كتاب عن محاولات «سي آي إيه» استغلال رواية «دكتور زيفاغو»

الكاتبة لارا بريسكوت (نيويورك تايمز)  -  عمر الشريف في مشهد من فيلم «دكتور زيفاغو»
الكاتبة لارا بريسكوت (نيويورك تايمز) - عمر الشريف في مشهد من فيلم «دكتور زيفاغو»
TT

كتاب عن محاولات «سي آي إيه» استغلال رواية «دكتور زيفاغو»

الكاتبة لارا بريسكوت (نيويورك تايمز)  -  عمر الشريف في مشهد من فيلم «دكتور زيفاغو»
الكاتبة لارا بريسكوت (نيويورك تايمز) - عمر الشريف في مشهد من فيلم «دكتور زيفاغو»

تعتبر الأحداث الحقيقية التي تضمنتها رواية الكاتبة لارا بريسكوت «الأسرار التي احتفظنا بها» أفضل ما فيها بكل تأكيد. والسبب في ذلك هو أن مهنة حياكة الأحداث الجاسوسية التي طالما احتفظت بها وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) هي مهنة صعبة، خصوصاً إذا جمعت بين رواية روسية قديمة (دكتور زيفاغو) وأجواء المسلسل الأميركي «رجال مجانين»، وهو ما يعد أمراً صعباً. ومع ذلك فقد استطاعت الكاتبة صياغة كل ذلك في قالب قريب الشبه بروايات هيمنغواي.
استندت رواية «الأسرار التي حفظناها» إلى رواية بوريس باسترناك «دكتور زيفاغو» التي قد لا تعرف عنها الكثير، وربما لا تعرف شيئاً عنها باستثناء موسيقى مقدمة الفيلم الذي صور أحداثها، وكيف بدا بطلا الفيلم عمر الشريف وجولي كريستي وسط الثلوج. قلة قليلة تلك التي تدرك مدلول ضمير الفاعل الذي ورد في كلمة «احتفظنا» في عنوان الرواية. إذ إن ضمير «نا» (نحن) لا يشير إلى كاتب الرواية باسترناك وحبيبته أولغا إيفنسكايا التي كانت مصدر إلهام لشخصية لارا في فيلم «زيفاغو»، بل إلى مجموعة كاتبات وكالة «سي آي إيه».
عام 2014، كشفت «سي آي إيه» عن قصة مدهشة حول باسترناك و«دكتور زيفاغو». فبمجرد أن خرج نص الرواية من الاتحاد السوفياتي بناءً على طلب من الناشر الإيطالي المغامر جيانجياكومو فيلترينيلي، شرعت وكالة الاستخبارات الأميركية في عملية لإعادة ترجمتها من الإيطالية إلى الروسية في أصغر نسخة ممكنة، وأرسلتها إلى بلد باسترناك الأصلي. لكن الروس حظروها بسبب تناولها الأوضاع في روسيا في ظل الشيوعية.
بعد ذلك بسنوات، قرأ الرئيس الروسي نيكيتا خروشوف الرواية، وعبر عن استيائه من القرار.
في رواية بريسكوت، كلفت بعض النساء العاملات في «سي آي إيه»، اللاتي سردن جانباً من هذا الرواية - متخفيات خلف ضمير الفاعل «نحن» الذي ورد في كلمة «احتفظنا» - بأداء الكثير من المهام في عملية ترويج الرواية. فقد طُلب من بعضهن استبدال أغلفة نسخ من رواية «زيفاغو» المتربة بأخرى غير ضارة، وإرسالها إلى مستهدفين حول العالم.
كان هناك الكثير من الروايات التي دارت أحداثها عما كشفت عنه «سي آي إيه»، أبرزها «قضية زيفاغو»، منها تلك التي كتبها بيتر فين وبيترا كوف، اللذان توسلا للإفراج عن الوثائق الخاصة بالقصة، لكنها خرجت في صيغة غير روائية. لكن بريسكوت كانت صاحبة أول رواية عن تلك القصة.
بريسكوت مغرمة بإضافة علامات التعجب في نهاية اقتباسات حقيقة، وبإضافة أسماء أصدقائها لكن بعد تغييرها، وكذلك وصف الحفلات الصاخبة والمشاهد البراقة، وهي جميعها أشياء لم تحدث في الاتحاد السوفياتي.
واستهلت بريسكوت الرواية بخطاب طويل كتبته حبيبة باسترناك (أولغا) تصف فيه سيرها الطويل إلى معسكر السجن الذي أودعت به عقاباً على عدم إبلاغها السلطات عن مضمون رواية كتبتها عن الشاعرة بوريا - أحد أكثر الشعراء الروس احتراماً. تذكرنا تلك الافتتاحية بالكتاب الروسي العظماء الذي وصفوا «غولاغ»، معتقل سيبيريا، بطريقة أقوى وأبلغ، وإن كانت بريسكوت أضافت بعداً نسوياً لمحنة أولغا؛ حيث فقدت أولغا طفلها من باسترناك خلال فترة الاعتقال، وظل الزواج قائماً بينهما، إلا أنه رفض أن يمنحها فرصة إنجاب طفل آخر.
يعد الاتجاه النسوي جزءاً لا يتجزأ من ملاحظات العاملات في «سي آي إيه» اللاتي قمن بصياغة أحداث الرواية، وهو ما تجلى في عبارة «نحن لا نبذل قصارى جهدنا في وصف غباء وتعالي المديرين الذكور، وفي الفجوة الكبيرة في المواهب بين هؤلاء السيدات وبين رؤسائهن الذين يعطونهن الأوامر». ومن الواضح أن بريسكوت، التي عملت ذات يوم في الحملة السياسة، تتمتع بإمكانات أقل في رسم الشخصيات الفردية مقارنة بقدرتها الظاهرة في وصف التفكير الجمعي للمرأة. ومن الممتع مشاهدة أفضل هؤلاء النساء يخدعن رؤسائهن، وهي الفترة التي كانت فيها المرأة أكثر عرضة للإيذاء.
إن كتابة بيرسكوت قابلة للنقد، إذ إن رواية بهذا التعقيد لا تخلو من المسؤولية. فهي غنية بالتفاصيل الشيقة، لكنها تفتقر إلى النثر المبدع. ففي وصفها للمرحلة العنيفة في علاقة بطلي الرواية، وفي نقاشهما حول الجريمة والعقاب، من المستحيل معرفة ما إذا كان التلميح الأدبي الروسي متعمداً.
رواية «الأسرار التي احتفظنا بها» في طريقها لتحقيق انتشار واسع، خصوصاً مع دعم شخصيات شهيرة لها مثل الممثلة الأميركية ريس ويذرسبون.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)
ثقافة وفنون «حجر النرد»... حاكماً على التاريخ في الرواية

«حجر النرد»... حاكماً على التاريخ في الرواية

قد يفاجأ القارئ الاعتيادي الذي يقرأ هذا النص السردي الموسوم بـ«وجوه من حجر النرد»، الصادر عام 2024، كونه لا يمت بصلة لفن الرواية الحديثة

فاضل ثامر
ثقافة وفنون أبطال في قبضة واقع مأساوي وأحلام كابوسية

أبطال في قبضة واقع مأساوي وأحلام كابوسية

في مجموعته القصصية «العاقرات يُنجبن أحياناً»، يُجري الكاتب المصري أحمد إيمان زكريا مفاوضات ضمنية بين المُمكن والمستحيل بما يُشبه لعبة الشدّ والجذب

منى أبو النصر (القاهرة)
ثقافة وفنون «ذهب أجسادهن»... قصائد ترصد العالم من منظور أنثوي شفيف

«ذهب أجسادهن»... قصائد ترصد العالم من منظور أنثوي شفيف

في ديوانها الرابع «ذهبُ أجسادهن» الصادر عن دار «كتب» ببيروت، تسعى الشاعرة المغربية عائشة بلحاج إلى رصد العالم من منظور أنثوي شفيف

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أجمل ما يحدُث هو غير المُتوقَّع (مواقع التواصل)

من «لم أَبِع كتاباً» إلى «الأكثر مبيعاً»

أكّدت كاتبة بريطانية طموحة أنّ رؤية روايتها تُصبح من أكثر الكتب مبيعاً بعدما انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كان ذلك أمراً «مثيراً جداً».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.