نتنياهو يتعهد ضم غور الأردن ومستوطنات في الضفة إلى السيادة الإسرائيلية

أشتية يحذّره من ارتكاب «حماقة» ويتهمه بـ {تدمير} عملية السلام

فلسطينيون يشاركون في اعتصام أمس في مدينة الخليل للمطالبة بإطلاق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (إ.ب.أ)
فلسطينيون يشاركون في اعتصام أمس في مدينة الخليل للمطالبة بإطلاق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يتعهد ضم غور الأردن ومستوطنات في الضفة إلى السيادة الإسرائيلية

فلسطينيون يشاركون في اعتصام أمس في مدينة الخليل للمطالبة بإطلاق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (إ.ب.أ)
فلسطينيون يشاركون في اعتصام أمس في مدينة الخليل للمطالبة بإطلاق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (إ.ب.أ)

أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، زوبعة كبيرة في الساحة السياسية، عندما دعا الصحافة إلى «تصريح دراماتيكي»، أمس، وتبيّن أنه يتعهد للمستوطنين في الضفة الغربية بأنه سيعمل على ضم مستوطناتهم كافة، وكذلك منطقتا غور الأردن وشمالي البحر الميت إلى السيادة الإسرائيلية بُعيد الانتخابات، التي ستجرى يوم الثلاثاء المقبل.
فقد هاجمه اليمين المتطرف بدعوى أنه يحاول خطف الأصوات من أحزابه النشيطة بشكل خاص في المستوطنات، وهاجمته قوى اليسار التي اعتبرت تصريحاته توسعية يمكن أن تتسبب في حرب أو انتفاضة، وهاجمته أيضاً «القائمة المشتركة» التي تضم الأحزاب العربية قائلة إنه يبشّر العالم بأنه سيدير نظام أبرتهايد (فصل عنصري) ضد الفلسطينيين ولصالح المستوطنين اليهود. واستخفت وسائل إعلام إسرائيلية بتصريحات نتنياهو أمس، وقدمت شهادات بالصوت والصورة تبين أنه تعهد بالأمور نفسها في السابق ولم يأتِ بجديد.
كذلك دان مسؤولون فلسطينيون تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، فيما اعتبرها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي تصعيداً خطيراً ينسف الأسس التي قامت عليها العملية السلمية، ويدفع المنطقة برمتها نحو العنف وتأجيج الصراع.
وقال نتنياهو في خطاب بثته قنوات التلفزيون الإسرائيلية على الهواء مباشرة: «اليوم أعلن عزمي، بعد تشكيل حكومة جديدة، تطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت». لكن الجديد في تصريحه أمس، هو أنه اعتبر أن هذا التعهد يساعد الرئيس، دونالد ترمب، قبل إعلانه خطة التسوية الأميركية للصراع في الشرق الأوسط، المعروفة باسم «صفقة القرن»، بعد أيام قليلة من الانتخابات الإسرائيلية، أي في خلال الشهر الحالي.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية حذّرت في تصريحات وزعت في رام الله صباح أمس من إمكانية إعلان إسرائيل ضم مناطق من الضفة الغربية ضمن محاولات نتنياهو كسب الأصوات في الانتخابات الوشيكة. وجاء ذلك خلال لقاء أشتية في مكتبه برام الله، القنصل الإسباني العام في القدس اغناسيو غارسيا هولديكاساس، حيث أطلعه على آخر التطورات والمستجدات السياسية الفلسطينية.
وقال أشتية إن «أرض فلسطين ليست جزءاً من الحملة الانتخابية لنتنياهو، وإذا كان يعتقد أنه بضم الكتل الاستيطانية سيربح الأصوات الانتخابية على المدى القريب، فهو وإسرائيل الخاسران على المدى البعيد». وتابع أشتية أن «نتنياهو هو المدمر الرئيسي لعملية السلام، وأي حماقة يرتكبها ستعكس نفسها سلباً عليه محلياً ودولياً».
ودعا أشتية إسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي إلى المسارعة في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لما في ذلك من دعم لحل الدولتين، في ظل المخاطر التي تواجه إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وجاءت تحذيرات أشتية قبل أسبوع من الانتخابات الإسرائيلية وفي ظل تقارير متزايدة حول سعي نتنياهو إلى جلب تأييد أميركي لخطته. وتعهد نتنياهو بداية الشهر الحالي بـ«فرض السيادة اليهودية على جميع المستوطنات» في الضفة الغربية المحتلة، وضمها إلى تخوم إسرائيل بشكل رسمي. وقال نتنياهو إن ما حصل مع مستوطنات «جوش قطيف» في قطاع غزة لن يتكرر، في إشارة إلى رفضه إخلاءها. وقال: «سنفرض السيادة اليهوديّة على جميع المستوطنات كجزء من دولة إسرائيل».
وجاءت تصريحات نتنياهو بعد وقت قصير من تقارير قالت إنه يسعى إلى دعم علني من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب لخطوة فرض السيادة على المستوطنات في الضفة الغربية قبل الانتخابات التي تجري في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي. وتحدث نتنياهو عن الأمر للمرة الأولى خلال حملته الانتخابية في أبريل (نيسان) الماضي. وقال إنه ينوي فرض القانون الإسرائيلي بشكل تدريجي في مستوطنات الضفة الغربية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.