السودان يتبنى مبادرة «الوديعة الدولارية» لدعم الاقتصاد الوطني

«النقد العربي» يتوقع تحسن النمو العام المقبل

أظهر أحدث تقرير لصندوق النقد العربي ارتفاع توقعات النمو الاقتصادي خلال العام المقبل (أ.ف.ب)
أظهر أحدث تقرير لصندوق النقد العربي ارتفاع توقعات النمو الاقتصادي خلال العام المقبل (أ.ف.ب)
TT

السودان يتبنى مبادرة «الوديعة الدولارية» لدعم الاقتصاد الوطني

أظهر أحدث تقرير لصندوق النقد العربي ارتفاع توقعات النمو الاقتصادي خلال العام المقبل (أ.ف.ب)
أظهر أحدث تقرير لصندوق النقد العربي ارتفاع توقعات النمو الاقتصادي خلال العام المقبل (أ.ف.ب)

أعنت وزارة المالية السودانية، موافقة وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور إبراهيم البدوي، على تبني مبادرة «الوديعة لصالح الوطن». وأشاد البدوي بمبادرة الشعب السوداني لدعم الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن السودان في أمس الحاجة لتضافر جهود جميع أبناء شعبه، بمختلف مكوناتهم وفي شتى المجالات من أجل النهوض به وجعله في مصاف الأمم المتقدمة.
ووفقا لتلك المبادرة، يقوم المشاركون فيها بإيداع وديعة دولارية، لفترة في بنك السودان المركزي، على أن يتم استرداد قيمتها بعد انتهاء فترة الوديعة، بلا فوائد، في محاولة لتوفير سيولة من الدولار.
وأوضح وزير المالية أنه تجري الترتيبات لفتح حساب للوديعة الدولارية باسم وزارة المالية، في «بنك السودان»، على أن تسترد الوديعة بعد 3 سنوات، لافتا إلى أنه سيتم الإعلان عن رقم الحساب في جميع وسائل الإعلام. ونوه بأن السودان تلقى وعودا استثمارية ضخمة، من جهات دولية كثيرة، ستصب في صالح الوطن.
في غضون ذلك، توقع صندوق النقد العربي تحسن أوضاع النمو الاقتصادي في السودان العام المقبل، نتيجة للانتقال السلس للسلطة وفرص الدعم المتوقع من المجتمع الدولي وتبني الحكومة برنامجا للإصلاح الاقتصادي.
وذكر تقرير «آفاق الاقتصاد العربي» الذي أصدره الصندوق الشهر الحالي أن اتجاهات النمو الاقتصادي في السودان بلغت في العام الحالي 1.3 في المائة، مقارنة بنسبة 2.8 في المائة في عام 2018، متوقعا ارتفاعه خلال عام 2020 إلى 2.7 في المائة.
وأشار التقرير إلى انعكاس التطورات السياسية التي تشهدها البلاد على الأوضاع الاقتصادية خلال العام الحالي، لافتا إلى ارتفاع مستويات العجز في موازنة 2018، وعجز ميزان المدفوعات وأزمات السيولة المحلية، مما أدى إلى ضعف النشاط الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية.
وأوضح الصندوق أن تلك العوامل أدت إلى ضعف مستويات الاستهلاك والاستثمار وازدياد التوقعات بانكماش الناتج المحلي، لافتا إلى أن استمرار تصدير نفط جنوب السودان وتدفق رسوم عبور النفط إلى الموازنة العامة للسودان، خفف من تأثير الانكماش وعزز من احتياطي النقد الأجنبي، إضافة إلى أن استمرار صادرات الذهب عبر القنوات الرسمية، أثر بشكل إيجابي على ميزان المدفوعات.
وفي سياق آخر، أشادت وزارة الصناعة والتجارة السودانية، بالدور المتعاظم، الذي تضطلع به السوق الأفريقية المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (كوميسا)، في خدمة دول المنطقة الأعضاء خصوصا السودان، في مجال بناء القدرات والدعم المؤسسي.
جاء ذلك خلال لقاء وكيل وزارة الصناعة السوداني عبد الرحمن عجب، مع وفد بعثة الكوميسا، الذي يزور السودان، برئاسة هوب سيمبيكو رئيس قسم مشروعات التكامل الإقليمي للدول الأعضاء في «كوميسا».
ونوه عجب بالمشروع الذي تنفذه «كوميسا» بالسودان، لبناء القدرات الإنتاجية والمؤسسية، بمبلغ 2.2 مليون يورو لخدمة برامج الاقتصاد والتبادل التجاري والصناعي بين السودان والدول الأعضاء، على المستويين الإقليمي والدولي.
وتفقدت بعثة الكوميسا، عددا من الجهات ذات الصلة بالمشروع، في وزارات المالية والزراعة والثروة الحيوانية، فضلا عن اتحاد أصحاب العمل والغرفة التجارية. وأكدت رئيسة البعثة أن المشروع سيتم تدشينه في نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي، مشيرة إلى أن الأمين العام لـ«كوميسا» شيلسي كابويبوي، ستزور الخرطوم نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأوضحت أنه سيتم تنظيم ورشات عمل للتعريف بأنشطة المشروع والتعرف على التطورات الإيجابية، التي حدثت بالسودان وتقديم الدعم اللازم من المنظمة، لافتة إلى أن الزيارة هدفت إلى دعم السودان في مجالات الطاقة المتجددة والطاقات الشمسية بإشراك القطاع الخاص السوداني.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.