رئيس {الفيدرالي} يستبعد «ركوداً وشيكاً»

الرئيس الأميركي نادم على اختيار باول

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول (أ.ب)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول (أ.ب)
TT

رئيس {الفيدرالي} يستبعد «ركوداً وشيكاً»

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول (أ.ب)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول (أ.ب)

دافع جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن البنك المركزي الأميركي في مواجهة تلميحات إلى أنه سيستخدم السياسة النقدية للتأثير على نتائج سياسية أو التحرك لاتخاذ إجراءات على أساس اعتبارات سياسية.
ومتحدثا في جامعة زيوريخ السويسرية مساء الجمعة، قال بأول: «العوامل السياسية لا تلعب أي دور على الإطلاق في عمليتنا، وزملائي وأنا لن نسمح بأي محاولة‭ ‬لإدراجها في عمليتنا لصنع القرار أو مناقشاتنا».
وكان باول يرد على مقال للرأي من عضو سابق باللجنة صانعة السياسة بمجلس الاحتياطي يجادل بأنه ينبغي لمجلس الفيدرالي أن يرفض «مسايرة» الأولويات التجارية للرئيس دونالد ترمب بخفض أسعار الفائدة ويجب عليه أن يأخذ في الاعتبار نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في صنع قرارات الفائدة. وقال باول إن المجلس يساعد في استمرار وقوف الاقتصاد الأميركي على أرض صلبة في ظل حالة الغموض الناتجة عن حرب الرئيس ترمب التجارية مع الصين. وموضحا أنه رغم الغموض الناجم عن الحرب التجارية، فإن مجلس الفيدرالي لا يتوقع حاليا حدوث ركود، مشيرا إلى استمرار الأداء القوي لسوق العمل والإنفاق الاستهلاكي. وأضاف باول: «لا نتوقع أي ركود.. النظرة المستقبلية الأقوى احتمالا، ما زالت تشير إلى نمو معتدل، مع استمرار سوق العمل القوية وارتفاع معدل التضخم»، مؤكدا أن المجلس سيتصرف «بالشكل المناسب» للمحافظة على نمو الاقتصاد.
وأكد باول أن البنك المركزي الأميركي سيواصل التحرك «بالطريقة المناسبة» لدعم نمو اقتصادي هو الآن في عامه الحادي عشر، مكررا تعهدا اعتبرته الأسواق المالية إشارة إلى مزيد من الخفض لأسعار الفائدة.
وتابع باول: «واجبنا هو أن نستخدم أدواتنا لدعم الاقتصاد وذلك ما سنواصل عمله». وخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في يوليو (تموز) الماضي، فيما وصفه باول بأنه «تحرك وقائي» وسط تزايد الشكوك بشأن سياسات التجارة وتباطؤ عالمي. ومنذ ذلك الحين تزايدت الشكوك التجارية مع قيام كل من واشنطن وبكين بفرض رسوم جمركية على واردات من الطرف الآخر في وقت سابق الأسبوع الماضي، لكنهما اتفقتا على عقد محادثات على مستوى عال في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتعليقا على بيانات الوظائف الأميركية التي أصدرتها وزارة العمل الجمعة، وأشارت إلى نمو عدد الوظائف الأميركية بأقل من المتوقع، قال باول إن بيانات الوظائف تشير إلى أن سوق العمل ما زالت قوية على الهامش، بحسب وكالة بلومبرغ.
وأظهرت بيانات وزارة العمل نمو عدد الوظائف في الولايات المتحدة خلال أغسطس (آب) الماضي، بأقل من التوقعات وهو ما يعزز احتمالات إقدام مجلس الفيدرالي على خفض جديد للفائدة للمرة الثانية على التوالي.
وذكرت الوزارة أن عدد الوظائف في القطاع الخاص ارتفع خلال الشهر الماضي بمقدار 96 ألف وظيفة، وهو أقل عدد منذ ثلاثة أشهر، في حين كان عدد الوظائف في الشهر السابق 131 ألف وظيفة وفقا للبيانات المعدلة. وأشارت بلومبرغ إلى أن المحللين كانوا يتوقعون ارتفاع عدد الوظائف بمقدار 150 ألف وظيفة.
في الوقت نفسه، ذكرت وزارة العمل أن إجمالي عدد الوظائف الجديدة في مختلف قطاعات الاقتصاد الأميركي غير الزراعية بلغ 130 ألف وظيفة، وهو ما جاء أقل من التوقعات.
واستقر معدل البطالة خلال الشهر الماضي عند مستوى 3.7 في المائة، وهو قريب من أقل مستوى له منذ نحو نصف قرن. في الوقت نفسه زادت متوسط أجر الساعة في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي بنسبة 3.2 في المائة سنويا وهو ما يتجاوز التوقعات، بعد زيادته بنسبة 0.4 في المائة خلال الشهر السابق. وبحسب بلومبرغ فإن تباطؤ وتيرة نمو الوظائف يمكن أن يهدد المحرك الرئيسي للاقتصاد الأميركي وهو الإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي يهدد نمو الاقتصاد الأميركي مع اقتراب دخول الرئيس ترمب معركة الانتخابات للفوز بولاية ثانية في العام المقبل.
ويذكر أن نمو الاقتصاد الأميركي أصبح يعتمد بصورة متزايدة على النمو المطرد للوظائف والذي يؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي للأميركيين. وقد تزايدت المخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي دائرة الركود بسبب ضعف أداء قطاع التصنيع، كنتيجة جزئية للحرب التجارية مع الصين وتراجع الطلب العالمي على خلفية تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.
وفي غضون ذلك، أعرب الرئيس الأميركي مجددا عن أسفه لتعيين جيروم باول رئيسا للاحتياطي الفيدرالي في تغريدة شديدة اللهجة الجمعة. وتساءل: «أين وجدت هذا الرجل جيروم؟ لا يمكن دائما اختيار الشخص الصائب». وقال: «إنني موافق مع جيم كرامر (شخصية معروفة في قناة سي إن بي سي المالية)، أنه ينبغي على البنك المركزي الأميركي خفض الفوائد».
ويتوقع أن تجتمع اللجنة النقدية في 17 و18 سبتمبر (أيلول) الجاري لاتخاذ قرار. وانتقد ترمب البنك المركزي لرفعه نهاية 2018 معدلات الفائدة بسرعة كبيرة ما ساهم في تعزيز الدولار ما يؤثر على الصادرات الأميركية في حربها التجارية مع الصين.
وأضاف أن سياسة الفيدرالي مسؤولة كليا عن التباطؤ الاقتصادي الأميركي، رافعا المسؤولية عن سياساته التجارية التي ينتقدها الكثير من خبراء الاقتصاد.
ومنذ مطلع العام يدعو ترمب الفيدرالي لخفض معدلات الفائدة بشكل كبير. وهجمات ترمب العنيفة على البنك المركزي الأميركي تتناقض مع تقليد استقلال هذه المؤسسة المالية. وفي 24 أغسطس أعلن ترمب أنه لن يمنع باول من الاستقالة. وحتى الآن لم يرد باول مباشرة على انتقادات الرئيس مكتفيا بالتأكيد أنه ينوي إنهاء ولايته.


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط في 2023. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.