مِزاج العشرينات يُنعش المشهد التشكيلي في القاهرة

معرض «+20» يضم 13 فناناً وفنانة

المعرض يضم أعمال فنانين في مقتبل حياتهم الفنية
المعرض يضم أعمال فنانين في مقتبل حياتهم الفنية
TT

مِزاج العشرينات يُنعش المشهد التشكيلي في القاهرة

المعرض يضم أعمال فنانين في مقتبل حياتهم الفنية
المعرض يضم أعمال فنانين في مقتبل حياتهم الفنية

يكشف عنوان معرض «+20»، الذي يستضيفه غاليري خان المغربي بالقاهرة، عن فكرته الرئيسية، فالمعرض مُخصص بالكامل لعرض أعمال فنانين شباب تتراوح أعمارهم في حدود العشرين، حيث مُقتبل حياتهم الفنية بعد الدراسة الجامعية.
يُشارك في المعرض نحو 13 فناناً وفنانة، بعضهم يشارك لأول مرة في معارض جماعية وآخرين لهم تجارب سابقة، يقدمون من خلاله ألواناً متعددة من الفنون، أبرزها الفنون التصويرية، التي تحمل فلسفتهم الخاصة التي ترتبط بطبيعة الحال برؤيتهم المُبكرة للحياة والفن، من خلال وجهات نظرهم عن العالم والمجتمع والأسرة وحتى تعقدات النفس البشرية.
وتبرز في المعرض، الذي يستمر حتى 23 سبتمبر (أيلول) الجاري، العديد من الفنون التعبيرية كالتصوير والغرافيك، وكذلك النحت الذي تعددت وسائطه ما بين استخدام الحجر والألباستر والسيراميك واستخدام المعادن في تشكيل الحُلي كالنحاس الأصفر والأحجار المُلونة، وذات الطراز المُستمد من حضارة مصر القديمة مثل حجر «الجُعران» الأزرق.
ورغم تقارب أعمار المشاركين، فإن المعرض الجماعي يشهد تنوعاً في المدارس الفنية التي انحاز لها الفنانون الشباب، فتظهر في المعرض أعمال تجريدية وأخرى معاصرة ترتكز إلى فن الغرافيك، وأخرى تشكيلية تستمد من التراث ثيماتها الرئيسية، فتظهر في المعرض ملامح الصحراء الجميلة، وأخرى تستلهم مفردات حية من الطبيعة كالأزهار ومحيط أوراقها الأخضر، فيما تناقش بعض الأعمال قضايا اجتماعية، على غرار ما طرحته الفنانة ميران سمير عبر لوحاتها الست المشاركة في المعرض.
تقول ميران سمير لـ«الشرق الأوسط» إن «الأعمال التي أشارك بها في المعرض أحاول بها طرح قيمة الترابط الأسري من وجهة نظري، صنعت ذلك من خلال تتابع حكايات اللوحات الست التي قدمتها، وتحكي مشاهد يمكن أن يمر مرور الكرام دون أن نتوقف عند مدى دفئها وخصوصيتها، وربما رأيت ذلك من خلال أسرتي، وقد اخترت الصعيد تحديداً وأنا أطرح تجربتي كإطار عام، لأنه من وجهة نظري فإن رجال الصعيد هم رمز الصلابة والقوة، وكذلك سيدات الصعيد».
استخدمت ميران سمير في لوحاتها تقنية الطباعة البارزة على «اللينوليوم» عبر الاستعانة بقوالب مجزأة، وتبرز في اللوحات الحضور المميز لتراث الزي الصعيدي وألوانه وهيئة أبطال لوحاتها.
ومن محاولة العودة للجذور الاجتماعية في مشروع ميران إلى محاولة للتعبير عن خبايا النفس من خلال استخدام تقنية الوسائط المتعددة التي طرحها الفنان عبد الرحمن محمود عبر 21 بورتريهاً، يقول عنها لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت من خلال أعمالي التعبير عما يحدث في منطقة اللاوعي، كأحلام اليقظة والأحلام، وكل ما لا يستطيع الإنسان التعبير عنه بالكلام، تماماً كالأمنيات التي تظل أسيرة العقل الباطن».
ويضيف عبد الرحمن أنه حاول في أعماله مزج فن البورتريه بحلول تشكيلية أخرى، ويقول: «منحت فكرة المعرض لجيلنا الثقة في التعبير عن أفكارنا الفنية، وعادة ما استعمل الحبر والألوان الفلوماستر والأكريليك، وأسعى لاكتشاف خامات أخرى دائماً خلال عملي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».