اكتشاف معبد أثري أثناء حفر مشروع صرف صحي في صعيد مصر

يرجح تدشينه في العصر الروماني

موقع اكتشاف أساسات المعبد الأثري في سوهاج
موقع اكتشاف أساسات المعبد الأثري في سوهاج
TT

اكتشاف معبد أثري أثناء حفر مشروع صرف صحي في صعيد مصر

موقع اكتشاف أساسات المعبد الأثري في سوهاج
موقع اكتشاف أساسات المعبد الأثري في سوهاج

بدأت وزارة الآثار المصرية تنفيذ «حفائر إنقاذ» في قرية كوم أشقاو بمركز طما شمال محافظة سوهاج (صعيد مصر)، بعد أن تم الكشف بالصدفة أثناء تنفيذ مشروع للصّرف الصّحي في المنطقة عن بقايا بناء من الحجر الجيري تبيّن أنّه أساسات معبد أثري.
وقال الدكتور مصطفي وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي أمس، إنّ «حفائر الإنقاذ سوف تبدأ الحفر الأثري للمنطقة، مع تنفيذ الدراسات اللازمة لمعرفة مكونات ما عُثر عليه من بلوكات أثرية؛ حيث عُثر على جدار حجري يمثل الركن الشمالي الشرقي من مبنى جدرانه بسمك 2.30 متر، وأساساته تزيد عن 5 صفوف، كما وجدت على إحدى الكتل بقايا منظر يمثل إله الأقاليم حابي، وأخرى مزينة بنقوش زخرفية، ما يرجح أنّها تخصّ معبداً أو مقصورة».
وأوضح الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية في وزارة الآثار، لـ«الشرق الأوسط» أنّ «المنطقة التي كُشف فيها عن المعبد، تابعة لوزارة الآثار، وكان مشروع الصّرف الصّحي يجري تحت إشراف الوزارة، وأثناء تنفيذ المشروع عُثر على جدار أثري»، مشيراً إلى أنّ «الجدار من الواضح أنّه أساس لمعبد أثري».
وقال عشماوي إنّ «الحفائر بدأت في المنطقة لاستكمال الكشف، وتحديد العصر الذي ينتمي له المعبد الأثري».
وأثناء تنفيذ مشروع للصّرف الصّحي، جرى الكشف عن جدار به بعض النقوش، والشواهد الأثرية، لتبدأ وزارة الآثار على الفور في معاينته والتأكد من أثريته، ووفقاً لعشماوي: «خُصّصت ميزانية من الوزارة لحفائر الإنقاذ في المنطقة».
ومنطقة كوم أشقاو عرفت في العصور القديمة باسم أفروديتوبوليس، وكانت عاصمة للمقاطعة العاشرة في صعيد مصر، وعثر فيها على برديات أفروديتو، التي تتضمن رسائل من قرة بن شريك إلى باسيليوس صاحب أشقوة باللغات اليونانية والقبطية والعربية.
الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، رجّح أن يكون المعبد من العصور المتأخرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «منطقة كوم أشقاو من المواقع المتميزة في سوهاج، لكنّها لم تكن في بؤرة الأحداث مثل مواقع أثرية أخرى في المحافظة، لذلك فالمعبد إمّا ينتمي للعصور المتأخرة وإما العصر اليوناني الروماني». وأضاف عبد البصير أنّ «سوهاج محافظة مهمة، وهي التي خرج منها الفراعنة المؤسسون، وجرى توحيد القطرين بها، وبها أيضاً مقابر الغرابة المدفونة من الأسرتين الأولى والثانية، ومعبد رمسيس وسيتي الأول، ومدفن أوزوريس وأخميم، وأهمهم على الإطلاق معبد أبيدوس»، مشيراً إلى أنّ «سوهاج كانت العاصمة الدينية لمصر القديمة».
وجرى الكشف بالصدفة أخيراً عن مقبرة أثرية في منطقة الديابات في سوهاج أثناء تتبع عصابة آثار تقوم بالحفر خلسة في المنطقة، والمقبرة لشخصين رجل اسمه توتو، وزوجته، وتعود للعصر البطلمي، وقد فُكّت ونُقلت لتُعرض في متحف العاصمة الإدارية الجديدة.
وفي سياق منفصل، ألقت السّلطات المصرية القبض على شخص في محافظة المنيا (صعيد مصر) بحوزته 277 قطعة أثرية كان ينوي الاتجار بها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».