مصر تستعد لافتتاح «قصر يوسف كمال» الأثري في صعيد البلاد

يضم مشربيات نادرة ونقوشاً وخضع لعمليات ترميم موسعة

قصر الأمير يوسف كمال بمدينة نجع حمادي تحفة معمارية فريدة بجنوب مصر
قصر الأمير يوسف كمال بمدينة نجع حمادي تحفة معمارية فريدة بجنوب مصر
TT

مصر تستعد لافتتاح «قصر يوسف كمال» الأثري في صعيد البلاد

قصر الأمير يوسف كمال بمدينة نجع حمادي تحفة معمارية فريدة بجنوب مصر
قصر الأمير يوسف كمال بمدينة نجع حمادي تحفة معمارية فريدة بجنوب مصر

تستعد وزارة الآثار المصرية لافتتاح قصر الأمير يوسف كمال، الأثري بمدينة نجع حمادي بمحافظة قنا (650 كم جنوب القاهرة)، وتحويله إلى مزار سياحي مميز يحكي تاريخ حقبة مهمة من تاريخ العمارة والفنون المصرية عبر إبراز تحفه ومقتنياته النادرة، وذلك بعد قرب إنهاء مشروع ترميم وتطوير القصر الأثري ذي الطراز المعماري المميز، ومن المتوقع افتتاح القصر نهاية الشهر الجاري وفقاً لمسؤولي وزارة الآثار.
أعمال الترميم التي تكلفت نحو 10 ملايين جنيه (الدولار الأميركي يعادل 16.5 جنيه مصري) شملت تدعيماً إنشائياً لكل جدران القصر، وتحديث شبكات أجهزة الإنذار، وكاميرات المراقبة، بالإضافة إلى ترميم مبنى «السلاملك» و«السبيل» و«قاعة الطعام» والمطبخ و«الفسقية» بجانب تنسيق الحديقة والموقع العام للقصر، والمعالم الأثرية والتراثية به، وفقاً للواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا.
وتُجرى دراسة عرض مجموعة من التحف والمقتنيات الأثرية، داخل فتارين تتناسب مع الطراز المعماري للقصر مع توفير حراسة أمنية للحفاظ على التحف المعروضة.
وقال محمد حسن مدير عام الآثار الإسلامية بمحافظة قنا، لـ«الشرق الأوسط»: إن «قصر الأمير يوسف كمال من أهم قصور مصر، خصوصاً في جنوب مصر، لتمتعه بموقع رائع على نهر النيل وطرازه المعماري الفريد». وأضاف أن «كمال كان ولِعاً بالطرز المعمارية الرائعة، ومن أبرز رجال الأسرة العلوية المحبين للفنون والعمارة، وجمع التحف والأنتيكات من دول عدة».
قصر الأمير يوسف كمال، بمدينة نجع حمادي أنشئ عام 1908، بإشراف مهندس القصور المعمارية أنطونيو لاشياك، وهو من أشهر المعماريين الذين قدموا إلى مصر في نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، وتم تسجيل القصر كأثر إسلامي عام ‏1988، ويتكون من 9 وحدات معمارية فريدة، أقيمت في البداية على مساحة ‏10‏ أفدنة، لكنها تقلصت حالياً مع مرور السنين، بعدما تم اقتطاع أجزاء من القصر لإنشاء مبانٍ حكومية ومصالح خدمية لمواطني المدينة.
وتضم الوحدات المعمارية للقصر «قصر السلاملك، والقصر، وقاعة الطعام، والمطبخ، والفسقية، وضريح الشيخ عمران، والمئذنة، وقاعة الدرس، والسبيل»، وتعد وحدات القصر التسع مزيجاً من الطرازين الأوروبي والإسلامي.
وللقصر أربع واجهات خزفية، تطل الواجهة الشمالية الشرقية الرئيسية على النيل مباشرةً ويتقدمها سلّم رخاميّ مزدوج يؤدي إلى سقيفة أمامية، أما الواجهة الشمالية الغربية فتتخللها مجموعة من الشرفات الرخامية. فيما يتكون القصر من الداخل من دورين وبدروم ودور مسحور وسطح، ومن أجمل ما يوجد في القصر «أسانسير خشبي صنعه الأمير خصيصاً لوالدته المريضة بالقلب»، وتحتل قاعة الطعام الجنوب الغربي من السلاملك، ولها 4 واجهات خزفية.
الأمير يوسف كمال، مؤسس مدرسة الفنون الجميلة في عام 1905 وجمعية محبي الفنون الجميلة عام 1924، قام ببناء 3 قصور في القاهرة والإسكندرية ونجع حمادي على الطراز الأوروبي الممتزج بالعمارة الشرقية، وأسهم في تنمية عدد كبير من القرى المصرية في صعيد مصر، وأدخل بعض التقنيات الزراعية الحديثة في منطقة نجع حمادي، وبعد ثورة يوليو (تموز) 1952 غادر مصر وأقام في أوروبا حتى توفي في مدينة أستروبل بالنمسا عام 1969م.
يشار إلى أن وزارة الآثار المصرية تسلمت أخيراً أحد مباني القصر لترميمه بعدما كان يستأجره أحد المواطنين بالمدينة بمبلغ جنيه واحد منذ ستينات القرن الماضي، كما سلم مبنى الإصلاح الزراعي 500 تحفة فنية كانت موجودة في مقره بعد بدء عمليات الترميم.
وتعد مدينة نجع حمادي التي تحتضن القصر من أشهر وأكبر مدن محافظة قنا وجنوب مصر، نظراً إلى وجود مجمع كبير لصناعة الألمنيوم ومصنع للسكر بها، بجانب القناطر التاريخية التي مر على إنشائها ما يقرب من 100 عام.
Summary



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».