بعد مسرحية «العابر»، التي اشتغل مخرجها المغربي أيوب العياسي على ديوان «دفتر العابر» (2012)، وبعد أن سبق للفنانة المغربية لطيفة أحرار أن اشتغلت، في عملها المونودرامي «كفر ناعوم... أوتو صراط» على ديوان «رصيف القيامة» (2003)، والمسرحية الإيطالية لورا فيلياني على قصيدة «في الطريق إلى عام ألفين»، وهي قصيدة من الديوان نفسه استلهمت منها عملا مونودراميا أدت بطولته الممثلة والراقصة الإيطالية سابينا سيزاروني، كانت فيه القصيدة دليل سفر الممثلة وبوصلة المخرجة، كان الموعد هذه الأيام مع عمل مسرحي جديد يقوم على عمل إبداعي آخر للكاتب المغربي ياسين عدنان.
وهكذا، فبعد تحويل نصوص شعرية إلى أعمال مسرحية، شكلت اختبارا لجميع الأطراف التي تساهم في هذه العملية: اختبار للمسرحي ولمدى قدرته على النفاذ إلى الجوهر، وامتحان للقصيدة ولمدى إشعاعها خارج اللغة، كان الموعد، بكل من القنيطرة الدار البيضاء والرباط، مع عروض لمسرحية «النمْس»، لفرقة «المسرح المفتوح»، من تأليف السيناريست والكاتب المسرحي عبد الإله بنهدار عن رواية «هوت ماروك» (2016) لياسين عدنان، وإعداد وإخراج الفنان أمين ناسور، وسينوغرافيا طارق الربح، وأداء عبد الله ديدان وعبد الله شيشة وحسن مكيات وهاجر الشركي ومونية المكيمل.
وتتناول المسرحية موضوعا راهنا هو العالم الافتراضي، ارتكزت فيه على التراث المغربي سواء في فن الحلقة، أو الموسيقى المغربية الأصيلة والمتنوعة، فضلا عن الابتكار على مستوى السينوغرافيا والإخراج وغيرها من مكونات العرض المسرحي.
ويركز العمل المسرحي الجديد على شخصية رحال العوينة، بطل رواية «هوت ماروك»، الذي يحمل لقب «النمْس» في المسرحية. يتعلق الأمر، كما جاء في تقديم العمل المسرحي، بـ«شخصية تعيش انفصاما داخليا، وصراعا مع الذات منذ الطفولة في الأحياء الشعبية التي نما وترعرع فيها مع أقرانه، مرورا بسنوات الجامعة وحصوله على شهادة الإجازة، إذ سيجد نفسه بعد ذلك عاطلا عن العمل، ليعمل في مقهى إنترنت، وعبره يريد أن ينتصر في معاركه التي كان دائما منهزما فيها على أرض الواقع. نعم! سيجد (النمس) في الشبكة العنكبوتية - الإنترنت متنفسا يُفرغ فيها كل مكبوتاته تحت اسم مستعار، وكذلك الشخصيات المحيطة به. كل ذلك يجري في قالب مسرحي كوميدي اختار له معده ومخرجه ومن معه في هذا العرض المسرحي أن يكون مستوحى من فن الحلقة لكن برؤية معاصرة».
حاولَتْ مسرحية «النمْس» استلهام بعض شخوص وأجواء رواية «هوت ماروك»، فيما «نمْسُ» المسرحية اسمُه رحّال العوينة، وفيه بعض من ملامح سنجاب «هوت ماروك»، الرواية التي يحسب لها ذلك التنقل الطريف بين البشر والحيوان في رواية لكل من شخصياتها الأساسية قرين حيواني: «كوميديا حيوانية» أبطالها أناس من لحم ودم ومشاعر وأحقاد. لذلك، نقرأ على ظهر غلافها: «لا يمكن لبجعة أن تُنجب سنجابا من سرعوف. هذا قانون الطبيعة، وهو بالبداهة يمشي وفق نسقٍ واضح. لكن، من قال إن مصائر بني البشر تُوافِق نواميس الطبيعة؟ وهل رحال سنجاب فعلاً، أم لعله جرذ يتنكر في ذيل سنجاب؟ ومع ذلك فالرواية عن البشر لا الحيوانات».
لكن «هوت ماروك»، التي هي رواية معاصرة تتكئ على شخصيات طريفة تسبر الرواية أغوارها النفسية، ترصد محيطها الاجتماعي، وترسم ملامحها الإشكالية بطريقة فنية، هي أيضا «كوميديا إلكترونية»، ما دام جزء من مغامراتها وأحداثها يدور بين خيوط الشبكة العنكبوتية، على «فيسبوك» أساسا، لكن، أيضًا، من خلال موقع «هوت ماروك» الإخباري الإلكتروني.
مسرحية «النمْس»... فن «الحلقة» برؤية معاصرة
استلهمت بعض شخوص وأجواء رواية «هوت ماروك» لياسين عدنان
مسرحية «النمْس»... فن «الحلقة» برؤية معاصرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة