موسكو تركز على تعزيز «الجاهزية القتالية» لقاعدتي طرطوس واللاذقية غرب سوريا

TT

موسكو تركز على تعزيز «الجاهزية القتالية» لقاعدتي طرطوس واللاذقية غرب سوريا

حدد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أولويات المؤسسة العسكرية الروسية في سوريا، وقال إن وزارته تركز حاليا على تعزيز حماية البنى التحتية في قاعدة «حميميم» الجوية قرب اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية. ولفت إلى أن المهمة الأساسية المطروحة تتمثل في «الحفاظ على جهوزية الأسلحة والمعدات فيهما». وكشف الوزير الروسي خلال اجتماع للقيادة العسكرية عقد أمس، في موسكو عن تدابير تقوم بها موسكو لتعزيز القدرات القتالية في القاعدتين، وزاد أنه «يتم حاليا في قاعدة حميميم توفير كل ما هو ضروري للطيران الحربي، كما يشهد ميناء طرطوس استمرار تجهيز منشآت خدمة وصيانة سفن الأسطول البحري الروسي».
وأوضح أن موسكو «تولي حاليا أولوية خاصة لمهام ضمان أمن وسلامة الأسلحة والمعدات الخاصة التابعة للقوات الروسية هناك (في سوريا)، وللحفاظ على جهوزيتها القتالية».
وأشار الوزير إلى أن جهود تعزيز البنى التحتية للقاعدتين تأخذ في الاعتبار «مختلف العوامل السلبية المحتملة، ابتداء من الظروف الجوية وانتهاء بالهجمات الإرهابية المباغتة»، من دون أن يوضح تفاصيل أكثر، خصوصا أن روسيا كانت أعلنت أكثر من مرة خلال الشهور الماضية أن انتهاء العمليات القتالية النشطة في سوريا، وقالت بأنها تعمل على تقليص الوجود العسكري في سوريا مع الإبقاء على «الحجم الذي تحتاجه لضمان أمن قواتها العسكرية العاملة في سوريا». وكانت قاعدة «حميميم» تعرضت للعديد من الهجمات بالقذائف والطائرات المسيرة خلال الشهور الأخيرة. لكن هذه أول مرة تعلن فيها موسكو عن تدابير إضافية لتعزيز القدرات القتالية في «حميميم» وفي القاعدة البحرية الروسية في طرطوس.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن «الخبرة المكتسبة في سوريا في عمليات مواجهة هجمات ضخمة باستخدام الطائرات المسيرة ستكون أحد الموضوعات الرئيسية المطروحة للنقاش خلال اجتماعات مسؤولي الدفاع الجوي في بلدان رابطة الدول المستقلة».
وأفاد بيان أصدرته الوزارة أن الاجتماعات التي بدأت أمس، في مدينة أستراخان (الروسية) سوف تكرس لمناقشة آليات تعزيز قدرات مواجهة التهديدات الحديثة، و«سيكون على رأس لائحة الاهتمام تجربة صد هجمات ضخمة بالطائرات المسيرة، خلال إجراءات القوات الروسية ضد الإرهابيين في سوريا». وسوف تقدم لجنة الدفاع المشتركة لبلدان الرابطة التي تضم وفودا من وزارات الدفاع في أرمينيا وبيلاروس وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان تلخيصا لعملها في النصف الأول من عام 2019. بالإضافة إلى مناقشة التدريب العملي والقتالي المشترك لنظام الدفاع الجوي المتكامل لرابطة الدول المستقلة في عام 2020. على صعيد آخر، أفاد بيان أصدرته وزارة الدفاع الروسية أول من أمس، أن الضربة الجوية التي نفذها الجيش الأميركي في منطقة وقف التصعيد في إدلب قبل أيام جرت من دون إبلاغ الجانبين الروسي والتركي بها، و«عرضت نظام وقف إطلاق النار هناك للخطر». وأشار المركز الروسي للمصالحة في سوريا إلى أن «الولايات المتحدة انتهكت كل التفاهمات والاتفاقات السابقة عبر توجيه الضربة من دون إخطار الجانب الروسي أو التركي». وأضاف أن الضربة التي استهدفت بعد ظهر أمس السبت منطقة بين بلدتي معرة مصرين وكفريا شمالي مدينة إدلب، خلفت «دمارا وعددا كبيرا من الضحايا». ونددت وزارة الخارجية الروسية من جانبها بالضربة الأميركية، وأفادت في بيان أنه «من ناحية، يطالب ممثلو الولايات المتحدة على جميع المنابر، بما في ذلك الأمم المتحدة، بوقف تصاعد التوتر في إدلب، ويحاولون إثارة المشاعر على معاناة السكان المدنيين، ويتجاهل الأميركيون الحشد الضخم غير المسبوق للإرهابيين. ومن ناحية أخرى، يوجه الأميركيون ضربات جوية تسبب دمارا كبيرا وسقوط عدد كبير من الضحايا».
وسألت الخارجية أن «كل ذلك يثير سؤالا: بماذا تتميز القنابل الأميركية عن القنابل الروسية؟ ولماذا الأهداف الإرهابية التي يقصفها الأميركيون تغدو مشروعة أكثر من مواقع المسلحين الذين قضى عليهم الجيش السوري بدعم من الطائرات الحربية الروسية؟». وأعربت الخارجية الروسية عن أملها «في أن يأخذ موظفو الأمم المتحدة العاملون في المجال الإنساني بالاعتبار كل عواقب العملية الأميركية في إدلب، عند إعداد تقاريرهم، وأن يبلغوا أعضاء مجلس الأمن الدولي على الفور بعواقبها على المدنيين والبنية التحتية المدنية ومدى مراعاتها لمعايير القانون الدولي الإنساني».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم