«بنجابي دابا»... حنين إلى الوطن في أطباق زهيدة الأسعار

وجهة سائقي الشاحنات الهنود في كاليفورنيا

من الأكلات التي تقدمها الاستراحة
من الأكلات التي تقدمها الاستراحة
TT

«بنجابي دابا»... حنين إلى الوطن في أطباق زهيدة الأسعار

من الأكلات التي تقدمها الاستراحة
من الأكلات التي تقدمها الاستراحة

تعدّ استراحة «بنجابي دابا»؛ من الاستراحات زهيدة الأسعار المتناثرة على جوانب طرق السفر السريعة في كل من الهند وباكستان، من الأمثلة المتعددة على مدى ما تمثله مدينة باكرسفيلد بولاية كاليفورنيا من مذاقات طيبة جنباً إلى جنب الأطياف المتنوعة من العمالة المهاجرة المقيمة هناك.
كان خبز الروتي المفرود ناصع البياض وأطرافه خالية من الحروق، وكان رقيقاً ومستوياً. وتم لفّ العجين جيداً حسب الطلب حتى يخرج خبز الروتي ساخناً وطرياً، ثم يوضع على طبق ورقي إلى جانب عبوات جاهزة مملوءة بالبقوليات الهندية اللذيذة، مع بعض الملاعق البلاستيكية الصغيرة.
يوحي مظهر الاستراحة بالتواضع. ولكن إذا كنت متعباً وعيناك منهكتين من أثر السفر الطويل، مثل كثير من السائقين الذين يوقفون شاحناتهم الكبيرة خلف استراحة «بنجابي دابا»، فإن ذلك المكان يمنحك إحساساً بالراحة وكسراً لتقاليد مطاعم الوجبات السريعة ومواقف محطات الوقود الكثيرة.
يوجد المطعم أو الاستراحة بالقرب من إحدى ورشات إصلاح السيارات ومدرسة تعليم قيادة الشاحنات على الطريق السريعة، ولكنه يملك استراحة هادئة للجلوس في الخلفية تتناثر حولها الزهور والشجيرات الخضراء.
كانت مهنة قيادة الشاحنات في الولايات المتحدة الأميركية، حتى وقت قريب، حكراً على السائقين البيض من الرجال، ولكن في ولاية كاليفورنيا وحدها؛ التي تضم أكثر من 100 ألف سائق، يساعد المهاجرون من ذوي الأصول الهندية والبنجاب، على جبر النقص الوطني الواضح في عدد السائقين. وقدرت «رابطة النقل بالشاحنات» الأميركية ذلك النقص على الصعيد الوطني بنحو 50 ألف سائق خلال العام الماضي وحده؛ وهو الرقم الذي يواصل الارتفاع مع خروج مزيد من سائقي الشاحنات من الخدمة بالإحالة إلى التقاعد.
وفي خضم تلك العملية، بات المهاجرون ذوو الأصول الهندية البنجابية يواصلون النمو وإعادة تعريف ما تعنيه قيادة الشاحنات الكبيرة على الطرق الأميركية السريعة، لا سيما في ولاية كاليفورنيا، فضلاً عن تغيير عادات وتقاليد مواقف ومحطات الاستراحة للشاحنات الأميركية الكبيرة.
تقدم استراحة «بنجابي دابا» مختلف الخدمات لمجتمع سائقي الشاحنات المتنامي؛ المهاجرين من البنجاب، مع مساحة واسعة لإيقاف الشاحنات مع مجموعة من مجلات الشاحنات البنجابية المجانية ذات المقالات والإعلانات باللغتين الهندية والإنجليزية.
ويدير مطبخ الاستراحة مجموعة محترفة وسريعة من النساء اللاتي يتحدثن فيما بينهن ومع السائقين باللغة المعروفة في إقليم البنجاب الهندي أثناء تقديم أقداح الشاي المغلي الطازج المحلى في أكواب بلاستيكية نظيفة.
تتميز استراحة «بنجابي دابا» بتقديم الأطباق النباتية بصفة غالبة، ولكنها لا تزال استراحة توقف على طريق السفر الطويلة، ومن ثم فهناك مأكولات شهية غنية بصلصات الطماطم والكريمة المخففة الشهية، فضلاً عن البهارات والتوابل الهندية الشهيرة.
وتسوى أطباق الدجاج هناك بالحرارة العالية، وتفوح منها رائحة الدخان الكثيف، وهي تطهى من لحم الأفخاذ الداكن المطبوخ في صحون من الفخار. وتتناسب جميع مأكولات الاستراحة مع أذواق سائقي الشاحنات الذين يترددون عليها بين الحين والآخر، والذين يجدون في أنفسهم ميلاً لتذوق أطعمة مألوفة لديهم على طول الطريق بعيداً عن منازلهم وأسرهم ربما لبضعة أسابيع في كل مرة؛ حيث ينقلون البضائع والسلع وغيرها من المنتجات على الطرق السريعة الممتدة بين مختلف الولايات الأميركية مترامية الأطراف.
وابتاع فريق من الزوجين الهنديين، بالفيندر سينغ سايني ومانسي تيواري، استراحة «بنجابي دابا» عام 2016، وكانت قبل ذلك شاحنة صغيرة تقدم الطعام المكسيكي للمسافرين على الطرق السريعة.
وقائمة الاستراحة ليست بالطويلة ولا المعقدة، وصمم سايني سائق الشاحنات المتقاعد، برفقة زوجته تيواري مع بعض الأقارب، الأطباق التي تقدمها الاستراحة من نقطة الصفر.
وفي الهند وباكستان، لا تستخدم عربات الطعام أو متاجر الوجبات السريعة لخدمة سائقي الشاحنات الذين يترددون عليها فقط؛ بل يأتيها أيضاً طلاب الجامعات في أوقات متأخرة بعد الخروج من الحفلات، وتتوقف لديها العائلات خلال سفرها على الطرق. ويشبه الأمر استراحة «بنجابي دابا»، حيث تجلس العائلات المحلية مع أطفالها أثناء مرور الشاحنات على الطريق، حيث يتناولون خبر الروتي المستدير، ويأكلون معه طبق البانير والشول، ويستمتعون بمذاق الشاي الساخن.
والأهم من ذلك، أنك إذا طلبت وجبة الباراثا المحشوة - ولا بد لك من تجربة هذه الوجبة عندهم - فإن سعرها لا يتجاوز 3 دولارات مع كمية معقولة من سلطة الرايتا، وبعض قطع البصل المخلل، وقدر من الزبد الملفوف. وخلال دقيقة أو دقيقتين على الأكثر، تكون وجبة الباراثا المحشوة ساخنة وجاهزة للتناول.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)
TT

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق لعدة أسباب؛ على رأسها الشغف والحب والسخاء.

شوربة الفطر (الشرق الأوسط)

ألذ الأطباق المصرية تجدها في «ألذ» المطعم المصري الجديد الذي فتح أبوابه أمام الذواقة العرب والأجانب في منطقة «تشيزيك» غرب لندن.

نمط المطعم يمزج ما بين المطعم والمقهى، عندما تدخله سيكون التمثال الفرعوني والكراسي الملكية بالنقوش والتصاميم الفرعونية بانتظارك، والأهم ابتسامة عبير عبد الغني، الطاهية والشريكة في المشروع، وهي تستقبلك بحفاوة ودفء الشعب المصري.

شوربة العدس مع الخضراوات (الشرق الأوسط)

على طاولة ليست بعيدة من الركن الذي جلسنا فيه كانت تجلس عائلة عبير، وهذا المشهد يشوقك لتذوق الطعام من يد أمهم التي قدمت لنا لائحة الطعام، وبدت علامات الفخر واضحة على وجهها في كل مرة سألناها عن طبق تقليدي ما.

لحم الضأن مع الأرز المصري (الشرق الأوسط)

المميز في المطعم بساطته وتركيزه على الأكل التقليدي وكل ما فيه يذكرك بمصر، شاشة عملاقة تشاهد عليها فيديوهات لعالم الآثار والمؤرخ المصري زاهي حواس الذي يعدُّ من بين أحد أبرز الشخصيات في مجال علم المصريات والآثار على مستوى العالم، وهناك واجهة مخصصة لعرض الحلوى المصرية وجلسات مريحة وصوت «كوب الشرق» أم كلثوم يصدح في أرجاء المطعم فتنسى للحظة أنك بمنطقة «تشيزيك» بلندن، وتظن لوهلة أنك في مقهى مصري شهير في قلب «أم الدنيا».

كبدة إسكندراني (الشرق الأوسط)

مهرجان الطعام بدأ بشوربة العدس وشوربة «لسان العصفور» وشوربة «الفطر»، وهنا لا يمكن أن نتخطى شوربة العدس دون شرح مذاقها الرائع، وقالت عبير: «هذا الطبق من بين أشهر الأطباق في المطعم، وأضيف على الوصفة لمساتي الخاصة وأضع كثيراً من الخضراوات الأخرى إلى جانب العدس لتعطيها قواماً متجانساً ونكهة إضافية». تقدم الشوربة مع الخبز المقرمش والليمون، المذاق هو فعلاً «تحفة» كما يقول إخواننا المصريون.

الممبار مع الكبة وكفتة الأرز والبطاطس (الشرق الأوسط)

وبعدها جاء دور الممبار (نقانق على الطريقة المصرية) والكبة والـ«سمبوسة» و«كفتة الأرز» كلها لذيذة، ولكن الألذ هو طبق المحاشي على الطريقة المصرية، وهو عبارة عن تشكيلة من محشي الباذنجان، والكرنب والكوسة والفليفلة وورق العنب أو الـ«دولما»، ميزتها نكهة البهارات التي استخدمت بمعيار معتدل جداً.

محشي الباذنجان والكرنب وورق العنب (الشرق الأوسط)

أما الملوخية، فحدث ولا حرج، فهي فعلاً لذيذة وتقدم مع الأرز الأبيض. ولا يمكن أن تزور مطعماً مصرياً دون أن تتذوق طبق الكشري، وبعدها جربنا لحم الضأن بالصلصة والأرز، ومسقعة الباذنجان التي تقدم في طبق من الفخار تطبخ فيه.

الملوخية على الطريقة المصرية (الشرق الأوسط)

وبعد كل هذه الأطباق اللذيذة كان لا بد من ترك مساحة لـ«أم علي»، فهي فعلاً تستحق السعرات الحرارية التي فيها، إنها لذيذة جداً وأنصح بتذوقها.

لائحة الحلويات طويلة، ولكننا اكتفينا بالطبق المذكور والأرز بالحليب.

أم علي وأرز بالحليب (الشرق الأوسط)

يقدم «ألذ» أيضاً العصير الطبيعي وجربنا عصير المانجو والليمونادة مع النعناع. ويفتح المطعم أبوابه صباحاً ليقدم الفطور المصري، وهو تشكيلة من الأطباق التقليدية التي يتناولها المصريون في الصباح مثل البيض والجبن والفول، مع كأس من الشاي على الطريقة المصرية.

المعروف عن المطبخ المصري أنه غني بالأطباق التي تعكس التراث الثقافي والحضاري لمصر، وهذا ما استطاع مطعم «ألذ» تحقيقه، فهو مزج بين البساطة والمكونات الطبيعية واستخدم المكونات المحلية مثل البقوليات والأرز المصري.

كشري «ألذ» (الشرق الأوسط)

وعن زبائن المطعم تقول عبير إن الغالبية منهم أجانب بحكم جغرافية المنطقة، ولكنهم يواظبون على الزيارة وتذوق الأطباق المصرية التقليدية، وتضيف أن الملوخية والكشري وشوربة العدس من بين الأطباق المحببة لديهم.

وتضيف عبير أن المطعم يقدّم خدمة التوصيل إلى المكاتب والبيوت، كما يقوم بتنظيم حفلات الطعام على طريقة الـCatering للشركات والحفلات العائلية والمناسبات كافة.