيضاض الشعاب المرجانية، وموتها، تؤثر على الشعاب المرجانية حول الجزيرة».


مقالات ذات صلة

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: موجات الجفاف تؤثر على نحو 70 مليون شخص سنوياً

قال البنك الدولي إن موجات الجفاف أصبحت، في ظل المناخ المتغير، أكثر تواتراً وشدة وانتشاراً، وهي تؤثر كل عام على نحو 70 مليون شخص في المتوسط.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.