مليار دولار لمحاربة الإرهاب في غرب أفريقيا

خطة جديدة وضعتها دول «إيكواس» للوقوف في وجه تمدد «القاعدة» و«داعش»

قادة دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قبل اختتام اجتماعاتهم  في بوركينا فاسو أول من أمس (أ.ف.ب)
قادة دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قبل اختتام اجتماعاتهم في بوركينا فاسو أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مليار دولار لمحاربة الإرهاب في غرب أفريقيا

قادة دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قبل اختتام اجتماعاتهم  في بوركينا فاسو أول من أمس (أ.ف.ب)
قادة دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قبل اختتام اجتماعاتهم في بوركينا فاسو أول من أمس (أ.ف.ب)

وضع قادة دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي تضم 15 دولة، خطة جديدة لمحاربة الإرهاب والوقوف في وجه تمدد الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وهي الخطة التي ستكلف خزائن هذه الدول مليار دولار أميركي على مدى خمس سنوات.
جاء ذلك، في ختام قمة استثنائية عقدها قادة دول «إيكواس» في مدينة واغادوغو، عاصمة بوركينافاسو، أول من أمس (السبت)، خصصت لمناقشة سبل محاربة الإرهاب بآليات جديدة وفعالة، وهو النقاش الذي وسعته المجموعة ليشمل موريتانيا وتشاد والكاميرون، كما حضرته المملكة العربية السعودية والمغرب والإمارات كشركاء لهذه الدول في محاربتها للإرهاب.
وبحسب ما أعلن عنه خلال قمة واغادوغو الاستثنائية فإن خطة محاربة الإرهاب الجديدة، التي لا تزال قيد الإعداد والتطوير، ستقوم على ثمانية محاور رئيسية تتركز جميعها على تنسيق الجهود في مجال محاربة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل سريع وفعال ما بين الدول الأعضاء في المجموعة، هذا بالإضافة إلى التكوين والتدريب.
وستعرض هذه الخطة في صيغتها النهائية على قمة عادية ستعقدها دول غرب أفريقيا شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، في العاصمة النيجيرية أبوجا، وذلك من أجل اعتمادها بشكل نهائي ليبدأ بشكل فوري تنفيذها على مدى خمس سنوات (2024 - 2020)، وهي الخطة التي ستمول بمليار دولار ستوفر بالاعتماد على مساهمات من دول مجموعة «إيكواس».
وأوضح قادة دول غرب أفريقيا أن التمويلات ستوجه بشكل أساسي إلى دعم وتطوير الجيوش المحلية للدول الأعضاء، ولكن أيضاً ستدعم القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل، وهي قوة عسكرية شكلتها كل من موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينافاسو (عام 2017) من أجل محاربة الإرهاب، ولكن هذه القوة المشتركة ما تزال تعاني من مشاكل حقيقية في التمويل والتدريب والتجهيز.
الخطة الجديدة التي أعلن عنها في قمة واغادوغو، تضمنت بالإضافة إلى تطوير الجيوش والإنفاق العسكري، العمل على استهداف خطوط تهريب المخدرات والبشر والسلاح، وذلك باعتبارها واحدة من مصادر التمويل المهمة التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل الأفريقي وحوض بحيرة تشاد.
من جهة أخرى، تضمنت الخطة محوراً تنموياً على شكل برنامج عاجل لصالح المناطق الهشة «لأنه على المديين المتوسط والبعيد، فإن الحل الحقيقي والنهائي سيكون اقتصادياً واجتماعياً، وليس عسكرياً»، على حد تعبير رئيس النيجر محمدو يوسفو، الرئيس الدوري لمجموعة «إيكواس».
وبخصوص جمع مساهمات الدول الأعضاء وتحديدها، فقد أعلن رئوش مارك كابوري، رئيس بوركينا فاسو التي احتضنت القمة: «لقد تم تكليف رئيس اللجنة التنفيذية للمجموعة بمهمة تحديد مساهمات الدول، وهنالك تصور واضح وآلية محددة لذلك، ونحن نعتقد أن جمع هذا المبلغ على مدى خمس سنوات ليس أمراً صعباً»، ومن المنتظر أن يجري رئيس اللجنة التنفيذية للمجموعة لقاءات مع كل دولة على حده لتحديد المساهمات.
ومن المتوقع أن تتفاوت مساهمات الدول، حسب قوتها الاقتصادية ومدى تهديدها بمخاطر الإرهاب، إذ يتوقع أن تكون المساهمة الأكبر من طرف نيجيريا بصفتها الاقتصاد الأكبر في غرب أفريقيا، كما أنها واحدة من الدول الأكثر تضرراً من الإرهاب، بسبب الهجمات التي تشنها جماعة «بوكو حرام» المرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي.
دول غرب أفريقيا لم تختم قمتها الطارئة من دون أن توجه رسائل قوية اللهجة إلى المجموعة الدولية التي تتهمها بالتقاعس في دعم حربها على الإرهاب، وقال رئيس النيجر: «المجموعة الدولية لا يمكنها أن تدير ظهرها لمنطقة الساحل، لأنها هي من تتحمل مسؤولية الأزمة التي تعيشها ليبيا، والتي ندفع نحن ثمن تداعياتها».
وطلبت دول «إيكواس» في بيانها الختامي من المجموعة الدولية أن تقف مع خطتها لمحاربة الإرهاب وأن تدعمها، وخاصة فيما يتعلق بجانبها التمويلي، وطلبت من مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة أن يحول البعثة الأممية لحفظ السلام في مالي إلى «قوة هجومية» قادرة على إلحاق الضرر بالجماعات الإرهابية.
وتتصاعد الهجمات الإرهابية بشكل لافت في منطقة الساحل الأفريقي، ذلك ما أكده رئيس اللجنة التنفيذية لمجموعة «إيكواس» خلال القمة مستعرضاً بالأرقام خطورة الوضع، حين تحدث عن أكثر من 2200 هجوم إرهابي خلال السنوات الأربع الماضية، وأكثر من 11500 قتيل، وآلاف الجرحى وملايين المهجرين من مناطق سكنهم، ووضع اقتصادي تضرر كثيراً من هذا النشاط الإرهابي المتصاعد، واصفاً ما يحدث في منطقة غرب أفريقيا بالكارثة.
وتدهور الوضع في بوركينا فاسو بشكل خاص في الأسابيع الأخيرة، وأسفر هجوم في أواخر أغسطس (آب) الماضي عن مقتل 24 جندياً، وفي الأسبوع الماضي قتل 29 شخصاً في هجمات منفصلة بالمنطقة الشمالية الوسطى المضطربة.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».