جدل في العراق حول دلالات ظهور الصدر مع خامنئي وسليماني

الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)
الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)
TT

جدل في العراق حول دلالات ظهور الصدر مع خامنئي وسليماني

الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)
الصدر بين خامنئي وسليماني (موقع المرشد الإيراني)

أثار الظهور المفاجئ لزعيم «التيار الصدري» في العراق مقتدى الصدر وهو يتوسط المرشد الإيراني علي خامنئي وقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، جدلاً واسعاً في العراق، بالنظر إلى علاقة الصدر الفاترة بإيران وانتقاداته تدخلاتها وبعض الفصائل المسلحة الموالية لها التي يطلق عليها «الميليشيات الوقحة».
وكانت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية نشرت، أول من أمس، صورة لمقتدى الصدر في مراسم إحياء «عاشوراء» في إيران وهو يجلس بين خامنئي وسليماني. ووزعت مواقع مقربة من «التيار الصدري»، صوراً للصدر وهو يوزع حصصاً غذائية في مدينة قم الإيرانية، مشيرة إلى أن «الزيارة ذات طابع شخصي وليس سياسياً».
وتراوحت وجهات النظر في داخل «التيار الصدري» وخارجه حيال الظهور المفاجئ للصدر مع خامنئي وسليماني، بين مؤيد يرى أنه «يتصرف بطريقة الزعيم الذي يقدم مصالح العراق على غيره»، وبين منتقد يعتقد أن الصدر «التحق بالنفوذ الإيراني كما فعل غيره من الساسة وقادة الفصائل المسلحة العراقية».
ولم يصدر أي تعليق عن الصدر بشأن الضجة التي أحدثها ظهوره. لكن القيادي في تياره حاكم الزاملي قال إن الصدر «حضر مجلس عزاء حسيني في طهران، وصادف هذا الحضور وجود خامنئي وسليماني، وهذا ما يجعل الأمر طبيعياً جداً». وأضاف في تصريحات صحافية أن الصدر «يتمتع بعلاقة جيدة مع الجميع من دول الجوار، كما أن الجميع يكنّ له الاحترام لمواقفه الوطنية المشرفة تجاه العراق، والأزمات التي تمر بها المنطقة».
وعلق النائب عن «تحالف سائرون» رياض المسعودي، أمس، على ظهور الصدر بالقول إن «علاقة العراق بمحيطه المجاور منذ سقوط نظام صدام حسين وحتى هذا اليوم مبنية على حسن الجوار واحترام السيادة، ولم تصل إلى مرحلة القطيعة»، عادّاً أن زيارات الصدر الخارجية «ترتكز على 3 مبادئ؛ هي: احترام حسن الجوار، والحفاظ على السيادة، ورغبته في توطيد العلاقات بين الشعوب، وهو ينطلق من مبدأ لغة الأقوياء ولغة المؤمنين بالمشروع العراقي وتحقيق مصلحة الشعب».
غير أن الناشط السابق في «التيار الصدري» غيث التميمي المعروف بانتقاداته العلنية لإيران أبدى أسفه لظهور الصدر الأخير. وقال: «من يجلس تحت أقدام المرشد لا يمكنه أن يكون تاجاً على رؤوس العراقيين». وخاطب الصدر قائلاً: «على رغم كونك غير مرتاح كما يبدو في الثورة، لكنك قللت قيمتك وقدرك عند العراقيين». ورد على تغريدة لسليماني نشر فيها الصورة بالقول: «يبقى العراق أكبر مما تطمح يا جناب الجنرال حتى لو جلس هذا المجلس كل من في السلطة الآن. العراق عصي عنيد متنوع. عليك أن تتقبل الحقيقة وتبني جسور أخوة مع الدولة العراقية ولا تخدعنك أوهام العقائد السياسية التي أسقطت من قبلك».
وأوضح رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري أن «ظهور الصدر كان مفاجئاً لأتباعه وللنخب والاتجاهات السياسية التي تعرف أنه يتقاطع مع توجهات إيران السياسية في العراق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ظهور الصدر يبعث برسائل عدة؛ منها سعيه للمضي باتجاه سياسة التوازن، خصوصاً أنه سبق أن اتهم بقربه من المحيط العربي والخليجي».
و«باعتبار الصدر الداعم والراعي لحكومة عادل عبد المهدي»، والكلام للشمري، فإنه «ربما يسعى للحديث مع الإيرانيين بشأن مستقبل الحكومة، ونحن نعلم أنه لمح إلى عدم استمرارها في حال لم تنجز ما هو مطلوب منها، لذلك ربما يعد الصدر لسيناريو قادم». واستبعد «معرفة نتائج ظهور الصدر في طهران في المدى القريب، وربما سنكتشف على المدى المتوسط ما إذا كان لا يزال عند موقفه السابق من إيران، أم إنه انتقل إلى خانة الداعمين لها».
واتهم عضو «منظمة بدر» كريم النوري منتقدي ظهور الصدر مع خامنئي بأنهم «يختزلون السياسة بعواطف ومواقف مسبقة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة الأخيرة تحسب للصدر وللإيرانيين، لأنها جاءت في ظرف التصعيد الدولي الشديد بين إيران والولايات المتحدة، وتأكيدات الصدر على إبعاد العراق عن سياسة المحاور وعدم إقحامه في الصراع القائم». ورأى أن إيران «تتعامل بذكاء ودهاء في تقريب واستيعاب الزعامات السياسية العراقية من دون نوايا مبيّتة، وهي تدرك الثقل الشعبي الذي يحظى به الصدر». ويعتقد أن «ثمة علامة فارقة في أداء الصدر؛ وهي أنه يستقوي بالداخل ليفرض وجوده على الخارج، بينما غيره يستقوي بالخارج لإثبات وجوده في الداخل».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.