الحكومة اليمنية تندد بفرض الحوثيين «قسم الولاية» على المدارس

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي
TT

الحكومة اليمنية تندد بفرض الحوثيين «قسم الولاية» على المدارس

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي

نددت الحكومة اليمنية أمس بفرض الميليشيات الحوثية ما يسمى «قسم الولاية» على طلبة المدارس في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة، بدلا عن النشيد الوطني، معتبرة هذا السلوك الحوثي تهديدا للقيم الوطنية الجمهورية.
وجاء التنديد الحكومي في وقت أقامت فيه الجماعة الحوثية عشرات المهرجانات والفعاليات الطائفية في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة في ذكرى «عاشوراء» استنساخا منها للتجربة الإيرانية والجماعات الموالية لطهران في المنطقة. وأكد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطاب لأتباعه بالمناسبة نفسها تبعيته للمشروع الإيراني، ونظام ولاية الفقيه بالتزامن مع الاعتراف الصريح لزعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله بتبعية حزبه للمرشد الإيراني علي خامنئي.
وقال وزير التربية والتعليم في الحكومة اليمنية في تصريح رسمي أمس إنه «يستنكر قيام ميليشيات الحوثي بفرض ما يسمى قسم الولاية في الطابور الصباحي في المدارس الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات».
وشدد الوزير اليمني على ضرورة رفض هذه الإجراءات التي تقوم بها الميليشيات الحوثية ومقاومتها برفض ترديد «قسم الولاية» وترديد النشيد الوطني في العلن. وقال إن إقدام الميليشيات الانقلابية على هذا الإجراء وتنفيذه في المدارس الخاضعة في نطاق سيطرتها يدل على أنها وضعت النظام الجمهوري خلف ظهرها وشرعت على أرض الواقع بتأسيس نظام الإمامة وولاية الفقيه في أرض اليمن الحرة العربية الأبية.
وكانت مصادر تربوية في صنعاء أفادت بأن الميليشيات الحوثية تستعد عبر اجتماعات مكثفة مع مديري المدارس والقيادات التعليمية الموالين لها من أجل تكريس الوجود الطائفي والفكري للجماعة في نحو 8 آلاف مدرسة بما في ذلك اعتماد «قسم الولاية الحوثية» في طابور الصباح بدلا عن النشيد الوطني الجمهوري.
وبدأت الجماعة الحوثية فرض «قسم الولاية» في عامة مدارس صعدة منذ سنوات حيث معقلها الرئيسي في حين تسعى وفق المصادر إلى تعميم الأمر رسميا على بقية المدارس في صنعاء والمحافظات الأخرى الخاضعة لها.
وشرعت الميليشيات منذ اقتحام صنعاء في 2014 والانقلاب على الشرعية في تدمير بنية النظام التعليمي عبر تعديل المناهج الدراسية وتلغيمها بالأفكار الطائفية التي ترسخ وجود الجماعة وتبجل زعيمها الحوثي.
وعينت الميليشيات شقيق زعيمها يحيى الحوثي على رأس وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب الموالية لها حيث أوكلت إليه مهمة تجريف النظام التعليمي بشكل ممنهج.
وأقدمت الجماعة منذ انقلابها على إطاحة كافة مديري المدارس والمناطق التعليمية في صنعاء وتعيين عناصر من الموالين لها ويؤمنون بأفكارها الطائفية.
وكان يحيى الحوثي فرض على كافة المدارس حصصا طائفية كل أسبوع عبر معممي الجماعة الذين كلفتهم للقيام بهذا الدور في سياق عملية الاستقطاب للطلبة وتحويلهم إلى مجندين في صفوفها.
وخلال هذا العام سخرت الجماعة أموالا طائلة لإنشاء أكثر من 3 آلاف مركز صيفي في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لها، في سياق عملية الاستقطاب الطائفي والفكري ومحاولة تفخيخ مستقبل اليمنيين.
ومنذ أكثر من ثلاث سنوات توقفت الميليشيات الحوثية عن دفع رواتب المعلمين في مناطق سيطرتها لكافة موظفي الدولة وهو ما أدى إلى حرمان أكثر من 130 ألف معلم من توفير لقمة العيش الضرورية.
وتسبب توقف رواتب المعلمين في انصراف الآلاف منهم للحصول على مهن بديلة يعولون منها أسرهم، في وقت دفعت الجماعة بالآلاف من أتباعها للقيام بمهمة التعليم في المدارس وفرض أفكارها الطائفية.
في غضون ذلك، أفادت مصادر محلية في صنعاء بأن الجماعة الحوثية عممت على كافة المساجد في صنعاء لإقامة «حسينيات» طائفية لم يعتد اليمنيون على إقامتها، وذلك في سياق ترسيخ مشروع الجماعة الطائفي.
وقالت المصادر إن وزارة الأوقاف والإرشاد التابعة للجماعة الانقلابية في صنعاء أصدرت تعميماً على جميع المساجد لإحياء فعالية «يوم عاشوراء» بالجلوس في المساجد وتأدية طقوس البكاء على الحسين.
وانتقد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني الاحتفالات الطائفية الحوثية في صنعاء، مشيرا إلى أنها لا تمثل هوية اليمن الثقافية وتسعى إلى تحويله إلى ولاية إيرانية.
وقال الإرياني في تغريدات على «تويتر»: «هذه المظاهر الطائفية المستوردة التي شاهدناها لا تمثل عامة اليمنيين، وتؤكد أن خطر الميليشيات الحوثية يزداد يوماً بعد يوم من خلال قيامها بغسل عقول الأطفال والشباب».
واعتبر الوزير اليمني «أن كل يوم يمر في ظل سيطرة الانقلاب على بعض محافظات الجمهورية يزيد من نسبة المخاطر على اليمن والإقليم والعالم».
وأوضح أن قيام الجماعة الحوثية بإحياء ذكرى عاشوراء في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وباقي مناطق سيطرتها على الطريقة الإيرانية وإرغام المواطنين على أداء شعائرها المستوردة من طهران، يؤكد تبعيتها المطلقة لنظام الملالي ومضيها في محاولة مسخ هوية اليمنيين وفرض معتقداتها الدخيلة على المجتمع بحسب تعبيره. وكان الآلاف من أتباع الجماعة في صنعاء خرجوا لإحياء يوم «عاشوراء» في مظاهرة شهدها شارع المطار في حي الجراف رافعين الأعلام الحمر وشعارات الجماعة الأخرى وصور زعيمها الحوثي.
وامتدت الاحتفالات الحوثية إلى مدن صعدة والحديدة وذمار وإب والمحويت، حيث تحدثت مصادر محلية عن أن زعيم الجماعة أمر كافة القادة المحليين بإحياء المناسبة، وإجبار التجار والمؤسسات على تمويل الفعاليات.
واعترف زعيم الميليشيات في خطبته أمس بسقوط «عشرات الآلاف من أتباعه قتلى وجرحى» لكنه قال إن جماعته لن تستسلم أو تنهي انقلابها على الشرعية.
وكان زعيم الجماعة بعث الشهر الماضي خطابا إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، قدم فيه البيعة للمرشد، وفق ما كشف عن الموقع الرسمي لخامنئي، وذلك قبل أن تعين الجماعة أحد قادتها المقيمين في الخارج سفيرا لها لدى طهران.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.