مخاوف في الأمم المتحدة من تفكك مظلة الحماية الدولية للبنان

مشروع بيان فرنسي يطالب بضبط النفس... وواشنطن تعده مساوياً بين إسرائيل و«حزب الله»

TT

مخاوف في الأمم المتحدة من تفكك مظلة الحماية الدولية للبنان

عبّر دبلوماسيون في الأمم المتحدة عن «مخاوف» من تزايد الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن حيال ملف لبنان، مما ينذر بـ«تفكك» ما عده كثيرون «مظلة الحماية الدولية» التي ساهمت خلال نحو عقد في توفير استقرار نسبي للبلاد، رغم الأوضاع الداخلية الهشة، وما جلبه النزاع السوري والتوترات الإقليمية.
وظهرت هذه المخاوف في وقت واجهت فيه الدبلوماسية الفرنسية صعوبات أمام إصدار بيان من مجلس الأمن يعبر عن «القلق البالغ» من الانتهاكات الأخيرة عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، مع التنديد بـ«كل الانتهاكات للخط الأزرق، أكانت من الجو أو من البر». وتركزت الجهود الدولية خلال الأيام الماضية من أجل «الحيلولة دون تفكك الإجماع الدولي على حماية استقرار لبنان بسبب تصاعد التوترات الإقليمية والدولية»، طبقاً لما قاله أحد الدبلوماسيين لـ«الشرق الأوسط»، في إشارة إلى استهداف إسرائيل للمتحالفين مع إيران في المنطقة، ومنهم «حزب الله».
ونص مشروع البيان الذي أعدته فرنسا، بصفتها الدولة الراعية للشؤون اللبنانية في مجلس الأمن، وعارضته الولايات المتحدة، على أن أعضاء المجلس «يعبرون عن قلقهم البالغ من الحوادث الأخيرة التي وقعت عبر الخط الأزرق». ويحض المشروع «كل الأطراف على ممارسة الحد الأقصى من الهدوء وضبط النفس»، مع «الامتناع عن أي عمل أو تصريح يمكن أن يعرض للخطر وقف الأعمال العدائية، والسعي المسؤول إلى خفض التصعيد فوراً». ويندد بـ«كل الانتهاكات للخط الأزرق، أكانت من الجو أو من البر، ويطالب بشدة كل الأطراف باحترام وقف الأعمال العدائية». وإذ يشدد الأعضاء على «دعمهم القوي لسلامة أراضي لبنان، وسيادته واستقلاله السياسي، طبقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة»، يرحبون بإصدار القرار 2485 الذي جدد تفويض «اليونيفيل»، ويحضون كل الأطراف على «احترامه وتطبيقه، مع غيره من القرارات السابقة التي أصدرها مجلس الأمن، بما فيها القراران 1559 و1701، والبيانات الرئاسية حول الوضع في لبنان»، ويحضون كل الأطراف على «التقيد الحاسم بواجب احترام سلامة (عناصر) اليونيفيل، وغيرهم من العاملين لدى الأمم المتحدة»، مع «الاحترام التام لضمان حرية حركة القوة المؤقتة، وعدم عرقلتها، طبقاً للتفويض الممنوح لها، وقواعد الاشتباك الخاصة بها».
وفيما بدا الجانب اللبناني قليل الحيلة حيال المفاوضات الجارية بين الدول الكبرى، جاءت الجهود الإضافية من باريس، بعدما أصرت واشنطن على إدخال تعديلات على هذا المشروع تنص على «التعبير عن القلق الشديد» من العملية العسكرية التي نفذها «حزب الله» المدعوم من إيران ضد أهداف عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي عند مستعمرة أفيفيم على الحدود مع لبنان، فضلاً عن فقرة أخرى تطالب الحكومة اللبنانية بتنفيذ التزاماتها لمنع دخول المسلحين والأسلحة غير المشروعة إلى منطقة عمليات «اليونيفيل» بين نهر الليطاني والخط الأزرق.
وقام الجانب الأميركي بحملة علاقات عامة، متذرعاً بأن مشروع البيان الفرنسي «يضع على قدم المساواة إسرائيل من جهة التي (...) تدافع عن نفسها، و(حزب الله) الذي تعده (واشنطن) منظمة إرهابية من جهة أخرى».
ورفض عدد كبير من أعضاء المجلس التعديلات الأميركية المقترحة لأنها «تفقد المشروع الفرنسي توازنه»، وفقاً لما قاله دبلوماسي في المجلس لـ«الشرق الأوسط».
ودخلت بريطانيا على خط الجهود الدبلوماسية، في محاولة لإيجاد حل وسط «يسمح لمجلس الأمن بالتعبير عن دعمه لسلامة أراضي لبنان وسيادته»، في إشارة تعكس اهتماماً في المجلس بتقديم الدعم للبنان.
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول التوترات عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل، وعن سبب عدم قيام روسيا بأي عمل ملحوظ لمنع الهجمات الإسرائيلية، قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إنه بعد الحادث الذي وقع أخيراً عبر الحدود «ظهرت تصريحات تفيد أن هذه الحلقة انتهت»، آملاً في أن «يجري الحفاظ على الاستقرار في لبنان»، لأن ذلك «بالغ الأهمية بالنسبة إلى الشرق الأوسط».
وأضاف: «نحن لا نتحكم في المجال الجوي اللبناني، ولا نحن الضامنون له. ليس لدينا أي ترتيبات لمنع حصول هذه الأمور». وإذ بدا غير واثق من مصير مشروع البيان الذي اقترحته فرنسا لمنع وقوع المزيد من الأعمال العدائية، أكد أن مجلس الأمن «يراقب بالتأكيد ما يجري في كل أنحاء لبنان»، وشدد على أن «ما حصل في لبنان لا يساهم في الاستقرار في الشرق الأوسط»، معتبراً أن «هذا مؤسف للغاية».
وقال: «أنا متأكد من أنه لا يوجد أحد مهتم بتكرار الأحداث المؤسفة التي وقعت بعد عام 2000»، وحذر من أنه «إذا اشتعلت النيران، يمكن أن تصب الزيت على النار المشتعلة فعلاً في الشرق الأوسط. نود تجنب ذلك، ومنع أي تصعيد لذلك الصراع».
وأفاد دبلوماسي غربي، طلب عدم نشر اسمه، بأن «هناك معادلة تقضي بصون السيادة اللبنانية، والحفاظ على الأمن الإسرائيلي»، داعياً الطرفين إلى «ضبط النفس» لأن «النزاع ليس في مصلحة أحد. لذلك من الضروري أن نتجنبه». وذكر بمفهوم كان سارياً خلال الحرب الباردة، وهو أن «وقوع كارثة نووية كان يستوجب ارتكاب ثلاثة أخطاء في الحسابات»، معتبراً أن هذا «يصح أيضاً بالنسبة إلى إسرائيل (...) تحتاج الحرب إلى ثلاثة حسابات خاطئة». ورأى أنه قبل الهجوم الأخير لـ«حزب الله» عبر الخط الأزرق «كنا نعتقد أننا على مسافة نحو خطأ ونصف في الحسابات»، مما يعني أن المسافة باتت الآن أقصر بكثير، داعياً الجميع إلى «التراجع عن الأماكن التي توصل إلى الحرب بطريق الخطأ».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.