جدل في العراق حول دلالات ظهور الصدر مع خامنئي وسليماني

الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)
الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)
TT
20

جدل في العراق حول دلالات ظهور الصدر مع خامنئي وسليماني

الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)
الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)

أثار الظهور المفاجئ لزعيم «التيار الصدري» في العراق مقتدى الصدر وهو يتوسط المرشد الإيراني علي خامنئي وقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، جدلاً واسعاً في العراق، بالنظر إلى علاقة الصدر الفاترة بإيران وانتقاداته تدخلاتها وبعض الفصائل المسلحة الموالية لها التي يطلق عليها «الميليشيات الوقحة».
وكانت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية نشرت، أول من أمس، صورة لمقتدى الصدر في مراسم إحياء «عاشوراء» في إيران وهو يجلس بين خامنئي وسليماني. ووزعت مواقع مقربة من «التيار الصدري»، صوراً للصدر وهو يوزع حصصاً غذائية في مدينة قم الإيرانية، مشيرة إلى أن «الزيارة ذات طابع شخصي وليس سياسياً».
وتراوحت وجهات النظر في داخل «التيار الصدري» وخارجه حيال الظهور المفاجئ للصدر مع خامنئي وسليماني، بين مؤيد يرى أنه «يتصرف بطريقة الزعيم الذي يقدم مصالح العراق على غيره»، وبين منتقد يعتقد أن الصدر «التحق بالنفوذ الإيراني كما فعل غيره من الساسة وقادة الفصائل المسلحة العراقية».
ولم يصدر أي تعليق عن الصدر بشأن الضجة التي أحدثها ظهوره. لكن القيادي في تياره حاكم الزاملي قال إن الصدر «حضر مجلس عزاء حسيني في طهران، وصادف هذا الحضور وجود خامنئي وسليماني، وهذا ما يجعل الأمر طبيعياً جداً». وأضاف في تصريحات صحافية أن الصدر «يتمتع بعلاقة جيدة مع الجميع من دول الجوار، كما أن الجميع يكنّ له الاحترام لمواقفه الوطنية المشرفة تجاه العراق، والأزمات التي تمر بها المنطقة».
وعلق النائب عن «تحالف سائرون» رياض المسعودي، أمس، على ظهور الصدر بالقول إن «علاقة العراق بمحيطه المجاور منذ سقوط نظام صدام حسين وحتى هذا اليوم مبنية على حسن الجوار واحترام السيادة، ولم تصل إلى مرحلة القطيعة»، عادّاً أن زيارات الصدر الخارجية «ترتكز على 3 مبادئ؛ هي: احترام حسن الجوار، والحفاظ على السيادة، ورغبته في توطيد العلاقات بين الشعوب، وهو ينطلق من مبدأ لغة الأقوياء ولغة المؤمنين بالمشروع العراقي وتحقيق مصلحة الشعب».
غير أن الناشط السابق في «التيار الصدري» غيث التميمي المعروف بانتقاداته العلنية لإيران أبدى أسفه لظهور الصدر الأخير. وقال: «من يجلس تحت أقدام المرشد لا يمكنه أن يكون تاجاً على رؤوس العراقيين». وخاطب الصدر قائلاً: «على رغم كونك غير مرتاح كما يبدو في الثورة، لكنك قللت قيمتك وقدرك عند العراقيين». ورد على تغريدة لسليماني نشر فيها الصورة بالقول: «يبقى العراق أكبر مما تطمح يا جناب الجنرال حتى لو جلس هذا المجلس كل من في السلطة الآن. العراق عصي عنيد متنوع. عليك أن تتقبل الحقيقة وتبني جسور أخوة مع الدولة العراقية ولا تخدعنك أوهام العقائد السياسية التي أسقطت من قبلك».
وأوضح رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري أن «ظهور الصدر كان مفاجئاً لأتباعه وللنخب والاتجاهات السياسية التي تعرف أنه يتقاطع مع توجهات إيران السياسية في العراق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ظهور الصدر يبعث برسائل عدة؛ منها سعيه للمضي باتجاه سياسة التوازن، خصوصاً أنه سبق أن اتهم بقربه من المحيط العربي والخليجي».
و«باعتبار الصدر الداعم والراعي لحكومة عادل عبد المهدي»، والكلام للشمري، فإنه «ربما يسعى للحديث مع الإيرانيين بشأن مستقبل الحكومة، ونحن نعلم أنه لمح إلى عدم استمرارها في حال لم تنجز ما هو مطلوب منها، لذلك ربما يعد الصدر لسيناريو قادم». واستبعد «معرفة نتائج ظهور الصدر في طهران في المدى القريب، وربما سنكتشف على المدى المتوسط ما إذا كان لا يزال عند موقفه السابق من إيران، أم إنه انتقل إلى خانة الداعمين لها».
واتهم عضو «منظمة بدر» كريم النوري منتقدي ظهور الصدر مع خامنئي بأنهم «يختزلون السياسة بعواطف ومواقف مسبقة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة الأخيرة تحسب للصدر وللإيرانيين، لأنها جاءت في ظرف التصعيد الدولي الشديد بين إيران والولايات المتحدة، وتأكيدات الصدر على إبعاد العراق عن سياسة المحاور وعدم إقحامه في الصراع القائم». ورأى أن إيران «تتعامل بذكاء ودهاء في تقريب واستيعاب الزعامات السياسية العراقية من دون نوايا مبيّتة، وهي تدرك الثقل الشعبي الذي يحظى به الصدر». ويعتقد أن «ثمة علامة فارقة في أداء الصدر؛ وهي أنه يستقوي بالداخل ليفرض وجوده على الخارج، بينما غيره يستقوي بالخارج لإثبات وجوده في الداخل».



اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
TT
20

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)

بالتزامن مع تدشين جماعة الحوثي حملات استقطاب واسعة لأطفال وشبان إلى معسكراتها الصيفية لهذا العام، عادت ظاهرة اختفاء المراهقين إلى الواجهة مجدداً في محافظة ذمار الخاضعة لسيطرة الجماعة، وسط مخاوف حقوقية ومجتمعية من تصاعد الظاهرة واستخدامها غطاء لعمليات التجنيد القسري.

وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن المحافظة شهدت خلال الأيام القليلة الماضية تسجيل ما لا يقل عن ثماني حالات اختفاء مفاجئة لأطفال وشبان تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاماً، في مدينة ذمار وعدد من المديريات المجاورة، دون أن تتمكّن أسرهم من معرفة مصيرهم أو الجهات التي تقف وراء اختفائهم.

ويرى ناشطون حقوقيون في محافظة ذمار أن تصاعد حالات الاختفاء خلال الفترة الأخيرة ليس أمراً عابراً، بل يمثّل مؤشراً خطيراً على عمليات تجنيد منظّم تمارسها الجماعة الحوثية بحق القاصرين، في إطار ما تسميه «المعسكرات الصيفية». وأكدوا أن العام الحالي شهد تصاعداً غير مسبوق في جرائم الخطف، معظم ضحاياها من الفتيان والمراهقين.

الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)
الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)

وأشار الحقوقيون إلى أن الجماعة الحوثية تسعى من خلال هذه المعسكرات إلى غسل أدمغة الأطفال والمراهقين بالأفكار المتطرفة وتلقينهم مفاهيم طائفية، تمهيداً لإرسالهم إلى جبهات القتال تحت شعارات دينية وسياسية، من بينها «نصرة فلسطين».

وقائع مؤلمة

من بين أحدث حالات الاختفاء التي وثّقتها مصادر محلية، اختطاف الطفل أكرم صالح الآنسي من وسط مدينة ذمار قبل يومين، ولا يزال مصيره مجهولاً. كما شهدت المدينة حادثة اختفاء الطفل مهنأ حفظ الله (13 عاماً) في أثناء خروجه من منزله، دون أن تنجح أسرته حتى الآن في العثور عليه رغم عمليات البحث المكثفة.

وسُجلت أيضاً حالة اختفاء لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، إلى جانب حادثة غامضة أخرى لاختفاء خمسة إخوة من أسرة واحدة، جميعهم دون سن البلوغ، في أثناء قضاء إجازة عيد الفطر في ضواحي المدينة.

وأكد شهود عيان أن الأطفال الخمسة: عبد الرزاق، وهايل، وهناء، وملايين، وجنى، اختفوا في الثالث من أبريل (نيسان) الحالي دون أي أثر، في حين لم تُسفر جهود الأسرة الذاتية عن أي نتيجة.

وتحدّث سكان لـ«الشرق الأوسط» عن تنامي الظاهرة، متهمين جماعة الحوثي باستخدام عمليات الاختفاء وسيلة للابتزاز السياسي والمجتمعي، وفرض واقع التجنيد بالقوة.

قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)
قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)

وقال أحد السكان، ويدعى خيري، إن المحافظة تحوّلت خلال الفترة الماضية إلى «ساحة مفتوحة» لخطف المراهقين، متهماً قادة الحوثيين بالوقوف خلف عمليات الاختفاء، خصوصاً بعد رفض الأهالي إرسال أبنائهم إلى المعسكرات.

وأضاف خيري أن الحوثيين يسعون لتحويل الأطفال إلى «دروع بشرية» أمام الضربات الأميركية، واستثمار ذلك لاحقاً في الخطاب السياسي والإنساني، مشيراً إلى أن عشرات الشبان اختطفوا من عدة مناطق بذمار وتمّ إخضاعهم للتعبئة الفكرية والعسكرية دون علم أو موافقة أسرهم.

وكان القيادي الحوثي محمد البخيتي، المعيّن في منصب محافظ ذمار، قد دفع خلال الأعوام الماضية بمئات المجندين، معظمهم من الأطفال والمهمشين واللاجئين الأفارقة، إلى خطوط القتال عبر دوريات عسكرية تابعة للجماعة.

ويحذّر ناشطون من أن استمرار هذه السياسة يضع حياة آلاف الأطفال والشبان في خطر حقيقي، ويهدّد النسيج المجتمعي لمحافظة ذمار التي ترفض الغالبية العظمى من سكانها الزج بأبنائهم في حروب لا علاقة لهم بها.